دان بيمان ومايكل أوهانلون من كبار الزملاء في مؤسسة بروكينغز، والأساتذة في جامعة جورج تاون.
في الوقت الذي يسعى فيه ترامب والبيت الأبيض لعقاب الحكومة السعودية على دورها في قتل الكاتب جمال خاشقجي، فانه سيواجه معضلة كبرى أفسدت الإدارات الأمريكية السابقة، وهي كيف نعاقب بلداً يشارك الولايات المتحدة في علاقة الاعتماد المتبادل العميق؟ وتحتاج إلى حماية عسكرية أمريكية، على الرغم من إنها ثالث أكبر ميزانية عسكرية في العالم وتمتلك الكثير من الأسلحة الغربية الحديثة.
والولايات المتحدة على الرغم من ثورة الصخر الزيتي في أمريكا الشمالية، لا تزال تعتمد على النفط السعودي (بمعنى إن سوق النفط العالمي لا يمكن أن تعمل بدونه). كما إن السعوديين شريك حيوي في مكافحه الإرهاب.
ولهذه الأسباب من المرجح ألا تتعدى العقوبة الامريكية لقتل خاشقجي، وهو كاتب عمود (في الواشنطن بوست)، من الصفع على المعصم المعتاد، مع عدم عقد قمم رفيعة المستوى لفترة من الوقت، ناهيك عن تقليل الأبهة في أي اجتماعات رسمية لفترة من الزمن بعد ذلك، وربما حظر التأشيرات لواحد أو اثنين من الأفراد المتواطئين.
وقد يصدر الكونغرس، من جهته، قراراً يعرب فيه عن سخطه الجماعي، ومن شأن ذلك أن يكون استجابة غير كافية للأسف.
الوقاحة في القتل في إسطنبول صاعقة
وعلاوة على ذلك، استهدفت العملية مقيماً أمريكياً كان مناصراً قوياً لحرية التعبير والمساءلة السياسية. ومع ذلك، فإن المشكلة الأكبر هي أن هذا القتل يناسب نمطاً من السلوك السعودي الشائن والضار.
إن الزعيم الفعلي للمملكة ولي العهد محمد بن سلمان، هو شاب من الشباب الذي ارتكب الكثير من الأخطاء بسبب الغطرسة وقله الخبرة، من «حملة مكافحة الفساد» الوحشية والخارجة عن القانون إلى اختطافه رئيس الوزراء اللبناني، لمواجهة عامة لا لزوم لها مع قطر.
وفي ظل هذه الخلفية، فان جريمة قتل خاشقجي ليست بالتصرف الاستثنائي بل تظهر كتصرف عادي في المملكة الجديدة.
ويتمثل أحد الخيارات المغرية في وقف مبيعات الأسلحة الأمريكية، وهو إجراء يمكن أن يسبب ألم على الرياض دون أن يعطل الضمانات الأمنية الأمريكية الفعلية، أو العطش العالمي الذي لا يمكن وقفه عن الهيدروكربونات السعودية. ومع ذلك، فان الرئيس ترامب يقاوم هذه الخطوة، محتجاً بأن الوظائف الأمريكية على المحك.
لكن هناك حل وسط طبيعي وينبغي لنا أن نستخدم هذه الأزمة كفرصة للقيام بما كان ينبغي لنا أن نفعله طوال الوقت، أي إجبار السعوديين (ومن الناحية المثالية حليفهم الرئيسي الإمارات العربية المتحدة) على إعادة التفكير في حربهم الكارثية في اليمن المجاورة.
بعد ثلاث سنوات من التدخل السعودي، لم يعد هناك أي حجة معقولة للاعتقاد بإن ما يفعله السعوديون سيجدي نفعاً.
وفي الوقت نفسه، فان الدعم الاستخباراتي والمساعدة اللوجستية والأنواع المحددة من الأسلحة التي نقدمها للمملكة العربية السعودية، جعلتنا متواطئين في جميع الغارات الجوية الخاطئة والمذبحة التي تلت ذلك بين المدنيين.
ولا يمكن تحقيق النصر الكامل على القوات التي يقودها الحوثيون والمدعومة من إيران في شمال اليمن للمملكة العربية السعودية وحلفاءها الجنوبيين والسنيين في معظم الأحيان. كما إنه ليس ضرورياً.
الولايات الأمريكية والسعودية والمصالح الإقليمية الأوسع يمكن حمايتها بشكل كاف من خلال مواصلة الضربات الموجهة ضد عناصر القاعدة في اليمن والتوصل إلى نوع من اتفاق تقاسم السلطة يعطي الفصائل الحوثية مزيداً من الحكم الذاتي في شمال اليمن مع المزيد من الموارد لإعادة بناء البلاد.
والوجود الإيراني المستمر هناك، وان كان غير مرغوب فيه، هو أكثر تسامحاً من موطئ قدم إيران في الشام.
وبمرور الوقت، بالإضافة إلى ذلك، فإن اليمن الأكثر استقراراً سيحتاج إلى إيران وبشكل أقل مع الوقت وذلك لإن طهران تزدهر على الفوضى والصراع في المقام الأكبر.
ولضمان أن تتخذ الرياض هذا النهج الأكثر واقعية في اليمن، ينبغي على واشنطن أن تجعل مساعدتها العسكرية للحرب مشروطة.
للولايات المتحدة نفوذ كبير
وتعتمد المملكة العربية السعودية جزئياً على الولايات المتحدة والمقاولين الأمريكيين للاستخبارات واللوجستيات. وتقدّر الرياض أيضاً الرأي الجيد لأميركا (حيث تقدّر أي شيء من ترامب أكثر مما كان في عهد أوباما)، لذلك فهي حساسة للنقد الأمريكي.
ويمكن للأطراف المتحاربة أن تبدأ بإعلان وقف قصف أهداف الحوثيين وفتح المفاوضات، يعقبها ضخ واسع النطاق للمساعدات الانسانية.
الأميركيون سيوضحون للمملكة العربية السعودية بأن وتيرة الغارات الجوية يجب أن تنخفض (ستعزز هذه السياسة من خلال تسليم الذخائر «في الوقت المناسب» وليس على دفعات كبيرة).
وينبغي أن يكون المخططون الأمريكيون في موقع مشترك مع السعوديين، مع إعطاء كل جانب حق الفيتو على استخدام القوة في الظروف القاهرة.
ولن يحل أي من هذا جميع المشاكل بين الولايات المتحدة والمملكة. ولكن على الرغم من ذلك، لن نضطر بعد الآن إلى اتباع القيادة العسكرية لأمير سعودي شاب اثبت الآن للعالم في مناسبات متعددة انه لا يمكن الوثوق بحكمه.