2024-11-23 07:51 ص

إسرائيل" والسعودية.. التحالف الذي تم فرضه في الشرق الأوسط

2018-08-11
جاكوبو يوفو

ترجمة وتحرير: نون بوست

من وراء الكواليس، يتم في الوقت الراهن تشكيل مشهد وسيناريو جديد في منطقة الشرق. وتعد هذه المنطقة الأكثر اضطرابا على وجه المعمورة، إذ أنها تشهد توترات مستمرة، نظرا لتداخل الصراعات وتضاعف عدد الجهات الفاعلة فيها. وبالنسبة للصراع العربي الإسرائيلي، الذي يعد محور جميع الخلافات خلال النصف الثاني من القرن العشرين، فلا يزال ثابتا في تطوره ومحافظا على خاصية التدمير الذاتي للأراضي المحتلة.

في ظل هذا الوضع، وضعت جملة من عوامل على غرار الحرب السورية والتهديدات الإرهابية وحالة عدم الثقة تجاه إيران؛ واقعية حلف المملكة العربية السعودية و"إسرائيل" تحت اختبار. وتجدر الإشارة هنا إلى أن المملكة العربية السعودية و"إسرائيل" قوتان تتمتعان بضمانات في الساحة الدولية. وفي الوقت الراهن، بدأ القصر الملكي السعودي، قائد العالم العربي والسني، في تغيير توجهاته التي تميل إلى انفتاح محتمل مع "إسرائيل". وبشكل عام، أثبتت الشكوك التي تثيرها إيران في المنطقة، التي تعد عدوا مشتركا للقوتين، أن المنافسة الإقليمية سبب كاف للتقارب الإسرائيلي السعودي.

"عدو عدوك.."

يتمثل العامل الحاسم، أكثر من غيره، للتوجه نحو انفتاح العلاقات الرسمية بين "إسرائيل" والمملكة العربية السعودية؛ في امتلاك عدو مشترك بينهما. وقد أثبت التاريخ أن هذه الحقيقة قادرة على توحيد الأفكار الأكثر عدائية والمواقف الأكثر انغلاقا. وتجدر الإشارة هنا إلى أن المملكة العربية السعودية هي حامل راية المجتمع السني، فضلا عن كونها قوة في العالم العربي؛ الأمر الذي جعلها تقود صراعا دوغماتيا وجيوسياسيا ضد إيران، القوة الإقليمية الشيعية في المنطقة. من جهة أخرى، يُنظر لـ"إسرائيل" في المنطقة على أنها الجهة التي غزت الشرق الأوسط وسيطرت على أماكن إسلامية مقدسة، إلى جانب أنها الجهة التي تعمل على ممارسة القمع ضد الفلسطينيين؛ مما جعل طهران المحافظة تترجم عداءها إلى "إسرائيل" في شكل صراع سياسي بين القوى الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط.

خلال سنة 2015، وقعت إيران على اتفاق نووي مع الاتحاد الأوروبي ومجموعة 5+ 1 (المملكة المتحدة، والصين، وفرنسا، والولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا، وألمانيا). ويهدف هذا الاتفاق بالأساس إلى وضع حد لسباق تخصيب اليورانيوم مقابل رفع العقوبات المفروضة على إيران جراء نشاطها النووي، وبشكل تدريجي. وخلال المفاوضات حول هذه المسألة، رفضت المملكة العربية السعودية و"إسرائيل" رفضا قطعيا أي نوع من الاتفاقات مع إيران. وبشكل عام، جعلت الاستفزازات والشكوك التي تثيرها طهران بشكل مستمر كلا من الرياض وتل أبيب يرفضان أي نوع من التقارب معها.

من جهة أخرى، تعتبر المملكة العربية السعودية و"إسرائيل" الأسلحة النووية الإيرانية تهديدا حيويا بالنسبة لها، وعاملا يعزز تفوقها الجيوستراتيجي أمام آل سعود. وفي ظل هذا الوضع، يعد هذين السببين كافيين، وبقوة، من أجل اقتراح حل مشترك بين البلدين ليتم تطبيقه في مجالات نفوذهما. وفي الفترات الأخيرة، لوحظت إيماءات أرسلها كلا الطرفين، السعودي والإسرائيلي، من أجل جعل هذا الاحتمال حقيقة.

