2024-11-30 02:47 م

سورية والمنطقة الأمنة وفراغ خروج الأمريكي...ماذا يريد الأمريكي والتركي!؟

2019-07-27
بقلم :هشام الهبيشان 
بالتزامن مع بدء لقاءات في أنقرة بين مسؤولون عسكريون أتراك وأميركيون، لبحث تشكيل ما يسمى بالمنطقة الآمنة في الشمال السوري، بناءً على تفاهمات سابقة بين وزير الدفاع التركي خلوصي آكار، والمبعوث الأمريكي الخاص إلى سورية جيمس جيفري ،نقرأ هنا ، أنّ أنقرة وواشنطن قد بعثت بكلّ رسائلها لكلّ الاطراف وخصوصاً للدولة السورية والروسية ولإيران، بأنّ هناك تغيرات كبرى منتظرة على طبيعة وشكل الجغرافيا السياسية للارض السورية، وهذا ما ترفضه في شكل قاطع كلّ من سورية وروسيا وإيران، وحتى بعض الدول المحايدة في الملف السوري نوعاً ما، وهذا ما حتم على الدولة السورية وبدعم من حلفائها باصدار بيان صريح ،مضمونه وسياقه العام يلوح في الآتي من الأيام بالردّ المباشر على تركيا وأمريكا إنْ اقتربت من الخطوط الحمر بالشمال والشمال الشرقي السوري . وهنا وليس بعيداً عن عمق وطبيعة التفاهمات التركية – الأمريكية بخصوص المنطقة الأمنة ، فهنا يجب توضيح مسألة هامة ،وتزامناً مع استمرار حالة الغموض حول الانسحاب الأمريكي من منطقة شمال شرق وشرق سورية ،وتصاعد حدّة التهديدات والتحذيرات بين جميع الاطراف حول مستقبل المنطقة التي سيخليها المحتل الأمريكي ،فالليوم مازالت هناك خلافات مفصلية تنتظر تفاهمات كبرى باجتماعات أنقرة بين التركي - والأمريكي ،حول من سيملئ فراغ خروج المحتل الأمريكي ،فالأمريكي يريد هذه المنطقة الآمنة خاضعة لإشراف قوات من ما يسمى بالتحالف الدولي أو أي قوة محايدة"سودانية "، وهو ما يتناغم مع رؤية الأكراد ،وواشنطن رسمياً كانت قد طلبت من دول أوروبية إرسال قوات إلى تلك المنطقة، والهدف منها هو مراقبة المنطقة الآمنة المحتملة، علمًا أن باريس ولندن أبدت موافقتها حيال الطلب الأمريكي، بينما رفضت برلين ذلك مفسرة موقفها أن تنشيط العملية السياسية هو الحل الأمثل للملف السوري ،بينما المنطقة الأمنة من وجهة نظر أنقرة تشمل مدنا وبلدات من محافظات حلب والرقة والحسكة،وتكون تحت الادارة التركية ، وتمتد على طول 460 كيلومترا، على طول الحدود التركية السورية، وبعمق 20 ميلا (32 كيلومترا). وأبرز المناطق المشمولة في المنطقة الآمنة، المناطق الواقعة شمالي الخط الواصل بين قريتي صرّين (محافظة حلب)، وعين عيسى (محافظة الرقة). كما تضم المنطقة الآمنة التي يريدها الأتراك مدينة القامشلي، وبلدات رأس العين، وتل تمر، والدرباسية، وعامودا، ووردية، وتل حميس، والقحطانية، واليعربية، والمالكية (محافظة الحسكة)... وكذلك ستضم المنطقة الأمنة حسب ما يخطط له الأتراك كلا من عين العرب (محافظة حلب)، وتل أبيض (الرقة). وهنا ، ورغم وجود تلك الخلافات المفصلية بين التركي والأمريكي لما يسمى بمستقبل المنطقة