2024-11-30 12:54 م

هل ستنهار السلطة خلال شهرين مثلما تنبأ رئيس وزرائها؟ ولماذا؟

2019-06-18
بقلم: بهيج السكاكيني
التصريحات التي وردت مؤخرا على لسان د. محمد شتية حول انهيار السلطة في غضون شهرين إذا لم يتم دعمها ماليا وعن إمكانية لجوء الحكومة الى تسريح بعض عناصر من القوى الامنية نظرا للفراغ في الخزينة وعدم القدرة على دفع الرواتب هو نوع من إستجداء اليائس الذي لن يجدي نفعا على الاطلاق. وحتى ضمن التحذير الذي اطلقه السيد شتية لم يجرىء على القول بالتهديد المباشر بوقف التنسيق الامني الذي هو موقف إجماع وطني من جميع الفصائل الفلسطينية وإتخذت القرارات بشأنه عدة مرات ولكن السلطة الفلسطينية وقمة هرمها لم يلتزموا بهذه القرارات وهي العادة التي درجت عليها القوى المتنفذة والمستأثرة بالقرار الفلسطيني منذ قرون وهذه هي السمة التي وصمت ما سمي “بالديمقراطية الفلسطينية”.

في السابق عندما كان الوضع المالي للسلطة يصل الى مراحل حرجة كانت الادارات الامريكية تضغط على الحكومة الاسرائيلية بتحرير الاموال الضرائبية التي تجنيها بالنيابة عن السلطة الفلسطينية أو ان تقوم بتوجيه الاوامر الى بعض الدول الخليجية بدفع الفاتورة اللازمة لابقاء اوكسجين الحياة للسلطة التي لم تستنفذ دورها بعد ضمن الاستراتيجية الصهيو-أمريكية. أما اليوم لم نرى اي تحرك امريكي أو “عربي” تجاه الدعوات اليائسة والبائسة التي اطلقها السيد شتية. لا بل على العكس نرى مزيد من الضغوط والتهديدات المباشرة والغير مباشرة للسلطة الفلسطينية. والسبب ببساطة هو ان الدور المنوط بالسلطة الفلسطينية قد انتهى او قارب على الانتهاء فقد قدمت السلطة الفلسطينية ومنذ اتفاقية اوسلو المشؤومة وما تبعها من اتفاقيات مذلة واستسلامية مثل إتفاقية باريس الاقتصادية والمفاوضات العبثية على مدار اكثر من ربع قرن الى الوضع الذي وصلنا اليه الان والذي اصبح واضحا للعيان على ارض الواقع الذي لا يحتاج الى التوضيح فقد كتب عنه الكثير.

نداءات الاستغاثة من الغرق او التهديد بإنهيار السلطة وحتى وقف التنسيق الامني لم تعد تشكل اية رافعة للضغط على الكيان الصهيوني بدفع مستحقات السلطة الفلسطينية بالكامل او تحرك “الاخوة” العرب من الدول الخليجية ان تقوم بدعم السلطة ماليا فقد اغلقت هذه الابواب ولا نظن انها ستفتح مهما علت نداءات السيد شتية أو غيره. والسبب بسيط للغاية ولا يحتاج الى فذلكات فكرية وعملية تحليل وتمحيص ودراسة وجمع المعلومات لاطروحة دكتوراة في الموضوع.

الان هنالك العديد من الدول العربية والخليجية على وجه التحديد تتراسها العائلات الحاكمة في السعودية والامارات على وجه التحديد تدفع المنطقة في إتجاه التطبيع مع الكيان الصهيوني وحرف بوصلة الصراع في المنطقة مستغلة إمكانياتها المادية بالضغط وإبتزاز مواقف بعض الدول العربية التي تمر بأزمات إقتصادية حادة ولا تستطيع الوقوف دون ضخ المليارات للبقاء على السطح لاسباب عديدة لا مجال للخوض فيها هنا.

والنظام العربي الرسمي اصبح بشكل مباشر او غير مباشر منخرط بما سمي بصفقة القرن التي طبقت بنودها فيما يتعلق بالجانب العربي منها ولم يتبقى الا الجانب الفلسطيني الذي يتلخص بتصفية القضية الفلسطينية مقابل وعود إقتصادية ودعم مالي لتوطين الفلسطينيين في دول الشتات والقضاء على المخيمات الفلسطينية التي تشكل رمز من رموز حق العودة ودفع المليارات في برامج تسعى لتهجير الفلسطينيين الى دول غربية مثل كندا واستراليا وغيرها. وهذا البرنامج ليس بالشيء الجديد فقد عمل عليه وما زال منذ سنوات واتخذت عدة إجراءات وخطوات بهذا الشأن وتصاعدت مع الهجمة الكونية على سوريا.

 النظام العربي الرسمي اصبح يعطي للكيان الصهيوني اكثر مما تعطيه السلطة الفلسطينية وقد حصل هذا الكيان على ما لم يكن يحلم به مطلقا. وبالتالي لم تعد السلطة الفلسطينية الحالية ذات نفع او فائدة وانتهى دورها وهنالك العمل ومنذ فترة على التحضير لسلطة مغايرة جديدة  للتماشي مع الاوضاع الجديدة التي يخطط لها ضمن هذا المجال.

 والنظام العربي الرسمي لم يعد يعتبر الكيان الصهيوني عدوا “للامة العربية والاسلامية” بل انه يسعى للتحالف مع هذا الكيان في مساعيه للتحريض على إيران واستجداء الطرف الامريكي بمحاربة إيران ليس فقط إقتصاديا من خلال العقوبات التي ما انزل الله بها من سلطان واحادية الجانب، بل واستعدادها لتمويل الحملة العسكرية العدوانية ضد إيران. والامين العام للجامعة “العربية” لا يفوت فرصة الا ويشير الى الخطر الايراني وضرورة التصدي للنفوذ الايراني في المنطقة ويتم الدعوات الى مؤتمرات وقمم عربية وخليجية واسلامية لهذا الغرض في الوقت الذي يصمت هذا النظام الرسمي صمت القبور او الاكتفاء ببيان خجول للغاية على ضم القدس بالكامل للكيان الصهيوني والاعتداء على اماكن العبادة الاسلامية وخاصة الاقصى والاقتحامات المستمرة للمسجد وباحاته من قبل المستوطنين بدعم وحراسة جيش الاحتلال الصهيوني.

لقد اكدنا مرارا وتكرارا انه لا يمكن بناء إقتصاد داخل الاراضي المحتلة فالقضية ليست مرهونة بمن يتولى “رئاسة الوزراء” للدولة الوهمية التي تعشش في رؤوس البعض والتي ليس لها اية ترجمة على الارض. فلا يمكن بناء إقتصاد تحت بساطير الاحتلال ولا يمكن بناء إقتصاد مبني على “الشحدة” من هنا وهناك سواء بالقروض او “الهبات” من اولياء الامور من هنا وهناك ولن تقوم قائمة لكل من يتبع هذا الطريق لانه فاقد للسيادة الاقتصادية والسياسية والجغرافية. ويبقى الطريق الوحيد للتحرير هو اتباع طريق المقاومة والمسلحة على رأسها ونقطة على السطر.

كاتب فلسطيني