أحمد محمد
المهام العسكرية الخطيرة لم يكن أبطالها فقط من البشر دومًا، فأحيانًا كلاب الجيش تستطيع تنفيذ ما يعجز عنه البشر، هذا ما تُظهره قصص خمسة من كلاب الجيش، شاركت في عدد من أبزر العمليات العسكرية في التاريخ، أحد كلاب الجيش هؤلاء التقى بثلاث رؤساء، وآخر كرّمته مجلة «تايم»، وثالث التقط القنبلة في فمه ليبعدها عن الجنود في شجاعة فريدة قد تصعب كثيرًا على بني البشر.
هكذا احتفى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بمشاركة أحد كلاب الجيش في عملية قتل البغدادي، التي نفذتها القوات الأمريكية في سوريا السبت الماضي، وقال ترامب: إن الكلب شارك في ملاحقة البغدادي ودخل بالفعل النفق الذي كان فيه البغدادي، قبل أن يفجر البغدادي نفسه بحزام ناسف، ليُصاب الكلب في العملية بإصابات طفيفة، وأشاد ترامب بالكلب وقال إنه عمل عملًا عظيمًا في العملية، واصفًا إياه بـ«جميل ولطيف وموهوب».
ومع نشر ترامب صورة للكلب يوم الاثنثن الماضي، فإنه لم يُفصح عن اسم الكلب، ورفض أيضًا الجنرال مارك ميلي رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة الإدلاء بأي معلومات عن الكلب، لافتًا إلى أنه ما يزال في مسرح العمليات، وقال ميلي في مؤتمر صحافي لوزارة الدفاع الأمريكية: «لن نكشف عن اسم الكلب في الوقت الحالي. ما يزال الكلب في مسرح العمليات… الكلب الذي يعمل في الجيش، أدى مهمة هائلة مثلما يفعل الجميع في مختلف المواقف».
«كايرو».. شارك في قتل بن لادن وكرّمته مجلة «تايم»
«كايرو» هذا اسم لكلب شارك في واحدة من أكبر عمليات الاغتيال في تاريخ أمريكا الحديث، فكايرو كان الكلب الوحيد المشارك في عملية اغتيال أسامة بن لادن قائد تنظيم «القاعدة» في باكستان، وهي عملية «نيبتون سبير» التى نفّذها 80 من قوات الكوماندوز الأمريكي في مايو (أيار) 2011، وانتهت بقتل زعيم تنظيم «القاعدة» حينها أسامة بن لادن.
ولعب الكلب كايرو دورًا فعالًا ومهمًّا في العملية؛ إذ تمثل دور الكلب في مساعدة القوات الأمريكية على تطهير المباني من الألغام ، واستنشاق القنابل والمتفجرات، والبحث عن جدران مزيفة أو أبواب مخفية يمكن أن يختبئ فيها ابن لادن، وكذلك كُلف الكلب بتأمين المحيط الخارجي للمبنى ومتابعة أي شخص حاول الفرار.
فيديو عن عملية قتل ابن لادن:
وقد استغرقت العملية 38 دقيقة، وتابعها الرئيس الأمريكي حينها باراك أوباما مع فريقه للأمن القومي في أثناء حدوثها فعليًّا، وفي الأول من مايو 2011، أعلن أوباما قتل ابن لادن في حدث دعائي كبير لأوباما، خرج على إثره أمريكيون يحتفلون بمقتل ابن لادن في شوارع أمريكا، وبدوره كرّم أوباما القوات المنفذة للعملية، وقال في حفل التكريم: «أريد مقابلة هذا الكلب» في إشارة إلى كايرو، الذي كرمّته مجلة «تايم»، بصفته «أفضل حيوان لعام 2011».
شيبس.. كلب خلدت قصته السينما
خلال الحرب العالمية الثانية (1939- 1945) استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية الآلاف من كلاب الجيش خلال الحرب، ليشارك في الحرب أكثر من 11 ألف كلب تبرعت بهم أسر الأمريكيين، للمشاركة في الحرب، وليصبحوا من كلاب الجيش الأمريكي، وكان شيبس واحدًا من آلاف الكلاب المشاركة في الحرب، لكنه حصد شهرة كبيرة في أمريكا بصفته الكلب الأشهر والأكثر شجاعة في تلك الحرب بالنسبة للأمريكيين.
وقد شارك شيبس، وهو من كلاب الجيش، مع القوات الأمريكية في جبهات عدة خلال الحرب، تتضمن: ألمانيا، وإيطاليا، وفرنسا، وشمال أفريقيا، شارك شيبس لمدة ثلاث سنوات في الحرب، التقى فيها، بالرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت، ورئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل.
وحقق شيبس كواحد من أشهر كلاب الجيش الأمريكي بطولات عسكرية عدة، ولكن البطولة الأبرز كانت تلك التي حققها شيبس في إيطاليا؛ ففي أثناء تجول شيبس مع الجنود الأمريكيين بإقليم صقلية في إيطاليا، تفاجأ الجنود، بأربعة جنود إيطاليين متمركزين في نقطة حصينة لاستهداف جنود أمريكا، ومن هنا انفك شيبس عن يد صاحبه واندفع مهاجمًا جنود إيطاليا، ليساعد الأمريكيين في صد الهجوم، مُعرضًا نفسه لرصاص الرشاش التي أصابت شيبس ولم تقتله.
