بدأت أستراليا تدق ناقوس الخطر الناجم عن الحرب التجارية، حيث وصلت أخيرًا تداعياتها السلبية إلى الاقتصاد الأسترالي، الذي كان يبدو بمنأى ومأمن عن هذا الصراع التجاري.
حذر بنك الاحتياطي الأسترالي من أن التوترات التجارية المتصاعدة بشكل حاد بين الولايات المتحدة والصين تمثل خطرًا خارجيًا متزايدًا على الآفاق الاقتصادية لأستراليا.
وفي تقرير نصف سنوي عن استقرار القطاع المالي، قال البنك الاحتياطي الأسترالي، حيث تعد أستراليا مصدر رئيسي للمنتجات المعدنية ومنتجات الطاقة للاقتصاد العالمي، ستكون في خط إطلاق النار من أي تباطؤ ناجم عن الخلاف التجاري المتفاقم.
علاوة على ذلك، ذكر البنك في تقريره أن "أستراليا ستكون حساسة إزاء الانكماش الحاد في النمو العالمي أو الاختلالات في الأسواق المالية العالمية بسبب أهمية التجارة وتدفقات رأس المال".
وأضاف البنك المركزي أن "مخاطر الهبوط في النمو العالمي أصبحت أكثر بروزا منذ المراجعة السابقة". وقال "إذا كان لفرض الحواجز التجارية أن يشتد، أو إذا كان يؤثر بشكل مادي على الثقة التجارية والقرارات، فإن التأثيرات السلبية على النمو الاقتصادي قد تكون أكثر أهمية".
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، خفض الصندوق توقعاته الخاصة بالنمو الاقتصادي لأستراليا بسبب التأثير السلبي للحرب التجارية المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين.
وعلى الصعيد العالمي، يقول صندوق النقد الدولي أنه من المتوقع أن يبلغ النمو الاقتصادي 3.7 في المائة للفترة 2018-19، أو 0.2 نقطه مئوية أقل مما كان متوقعا في شهر أبريل.
في السياق ذاته، تم تعديل توقعات التوقعات الاقتصادية العالمية بسبب الإجراءات التجارية بما في ذلك التعريفات المفروضة على 200 مليار دولار من الواردات الأمريكية من الصين.
وكانت أستراليا قد بلغت 3.2 في المائة من النمو هذا العام قبل أن يتم تعديل التوقعات لتسجل تراجع إلى 2.8 في المائة في العام القادم. وفي شهر أبريل الماضي، توقع صندوق النقد الدولي أن يسجل النمو الأسترالي 2.9 في العام المقبل.
وتعد صادرات أستراليا المتنامية من الغاز الطبيعي والصادرات القياسية من ركاز الحديد إلى آسيا من أهم المحركات الرئيسية للاقتصاد. أي أن أي تباطؤ دائم في الصين أو آسيا بشكل سيؤثر على الفور سلبًا على الصادرات الأسترالية.
كما أشار الاحتياطي الأسترالي إلى "أن تدهور الأوضاع الخارجية قد يشهد تراجعا في الاقتصاد المحلي وانخفاضا في التوافر وارتفاعا في تكلفة التمويل الخارجي وهبوطا في أسعار الأصول".
أداء العملة وسط هذه التطورات:
شهد الدولار الأسترالي انخفاضًا في الآونة الأخيرة، حيث تراجع بنسبة 6% وبأكثر من الضعف مقابل نظيره الأمريكي منذ مطلع العام الجاري، مما يساعد على دعم التجارة في أستراليا القطاعات المكشوفة بعد فترة من الضعف الاقتصادي الأوسع في السنوات السابقة.
وخلال العام الماضي، هبط الدولار الأسترالي بقوة من 0.8000 دولار إلى 0.7000 وسط توقعات استمرارية هذا المسار الهابط. حيث يتوقع المحللون الاقتصاديون أن يتراجع دون المستوى 0.7000 دولار خلال عام 2019.
يرجع هذا الهبوط في العملة جزئيا إلى الفروق في أسعار الفائدة الأخذة في الاتساع بين أستراليا والولايات المتحدة والأسواق الناشئة المتوترة. ولكن الانخفاض يعكس أيضا ما يصفه صندوق النقد الدولي الآن بأنه توقعات النمو العالمي المعتمة.
على الرغم من أن الكثيرين ضد سقوط الدولار الأسترالي، وخاصة هؤلاء الذي يعتمدون عليه لدفع ثمن الاستثمارات في الخارج والأعياد، إلا أن البنك الاحتياطي الأسترالي مسرورًا بالأحداث الأخيرة التي من شأنها أن تدفع بقوة سرعة نمو الاقتصاد، وسترفع من الدخل القومي والضغوط التضخمية الأقوى في الفترة المقبلة.
في واقع الأمر إن من شأن الدولار الأسترالي الضعيف أن يدعم معدل النمو المحلي والتضخم. هذا، ومن البديهي لأستراليا أن انخفاض سعر الصرف بنسبة 5 في المائة يعادل تقريبا أثر خفض سعر الفائدة بواقع 25 نقطة أساس من جانب الاحتياطي الأسترالي.
خلاصة القول، رغم هذه الاضطرابات التي تعاني منها أستراليا وتنامي المخاطر الخارجية وتداعياتها على أستراليا، قد يكون هبوط الدولار الأسترالي قادرًا على امتصاص كل هذه المخاطر وتوصيل الاقتصاد الأسترالي إلى بر الأمان. هذا ما ستوضحه الأيام القادمة.