نتنياهو هزم الجنرالات الثلاثة، رغم حصولهم على نتائج جيدة قريبة من النتائج التي حصل عليها الليكود، فالاسرائيليون يعشقون الجنرالات وهذا العشق هو الذي منح حزب (كحول لفان) بزعامة غينتس هذا العدد من المقاعد، لكن، لن يستطيع تشكيل الائتلاف لعدم امتلاكه النصاب الذي يؤهله لذلك، على عكس الليكود برئاسة نتنياهو.
الحزبان الكبيران يعتنقان نفس الاهداف والبرامج، المعادية للشعب الفلسطيني ولا تفضيل بينهما، وهذا ما يجب أن يدركه الجانب الفلسطيني .
نجح نتنياهو، رغم أن الحملة الانتخابية لمنافسيه تركزت على انهاء دوره السياسي، واسقاطه من على دفة الحكم، وهو خاض الانتخابات حاملا أوراق الدعم الامريكي، ودعوات أنظمة الردة في الخليج، وقرارات الرئيس دونالد ترامب ودعمه للاستيطان وتهديداته للفلسطينيين، وما قدمته موسكو عشية الانتخابات عندما سلمته رفات الجندي القتيل، كل هذه العوامل شكلت سلم الفوز لرئيس الوزراء الاسرائيلي، ليمضي قدما في تنفيذ مخططاته ومنح ادارة ترامب حوافز تمرير مخططاته، وفي مقدمتها صفقة القرن.
ويمتلك نتنياهو القدرة على توحيد معسكر اليمين والمتدينين المتزمتين (الحريديم) وسيواجه ابتزاز بعض أحزابه بمنحها الميزانيات المالية، وعدد من الحقائب مقابل تمرير تشكيل ائتلافه، غير أن المراقبين يرون أن ائتلاف نتنياهو المرتقب لن يقوى على الصمود أكثر من عامين، ثم العودة الى انتخابات مبكرة، حتى لو اضطر الحزبان الكبيران على تقاسم حقائب الائتلاف والهروب من مطالب الكتل النيابية الصغيرة مرتاحا من ابتزازها وسيف تهديدها الذي سيبقى مسلطا على عنقه، وهذا ما يتمناه أيضا الرئيس الامريكي، فهو يفضل ائتلافا من الحزبين الكبيرين لاحتضان صفقة القرن فلا خلاف في عدائهما للفلسطينيين، وهذا ما يفسر اقوال ترامب أمام يهود أمريكا عندما أعلن صراحة بأن نتنياهو وغانتس رجلان طيبان.
الواضح والمؤكد أن نتائج الانتخابات الاسرائيلية أكدت التوجه اليميني نحو التطرف للاسرائيليين، فالحزبان الكبيران يرفضان سلاما عادلا وتنافسا على قمع الفلسطينيين وهضم حقوقهم.
نتائج الانتخابات الاسرائيلية رسالة واضحة مفادها أن أبواب التطورات الخطيرة في المنطقة فتحت على مصاريعها، وأن القادم شديد الخطورة، في أجواء محيطة تشجع الائتلاف القادم في اسرائيل والمدعوم بقوة من واشنطن على اشعال المنطقة حروبا وعنفا، انها رسالة الى الحالمين الواهمين الذين تمنوا خسارة نتنياهو، وكأن الحزب الآخر سيزحف اليهم طالبا بناء قواعد سلام عادل.
ان فوز بنيامين نتنياهو، وتزعمه لمعسكر اليمين في اسرائيل وتأكيد سخائه للمتدينين ودعمه للاستيطان والمستوطنين، يمنحه دفعة قوية واصرارا على مواصلة تنفيذ برامجه العدائية وفرض وقائع جديدة على الارض، مع دنو ساعة طرح وتمرير صفقة القرن، وأنظمة عربية مرحب بها ومستعدة لتسويقها على حساب الفلسطينيين المنقسمين على انفسهم دون وحدة وطنية وموقف موحد.
فوز نتنياهو فتح لانظمة الردة باب اشهار العلاقات تطبيعا شاملا وتحالفا عضويا قد يؤجج الصراع ولا يخمده، اذا لم تكن هناك رؤية سليمة مدروسة لمواجهة ما قد يترتب على هذا الفوز من ترتيبات وتداعيات بالغة الخطورة.