في هذا الصدد، سافر ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، إلى الولايات المتحدة الأمريكية خلال شهر نيسان/ أبريل الماضي، واعترف في مقابلة مع الصحفي جيفري غولدبيرغ، وهو يهودي له مسيرة في أروقة الجيش الإسرائيلي، بحق "إسرائيل" في إقامة دولة، وهي خطوة لها رمزية غير مسبوقة من شخص في منصب بن سلمان. وعلى الرغم من أن المسألة الإيرانية هي السبب الأولي لانفتاح العلاقات السعودية الإسرائيلية، إلا أنها يمكن أن تتحول إلى نافذة لتواصل العلاقات بين عدوي إيران ولإزاحة الستار عن بعض المواضيع غير المحسومة وتفكيك أسرارها.  

على وجه الخصوص، يمكن أن يثير الحسم في بعض المواضيع حفيظة البيت السعودي ويكلفه ثمنا باهظا. وستجبر هذه التطورات البيت السعودي على مواجهة انتقادات المجتمع الإسلامي، خاصة وأن جزءا منها يشعر بأنه قد تعرض للخيانة. وفي رقعة الشطرنج الشرق الأوسطية، تمكنت كلا من الأردن ومصر، البلدين العربيين الذين يملكان علاقات جيدة مع "إسرائيل"، والذين يعترفان بذلك، من تجاوز هذه الانتقادات والاستفادة من هذا التحالف مع "إسرائيل".

من دون شك، تستفيد الرياض أيضا من هذا التحالف: إذ تمدها "إسرائيل" بالبنى التحتية اللازمة لتعزيز مواردها الطبيعية، والتبادل النشط للمعلومات الاستخبارية في مجال مكافحة الإرهاب. فضلا عن ذلك، ستكون "إسرائيل" الجهة الضامنة والكفيلة للمملكة العربية السعودية عند التعامل مع الولايات المتحدة الأمريكية. ومن جهتها، تعتبر "إسرائيل" أن امتلاك حليف آخر في المنطقة، خاصة إذا كان قائدا إقليميا ومجتمعيا، عامل يضع بين يديها العديد من الأوراق الرابحة في المنطقة. وستساعد هذه العوامل بدورها على فتح بدائل من شأنها أن تحد من التوتر تجاه الفلسطينيين.   

محمد بن سلمان: ممثل الجيل السعودي الجديد

منذ أن اكتسبت شخصية بن سلمان أهمية متزايدة خلال سنة 2015، جعل ولي العهد والرجل القوي في المملكة العربية السعودية رغبته في تغيير توجه المملكة السعودية جلية وبشكل مستمر. وفي هذا المعنى، كشفت العديد من الإيماءات أن واقعية بن سلمان ليست عائقا أمام اتخاذ قرارات في بلد محكوم بتقاليده المتشبث بها. علاوة على ذلك، يبدو الشاب السعودي واعيا بحاجة بلده إلى التطور في جوانب هيكلية بالنسبة للأمة للتمكن من التكيف مع المستقبل القريب.  

في هذا المعنى، أكدت العديد من الإصلاحات، على غرار مشروع 2030، ومنح المرأة السعودية الحق في قيادة السيارة، وفتح دور السينما، وفتح الخط الجوي بين "إسرائيل" والمملكة العربية السعودية؛ أن بن سلمان يرغب في إعادة تشكيل أسس المملكة الصحراوية. ولهذا السبب، نفذ بن سلمان استراتيجية محكمة التنظيم من أجل أن يبعد من طريقه الجهات التي تهدد قيادته. وفي هذا الصدد، كانت حالة ابن عمه محمد بن نايف أو الأمير متعب بن عبد الله، المنافسين المباشرين لبن سلمان في العرش، خير دليل على خطة بن سلمان. ومن الأدلة الأخرى التي تسلط الضوء على إصرار بن سلمان على تنفيذ خطته المدروسة، يمكن الإشارة إلى سجن عناصر آخرين من أفراد عائلته الذين يمثلون تهديدا بالنسبة له، في سجن فاخر في المملكة العربية السعودية.

على الرغم من افتقار تحركات بن سلمان في كثير من الأحيان إلى الحبكة الدبلوماسية، على غرار الحرب التي يقودها في اليمن منذ سنة 2015، التي شملت حظر وصول المساعدات الإنسانية إلى الأراضي اليمنية، أثبت بن سلمان أنه ليس متخوفا من التغيير الذي ظلت المملكة العربية السعودية صامدة أمامه منذ عصور.

