بقلم: مايا التلاوي
تصاعدت حدّة المواجهة في الإقليم وتحركت الآلة العسكرية مُجدداً ضمن استراتيجيةِ الضغوطِ القصوى التي تبنتها الإدارةُ الأمريكيةُ والكيانِ الإسرائيلي .
جاء القرارُ السياسي من البيت الأبيض بضربِ العراقِ وإخراجهِ من منظومةِ محورِ المقاومة لتحويل مساره عن أهدافه المشروعة في مقاومة المُحتل وممارسةِ الضغط على إيران لتفكيك دول المنطقة واستغلال مُقدارتها .
ما الدورُ الذي لعبتهُ الإدارةُ الأمريكيةُ في أحداثِ العراق ولبنان؟ ولماذا أقدمت على اغتيال الجنرال قاسم سُليماني وتبنت العملية التي تكون في أغلب الأحيان مجهولة هوية الفاعل ؟
دفعت الولايات المتحدة الأمريكية بالأحداثِ التي تجري في المنطقة إلى حافةِ الهاويةِ مُتجاهلة النتائج، وأقدمت على إعادة نشر الفوضى في العراق ولبنان من خلال تقويضِ دور الحكومات وزعزعةِ أمنِ واستقرارِ البلدين ، بالتزامنِ مع تنفيذ مخططاتٍ استعماريةٍ هدامةٍ هدفُها إعادة تموضع الفصائل الجهادية في سورية والعراق من جديد للإبقاء على قواتها بذريعة مُحاربة داعش ، فكان للعراق النصيب الأكبر في إشعالِ فتيل المظاهرات وانتقال الحِراك الشعبي إلى مواجهة مُباشرة بين قوات الأمن والمُتظاهرين بعد ذلك نُفذت عدّة هجمات صاروخية بالقربِ من مواقع عسكرية أمريكية في بغداد لإتهام إيران بما يجري وتحويل المسار إلى حرب إنابة بين طهران وواشنطن على الأراضي العراقية .
تعرضَ الجنرال قاسم سُليماني لمحاولات اغتيال مُتكررة كان آخرها ماجرى في أكتوبر الماضي بعد أن دفعت الاستخبارات الإسرائيلية والأمريكية وبعض الجهات العربية إلى محاولة اغتيالهِ في محافظة كرمان جنوب شرق البلاد خلال إحياء ذكرى عاشوراء لكن باءت المحاولة بالفشل فكانَ على موعد مع الشهادة في بغداد والتي كان تواقاً لنيلها .
لطالما كان الجنرال قاسم سُليماني مصدر الخوف والقلق للعدو الإسرائيلي بعد أن قادَ عمليات تحرير عدّة مناطق في سورية والعراق من الفصائل الجهادية مما دفع الإدارة الأمريكية إلى إدراجه على قائمةِ الإرهاب لتبرير اغتياله أمام الرأي العام الأمريكي والعالمي .
سارعت طهران إلى تصعيد اللهجة ضد واشنطن وتوعدت بالرد الحاسم على حساباتها الخاطئة وأصدر المجلسُ الأعلى للأمن القومي الإيراني بياناً جاء فيه بعض النقاط التي قمنا بتحليلها في ضوء ماجرى:
جاء في البيان حديثُ طهران عن أن أمريكا ارتكبت خطأً استراتيجياً في ( غرب آسيا )
أعتقد أنها وضعت نفسها مكافىء للصين في غرب آسيا بعد المناورات العسكرية الثلاثية التي جرت بين روسيا والصين وإيران في خليج عُمان في ظل التوتر الحاصل مع واشنطن في رسالة واضحة للإدارة الأمريكية أن قواعد الجيوبوليتيك قد تغيرت في المنطقة .
كما جاء في البيان” فإن انتقاماً شديداً سيكون بانتظار الجُناة الذين تلطخت أيديهم بدماء اللواء قاسم سُليماني ” .
هنا يؤكد ماذُكر سابقاً أن هُناك استخبارات عربية من دول مجاورة شاركت في عملية الاغتيال .
الخيارات الإيرانية للرد على التصعيد الأمريكي في الأيام القادمة :
من المُتوقع أن تقوم طهران بدفع المقاومة الفلسطينية في غزة إلى توجيه ضربة عسكرية ضد أهداف عسكرية ومدنية للكيان الإسرائيلي داخل الأراضي المُحتلة .
إحداث خلل أمني ضد المصالح الاقتصادية الأمريكية في مضيق هرمز .
استهداف مواقع عسكرية أمريكية ضمن الأراضي العراقية لكنها لن تصل إلى مواجهة عسكرية مُباشرة .
تداعيات اغتيال الجنرال قاسم سُليماني
تُعتبر محاولة اغتيال الجنرال بمثابة إعلان حرب على طهران من قِبل الولايات المتحدة الأمريكية الأمر الذي يُعرض أمن المنطقة لخطر جسيم في حال التسرع في اتخاذ قرار الرد
تعمدت طهران كسب الوقت للضغط على الطرف الآخر ودخوله في صراع تقدير الموقف .
التصعيد العسكري الذي بدأت به الولايات المتحدة الأمريكية سُيقابل بالرد المُماثل وسينقل الواقع إلى مُنازلة في الإقليم
في حال تكررت حرب الاغتيالات فإن عواقب السياسة الأمريكية الخاطئة ستجعل من العراق ساحة المواجهة المُباشرة بينها وبين إيران وستغير من قواعد الاشتباك في المنطقة التي تتموضع على صفيح ساخن .
كاتبة وباحثة سياسية سورية