الأمنة بشمال سورية ،يبدو واضحاً ان ما وراء الكواليس لما يجري في الغرف المغلقة في أنقرة وواشنطن اليوم يظهر انّ هناك مشروعاً تركياً – أمريكياً يستهدف البدء بانشاء هذه المنطقة ، وما مغازلة الأكراد الاخيرة لانقرة وبضغط من واشنطن ،ما هو الا دليل يؤكد ، ان الظروف على الارض قد باتت مهيأه لانشاء هذه المنطقة وبحجج واهية، وهذه الحجج حسب مراقبين تدخل ضمن إطار الدخول المحتمل للجيش التركي أو أي قوات اخرى إلى الأراضي السورية، وإقامة مناطق "آمنة " ستتحول لمناطق حظر جوي بأقصى الشمال والشمال الشرقي السوري، وكلّ هذا سيتمّ بحجج إعادة اللاجئين السوريين الى وطنهم وتوفير مناطق آمنة لهم. ولكن هنا ،وفي شق آخر ،يجب توضيح مسأله هامة جداً،فهنا يبدو واضحاً انّ هذا المسعى التركي- الأمريكي ، المدعوم بأجندة إقليمية ودولية لإقامة مناطق "آمنة "بشمال سورية، سيصطدم بمجموعة «لاءات»سورية - روسية – ايرانية، فهذا المسعى يحتاج الى قرار أممي لتمريره والفيتو الروسي - الصيني حاضر دائماً، إضافة الى «لاءات» إيران المعارضة لأيّ تدخل خارجي بسورية تحت أيّ عناوين، وعلينا هنا الا ننسى انّ الجمهورية العربية السورية ما زالت بما تملكه من قدرات عسكرية قادرة على إسقاط أيّ مشروع علني لتدخل خارجي مباشر أو غير مباشر بسورية. ختاماً، وهنا نستطيع أن نقرأ بوضوح وخصوصاً بعد الأعلان عن بدء مسار تفاهمات التركي والأمريكي بخصوص ما يسمى بالمنطقة الأمنة ،أنّ القوى الاقليمية والدولية وخصوصاً أمريكا وتركيا، قد عادت من جديد لتمارس دورها في إعادة صياغة ورسم ملامح جديده لأهدافها واستراتيجياتها المستقبلية بالحرب المفروضة على الدولة السورية بكلّ أركانها، وما هذا التطور إلا جزء من فصول سابقة، عملت عليها الاستخبارات التركية والأمريكية ، منذ سنوات عدة ولليوم، فهي عملت على إنشاء خطط بديلة ، بحال تعثر خططها العسكرية ،والعودة للحديث الآن عن المناطق الآمنة ، يؤكد حقيقة تبني مشروع الحرب على سورية من قبل تركيا وأمريكا ، ووضع كل السيناريوهات اللازمة لانجاح فصول هذه الحرب ، و فكرة المنطقة الآمنة قد طرحت لأول مرة من قبل تركيا خلال الزيارة التي قام بها أردوغان إلى واشنطن في مايو / أيار 2013، والعودة لتبنيها اليوم يؤكد حقيقة ،ان مشروع الحرب على سورية لم ينتهي لليوم ،ومازالت دوائر الاستخبارات العالمية المنخرطة بالحرب على سورية ،تضع كل خططها البديلة موضع التنفيذ والتفعيل حال الحاجة لها ،ومن هنا فإنّ المرحلة المقبلة تحمل العديد من التكهّنات والتساؤلات حول تطور الأحداث على الجبهة الشمالية السورية، التي أصبحت ساحة مفتوحة لكلّ الاحتمالات، والآتي من الأيام من الأرجح سوف يحمل المزيد من الأحداث المتوقعة وغير المتوقعة ميدانياً وعسكرياً على هذه الجبهة تحديداً. 
 *كاتب وناشط سياسي – الأردن 
hesham.habeshan@yahoo.com