من وجهة نظر بن سلمان، يتطلب الأمر إعادة تشكيل النظام السعودي التقليدي. وتشمل هذه الخطة مسارات تنموية جديدة في مجالات مختلفة، والتي لا تقتصر على المجال السياسي فقط. وفي ظل هذا الوضع، يعي بن سلمان أنه يجب عليه تنويع موارده، التي تعتمد في الوقت الراهن على مصدر أولي وفريد من نوعه؛ ألا وهو النفط. في نفس الوقت، يبدو بن سلمان على وعي بالوضع العسكري الهش في المملكة، مما جعله يسرع من عجلة الإنفاق العسكري. ومنذ وصوله إلى العرش، قاد بن سلمان سياسة تهدف إلى تعزيز وتقوية النقائص التي تشكو منها الأمة السعودية. وفي هذا السياق، يعد حليف بحجم قدرات "إسرائيل" عمليا للغاية بالنسبة لبن سلمان، وهي الحقيقة التي لا تهملها العائلة الملكية السعودية.
من الصراع العربي الإسرائيلي إلى القضية الفلسطينية

في السابق، وحّد الصراع العربي الإسرائيلي كامل الأمة العربية، وخاصة الأمة الإسلامية إذ أن هذه الوحدة شملت بلدان مثل إيران وتركيا. وخلال القرن العشرين، كانت فلسطين بمثابة العامل الذي يعزز الترابط الثقافي بين دول العالم العربي والإسلامي، بينما كانت "إسرائيل" عدو الكل القادر على حشد كامل الأمة العربية، بشكل مباشر أو غير مباشر، لدعم القضية الفلسطينية.  وتاريخيا، حافظت المملكة العربية السعودية على موقف معتدل فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وفي واقع الأمر، لم تدخل المملكة العربية السعودية أبدا في حرب مع "إسرائيل"، على الرغم من أنها أدانت وضع الفلسطينيين.

مع تقدم الوقت ومعاناة العديد من الدول العربية من هزائم أمام "إسرائيل"، أعادت هذه الجهات النظر في علاقاتها مع "إسرائيل". وكانت مصر الدولة العربية الأولى التي أقدمت على هذه الخطوة، خاصة بعد أن فقدت المجال والسيادة أمام "إسرائيل"؛ مما جعلها تقبل استعادة أراضيها التي خسرتها خلال الحرب مقابل الاعتراف بدولة "إسرائيل" خلال سنة 1978. في وقت لاحق، اتبعت عمان نفس خطوات القاهرة: وبقيادة الملك الهاشمي، قبل الأردن بالقرار 242، مما جعله يقبل إقامة علاقات رسمية مع البلد المجاور له خلال سنة 1994.

في الأثناء، دفع كلا البلدين ثمنا باهظا مقابل التحول الدبلوماسي، الأمر الذي أدى إلى تدهور سمعتهما. لكن، كان رجال الدولة في هذين البلدين على وعي بأن العلاقة مع "إسرائيل" تنطوي على العديد من المزايا، التي لا يمكن للمجتمع العربي توفيرها. وإلى غاية الوقت الراهن، لا زالت هذه العلاقات تؤكد على مدى فعاليتها، حيث أن "إسرائيل" كانت وكيلا بالغ الأهمية في تبادل المعلومات الاستخباراتية ودعم مكافحة الإرهاب، فضلا عن دعم البنى التحتية لهذه البلدان في العديد من المجالات التنموية.

مع تقدم الوقت، شهد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي حالة من الركود في منطقة الشرق الأوسط بسبب عوامل داخلية وعدم جاهزية مختلف الأطراف لحل النزاع الأزلي في منطقة الشرق الأوسط. علاوة على ذلك، أصبحت منطقة الشرق الأوسط غارقة في الحروب الأهلية والثورات وحركات التمرد؛ التي أدت بدورها إلى عدم تركيز الجهود من أجل دعم القضية الفلسطينية وإعادة الأراضي المحتلة. أما التطورات التي جدت خلال السنوات الأخيرة، فقد أكدت على غياب مبادرة لدعم القضية الفلسطينية وغياب التجديد في نهج وتوجهات الأطراف المنغمسة في الصراع؛ بما في ذلك الجهات الفاعلة الخارجية التي تبنت القضية الفلسطينية خلال النصف الثاني من القرن العشرين  واعتبرتها في الوقت الراهن من المسائل التي لا تهمها.