اشتهرت قصة شيبس في أمريكا، وفي عام 1943، أصبح شيبس الحيوان الوحيد الذي يحصل على جائزة النجم الفضي، ثالث أكبر ميدالية للجيش الأمريكي لشجاعته في القتال. وكذلك جرى ترشيحه لنيل جائزة الخدمة المتميزة (ثاني أعلى جائزة) وقلب بنفسجي للجروح التي أصيب بها في أثناء وجوده في إيطاليا، ولكن اعترض البعض على منح جائزة النجم الفضي لحيوان؛ مما أدى لسحبها من شيبس، وفي عام 1990، أُنتج فيلمًا أمريكيًّا يحمل اسمه: «شيبس: كلب الحرب»، وأخيرًا بعد عقود من وفاته عام 1945، حصل شيبس في 2018 على ميدالية ديكين التي تعد أعلى وسام شجاعة في الحرب للحيوانات.
جاندر.. كلب كندا الذي التقط القنبلة في فمه
وفي الحرب ذاتها، شارك مع الجيش الكندي المتحالف مع أمريكا كلب أخذ شهرة وطنية في كندا؛ نظرًا إلى دوره في الحرب العالمية الثانية، وفدائيته منقطعة النظير، وهو جاندر الذي أخذ رتبة رقيب، وشارك جاندر مع القوات الكندية كأحد كلاب الجيش في معركة لي مون في هونج كونج ضد القوات اليابانية الحليفة لدول المحور.
ووقعت المعركة في عام 1941، وقد برزت بطولات جاندر كواحد من كلاب الجيش في أكثر من مناسبة أنقذ بها الجنود الكنديين، منها حمايته لجنود كنديين مصابين، فقد كان يحميهم وعندما اقترب جنود يابانيون باغتهم جاندر وعض بعضًا منهم؛ فاضطروا للابتعاد عن المكان دون أن يعرفوا بوجود جنود كنديين مصابين يمكن قتلهم.
أما الواقعة الأشهر لشجاعة جاندر فقد كلّفته حياته، ذلك عندما التقط قنبلة يدوية أطلقها العدو، وأخذها بفمه وأبعدها عن الجنود الكنديين، وتوجه نحو العدو لتنفجر فيه ليحمي جنود بلاده، ويُقتل جاندر، ولكن ذكراه تبقى حاضرة في التاريخ الكندي، التي تتذكره بالفدائية والشجاعة، وفي عام 2000 حصل جاندر على ميدالية ديكين التي تعد أعلى وسام شجاعة في الحرب للحيوانات.
ستوبي.. كلب برتبة رقيب كرّمه 3 رؤساء لأمريكا
كان ستوبي كلبًا أمريكيًا شريدًا بلا صاحب، في شوارع أمريكا، وذات يوم، ذهب ستوبي إلى استاد لكرة القدم، حوّله الأمريكيون إلى معسكر لتدريب الجنود المشاركة في الحرب العالمية الأولى (1914- 1919)، وهناك تبناه الجندي الأمريكي روبرت كونروي، وبمرور الوقت أصبحا صديقين، ووجد ستوبي أخيرًا مكانًا أكثر أريحية من الشوارع في منزل كونروي.
وبعد أشهر قليلة بدأ خطر الفراق يحدق بالصديقين، فقد استُدعي كونروي للإبحار مع الجيش الأمريكي، الذي تحظر قواعده اصطحاب الجنود لحيواناتهم إلى الحرب ومعسكرات التدريب، وهي قواعد لم يلتزم بها كونروي الذي خبّأ ستوبي في حقيبته وذهب به إلى السفينة المُقلعة نحو الحرب، وبعد انطلاق السفينة وسط المحيط بدأ الجنود في اكتشاف وجود كلب أصبح مصدر للتسلية في السفينة، وأصبح مفروضًا كأمر واقع كواحد من كلاب الجيش، فلا يمكن لكونروي إرجاعه وسط المحيط.
وبالوصول إلى فرنسا شارك ستوبي في الحرب العالمية الأولى واستمر على الجبهة الغربية نحو 210 يومًا، وهناك كان يحذر قوات الحلفاء من الجنود الألمان وينذرهم بأصواته عندما يراهم أو يسمعهم من بعيد، وأصيب ستوبي في إحدى هجمات الغاز الألمانية وكاد يموت، ولكنه عاش وأصبح لديه حساسية عالية تجاه الغاز، مكّنته لاحقًا من شم هجوم غاز ألماني تالٍ، ليحذر الجنود ويحمي الكثير من أرواحهم.
وهي شجاعة كرّمتها الولايات المتحدة الأمريكية، التي عدت ستوبي بطلًا قوميًّا ومنحته رتبة رقيب، ليصبح أول كلب يحصل على رتبة عسكرية في الحيش الأمريكي، ليس هذا وحسب، بل كرّمه ثلاثة رؤساء أمريكيين باستقبال ستوبي، وهم: ودرو ويلسون، وكالفين كوليدج، ووارن جي، واستمر الاحتفاء الأمريكي بستوبي، لدرجة إنتاج العام السابق فيلم رسوم متحركة باسمه «الرقيب ستوبي: بطل أمريكي» يحكي قصته الحقيقية.
ساسة بوست