أولا: ان غالبية الفلسطينيين لم يعيروا اهتماما لهذه الخطوة بعيدا عن الترقب والانتظار وفهم ما يجري، فهناك احباط يتفشى وانعدام ثقة شديد الوضوح انعكاسا لمواقف وخطوات وقرارات سابقة على أكثر من صعيد، شكلتها العديد من الأسباب في مقدمتها سوء أداء الوزارات السابقة والتجاوزات المرتكبة والانصياع لأوامر وجداول عليا، ليس لهذه الحكومات حق المناقشة، مع أنها لم تكن راغبة في ذلك، بل دائما هي المتلقية حفاظا على المواقع وما قد يترتب عليها من التزامات ومزايا ومنافع.
ثانيا: هذه التشكيلة التي خرجت الى النور، وما أفرزته المطابخ المتعددة وشبكة العلاقات في مثل هذه الحالات والمواقف المصاغة والمتخذة في كواليس اللقاءات، لا نعتقد أنها قادرة على مواجهة التحديات والتعاطي مع عواصف هائجة قادمة، وبمعنى أدق، التشكيلة بعيدة عن الارتقاء لمستوى المسؤولية، في مرحلة هي بحاجة الى شخصيات وازنة تدعمها فصائل مؤثرة لها وزنها، بمواصفات الخبرة والكفاءة والقدرة على التخطيط والعطاء وصاحبة قرار ترفض المحسوبية وسياسة النزول والهبوط بالبراشوت، ونعتقد أن هذه ليس مسؤولية الدكتور اشتية، مع أن بامكانه ما دام قبل بالتكليف أن يرفض ويتحفظ ويفرض حقه في الاختيار وفق مقاييس سليمة دقيقة ويرفض الاملاءات لصالح هذا الوزير أو ذاك ـ وهذا ليس تقليلا من تحصيلهم العلمي، ولكن، انعدام القدرة على الابداع بفعل أولي الأمر حتى لا تكون حكومته كسابقاتها، لذلك نخشى سوء الاداء، والضعف واعادة انتاج الفشل، خاصة وأن المرحلة أخطر وأصعب من المراحل التي تولت فيها الوزارات السابقة مهامها، خطورة الاوضاع سياسيا واقصاديا وتدهور في الساحة ناجم عن عوامل شتى.
ثالثا: يثبت تشكيل حكومة اشتية، ان طرق الاختيار وأساليبه السليمة ما تزال مفقودة، وأن الاختيار بقي رهينة الأيدي المتنفذة التي ترى في نفسها صاحب القرار الاول والمتحكم في كل شيء، وعلى الاخرين الالتزام والسمع والطاعة دون نقاش، ويثبت أيضا رسوخ هيمنة الوشوشة والمنافع وتبادل المصالح وادائها والتقارير المغلوطة وعدم دراية بالشارع مواقفه ومصالحه وخياراته واختيارته.
رابعا: نعتقد وفي ضوء التشكيلة الوزارة المعلنة أنها بنفس مستوى سابقاتها، وأن القدس هذه العاصمة الابدية العظيمة ما تزال تحت معاول التهميش والاستخفاف بوعي وعقول ابنائها، وهذا ما يفسر أن هذا الحدث الوزاري مر مرور الكرام، لم يلفت انتباه الاخرين وكأن شيئا لم يكن.
خامسا: التشكيلة الوزارية لم تمثل رغبات الشعب وتوجهاته، معتمدة على فصائل صغيرة لا وزن كبيرا لها في الشارع، وانتخابات مجالس الطلبة والبلدات وغيرها اكبر دليل على ذلك، فهي لا تمثل ارادة الشارع وتطلعاته.
سادسا: غابت عن التشكيلة الوزارة فصائل واتجاهات لها وزنها وتأثيرها، وبالتالي، هي حكومة من لون واحد، وفصائل صغيرة عديمة التأثير، ثما استيعابها وتمثيلها مجرد ديكور وزينة لا أكثر.
سابعا/ الحكومة الجديدة خلفت انقساما داخل هذه الفصائل وأدخلتها في حالة من التمزق والتشظي، كما عمقت الانقسام داخل مؤسسات منظمة التحرير، وأبعدت فرص وآمال التلاقي وتعزيز الوحدة الوطنية.
ثامنا: هل تستطيع هذه الحكومة الجديدة برئاسة محمد اشتية وقف التدخلات في عمل الوزارة، ورفض ما يملى عليه من قادة المحاور ومن هم في دائرة صنع القرار سياسة وتوظيفا وانفاقا ماليا، واسنادا استثماريا وتجاوز في كل الميادين، وهو ـ أي اشتية ـ الذي يدرك تماما بحكم المواقع التي تسلمها، ما يدار ويخطط له ويرسم في الخفاء، وطبيعة التعليمات والمطالب التي لن تتوقف وكيفية ارضاء المحاور التي تتجاذبه، اذا لم يستطع فحكومته هي مثل سابقاتها، وسيتحمل مسؤوبلية الفشل والرفض الشعبي لها.
تاسعا: اذا كان الجمتور اشتية عالما بكل الخيوط وتفاصيل ما يدور في دوائر صنع القرار وجلسات ولقاءات المتنفذين ونهمهم، واثار ذلك على حكومته من عرلة وابطاء وشيطنة واتهامات، فلماذا قبل على نفسه القبول بهذه المهمة وهذا التكليف، الا اذا كان تشكيله للحكومة اراد منه اضافة في السيرة الذاتية.
عاشرا: هل يستطيع اشتية وحكومته شطب القرارات الخاطئة المتخذة في المستوى الحكومي ووزاراته، من تنقلات وتعيينات وترفيعات وايفاد، وأوجه انفاق، ول لدى رئيس الوزراء الجديد الرغبة والقدرة للاستماع الى الشكاوى والمظالم التي تعج بها الوزارات والمؤسسات الحكومية، والظلم المتفشي فيها من جانب لوبيات "معششة" في زواياها، لها من يسندها في المراتب العليا، وأصحاب التأثير والحل والربط، وتلك الشلا في الوزارات العاملة لصالح فلان وعلان وتلك المحسوبة على زيد وعمرو؟!
حادي عشر: من المتوقع نظرا للاهتزازات التي اصابت بعض الفصائل التي شاركت في الحكومة حدوث استقالات ممثليها في الحكومة، ومع تخوفنا من عدم نجاح هذه الحكومة للاسباب التي ذكرنا وأكثر، الا ألأننا نتمنى للدكتور اشتية وحكومته التوفيق.
ويبقى السؤال المطروح، كيف لمثل هذه الحكومة في مثل هذه الظروف أن تواجه وتتصدى لهجمات وتحديات زاحفة؟!!