بشكل عام، لم تتغير طبيعة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، على عكس رقعة الشطرنج التي يدور فيها هذا الصراع. وبعد أن تم إزاحة الصراع العربي الإسرائيلي من الصفحة الأولى لجدول أعمال الحكومات العربية، فقد المجتمع العربي سببا يوحده ويعلل العديد من التحالفات والامتيازات. وبعد الشلل الذي شهدته القضية الفلسطينية، يمكن أن يجد التقارب بين "إسرائيل" والمملكة العربية السعودية ظروفا ملائمة لتعزيزه، في سيناريو تتنامي فيه التهديدات الهائلة والمشتركة بين البلدين.  

البنى التحتية: المقابل الذي تقدمه "إسرائيل" لحلفائها

تعد "إسرائيل" أكثر الدول تطورا في منطقة الشرق الأوسط. ويستند وزنها الاقتصادي بالأساس على الاستثمار في التكنولوجيا والتنمية. وعلى الرغم من كونها دولة حديثة التكوين، إلا أن المجتمع اليهودي يملك جذور تاريخية قديمة. وحتى قبل قيام دولة "إسرائيل" خلال سنة 1948، انتشر اليهود في نقاط مختلف من العالم، كما كان لديهم القدرة والتشكيل الملائم الذي ساعدهم على إنشاء دولة، تحت قيادة الولايات المتحدة الأمريكية؛ الجهة الضرورية لقيام أمة تتميز بصلابة وقوة بناها التحتية. لهذا السبب، كان دور اللوبي الأمريكي الموالي لـ"إسرائيل" باعتباره جسرا وقناة نفوذ، أمرا ضروريا ولا غنى عنه.

من جانب آخر، استغلت "إسرائيل" طابعها العسكري لتوجيه تطورها التكنولوجي لفائدة مجالات أخرى. وعلى وجه الخصوص، كانت الأراضي الزراعية والري والاستغلال الأمثل للموارد من المجالات التي استثمرت فيها الإسرائيليون كل تقنياتهم التكنولوجية، خاصة بعد أن أصبحوا على واعي بحدود بلادهم على الأرض ومن حيث الموارد الطبيعية. وأمام هذا الوضع، ليس من المستغرب أن ترى بلدان مثل المملكة العربية السعودية، التي تملك موارد طبيعية ومالية محدودة، في احتمال الانفتاح على "إسرائيل" فرصة للاستفادة قدر الإمكان وتطوير البنى التحتية التي تحتاج إلى ذلك."إسرائيل" تلعب مع الزمن

عموما، يقف عامل الوقت في صف "إسرائيل"؛ ففي الوقت الذي تنشر فيه الصراعات حالة من الفوضى في مختلف البلدان العربية، تواصل تل أبيب تطورها بشكل مستقل عن البيئة التي توجد فيها. وفي ظل هذه الأوضاع، تنتظر "إسرائيل" أن يغير تطور الأحداث من مواقف المنطقة ويمهد لفرصة الاعتراف بوجودها وشرعيتها. وعلى الرغم من ذلك، تواترت أحداث لم تخدم موقف "إسرائيل" على غرار نقل سفاراتها إلى القدس أو الإجابة العنيفة على الاحتجاجات الفلسطينية.

في الأثناء، يعتبر الجانب السعودي أن أي تقارب أو إيماءات علنية لـ"إسرائيل" خطوة ستكلفها ثمنا يؤدي إلى تشويه صورتها وسمعتها. كما أن هذه التكلفة ستكون باهظة، خاصة فيما يتعلق بعلاقاتها مع الدول الخاضعة لسيطرتها أو علاقاتها مع البلدان الإسلامية، خاصة التي لها نفوذها في المنطقة على غرار إيران وتركيا.

من جهة أخرى، لن تفوت هذه الجهات الفاعلة فرصة الاستفادة من التناقض الدبلوماسي والتاريخي الذي يفرضه إقامة دولة عربية لعلاقات رسمية مع "إسرائيل". وتبدو هذه الفرصة ملائمة في الوقت الراهن أكثر من أي مضى، خاصة في ظل تلاشي مفهوم الوحدة العربية بسبب الأحداث التي شهدتها المنطقة مؤخرا، خاصة بعد اندلاع ثورات الربيع العربي التي غيرت القيادة وشبكة التحالفات القائمة منذ عقود بشكل جذري. وأمام هذا السيناريو، ستعمل الشخصيات الموجودة في أعلى هرم السلطة السعودية على إقناع محيطها بقيمة العلاقات الرسمية مع "إسرائيل". وأمام هذا الوضع، انتقد جزء من الرأي العام السعودي هذا التقارب بعد سبعة عقود من الهجمات الإعلامية التي تستهدف الوجود والتحركات الإسرائيلية في المنطقة.

خلافا لـ"إسرائيل"، لم تحسن الجهات الفاعلة العربية الاستفادة من تواتر الأحداث خلال السنوات الأخيرة، بسبب انغماسها في صراعات حول السلطة، التي جعلتها تهمل القضايا التي تجمعها ببعضها والتي ناضلت من أجلها بشكل مشترك. وفي هذا السياق، كانت "إسرائيل" المستفيد الكبير من الثورات السياسية والاجتماعية التي شهدتها دول المنطقة. علاوة على ذلك، جعلت التحركات الإسرائيلية في غزة والوزن الرمزي لنقل السفارة الأمريكية إلى القدس "إسرائيل" تتصدر عناوين الأخبار.

على الرغم من أن الرياض قد أظهرت عدم موافقتها لهذه التحركات، إلا أن هذه التصريحات لم تكن كافية لقطع العلاقات غير الرسمية بين البلدين. لكن، كان الوجود الإيراني في سوريا وتحول الموقف الأمريكي بشأن الاتفاق النووي مع طهران من الأسباب الرئيسية ليظهر الجانب الإسرائيلي والجانب السعودي مواقف مماثلة ومتقاربة.

التاريخ غالبا ما ينتهي بإظهار جانبه الواقعي

في الوقت الراهن، لا توجد أية علاقات رسمية بين المملكة العربية السعودية و"إسرائيل". لكن، ليس من المستغرب أن يصبح قادة البيت السعودي على استعداد لقبول بدولة "إسرائيل". في المقابل، سيكون لهذه الخطوة أبعاد جديدة في منطقة الشرق الأوسط.

من جانب آخر، تعد المملكة العربية السعودية من القوى الإقليمية في المنطقة، نظرا لأنها تضم على أراضيها مكانين مقدسين في الإسلام، مكة والمدينة المنورة، ولأن لها ثقل مالي مستمد من مواردها النفطية. وفي الساحة الدولية، تحظى المملكة العربية السعودية بدعم الولايات المتحدة الأمريكية، الحليف الراعي لتل أبيب والرياض على حد السواء. وفي الوقت الراهن، تزداد الهيمنة الإقليمية للمملكة العربية السعودية قوة على نحو متزايد في المنطقة العربية، وخاصة منطقة الخليج العربي، باستثناء قطر. كما أنه من شأن الانفتاح على "إسرائيل"والولايات المتحدة الأمريكية أن يؤسس لنظام إقليمي جديد ويغير من دينامية القوى الإقليمية في الشرق الأوسط.   
من جانب آخر، يعد النمو الاقتصادي السعودي الذي يفرضه الإعلان الرسمي عن العلاقات السعودية الإسرائيلية، عاملا يتحكم في استقرار البلاد وتعززه موافقة المجتمع الذي سيلاحظ منافع هذا الانفتاح. علاوة على ذلك، يعني التقارب الرسمي للمحور السني مع "إسرائيل" انتصارا على إيران في صراع الهيمنة الإقليمية. كما من شأنه أن يؤثر على حلفاء مباشرين لإيران. وفي ظل هذه اللعبة الجيوسياسية، من الممكن أن تقف المجتمعات السنية في بلدان عربية على غرار سوريا ولبنان في صف الرياض. وفي ظل هذه الظروف، في حال تمكنت "إسرائيل" من نشر "الوعي" بأنه "توجد جهات أخطر وتهديدات أكثر واقعية من "إسرائيل" " داخل المجتمع السني، فيمكن أن تكون العملية الانتقالية نحو إقامة علاقات رسمية مع "إسرائيل" أكثر سلاسة ويتبعها أقل حجم من الانتقادات. ويمكن أن تعمل "إسرائيل" على ترسيخ هذا الموقف في سياقات أقل تشنج، وحتى أكثر إيجابية، على غرار مسألة مكافحة الإرهاب.

في إطار الأهمية الجيوسياسية التي يكتسيها الشرق الأوسط، تبدو القوى التي تطمح إلى الهيمنة مجبرة على اتباع دبلوماسية أكثر واقعية. وبشكل عام، تعد علاقة "إسرائيل" والمملكة العربية السعودية وعدائها لإيران، أحدث مثال على الواقعية التي يفرضها التاريخ.

المصدر: الأوردن مونديال الإسباني