2024-11-24 09:59 م

الاستثمارات الإماراتية في مصر تغير شكل البلاد

2018-07-13
على طاولة تصلح لشخصين، جلس الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مشبكًا يديه على الطاولة أمامه، وفي مقابله جلس وليّ عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد يحرك أصابعه على لحيته في ثقة وهدوء. كان الرجلان يشربان قهوتهما بعد جولة قصيرة في «ياس مول»، أحد أكبر مراكز التسوق في العاصمة الإماراتية، قبل أن يجلسا في مقهى The Coffee Club بالطابق الأول من مركز التسوق تحت لافتة سوداء كبيرة كُتب عليها بالإنجليزية «أين سألتقيك؟». كان المشهد حميميًا ودافئًا، ولم يغير ذلك التوتر الذي حاول أن يخفيه الرئيس المصري، وهو الذي لم يعتد الظهور في أماكن عامة مثل تلك، بيد أن اللقاء الذي كان ضمن زيارة الرئيس السيسي إلى الإمارات في شهر فبراير/شباط الماضي، سبقه الكثير من الجهد الإماراتي، والكثير من التنازل المصري كي نصل إلى هذه المرحلة. في البدء كانت الثورة عندما استطاع المصريون الإطاحة بالرئيس حسني مبارك بعد أن قضى الملايين منهم 18 يومًا في ميادين مصر الرئيسية، كان ذلك بمثابة جرس إنذار مدوٍّ لكل حكام المنطقة، لكن الأكثر قلقًا، وهو ما ظهر في تصرفاتها اللاحقة، كانت القيادة الإماراتية، وتحديدًا، ولي عهد أبوظبي، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
قلق محمد بن زايد، الذي تجلى في إطلاقه حملة قمع طالت عشرات من النشطاء والإصلاحيين الإماراتيين بالتزامن مع انطلاق الربيع العربي في 2011، ما لبث أن تحول إلى غضب مع صعود الإخوان المسلمين إلى السلطة، وفوز الرئيس السابق محمد مرسي في أول انتخابات رئاسية تشهدها مصر عبر تاريخها، في لحظة لم تتكرر في السنوات الست التي لحقتها. صعود الإخوان لم يكن مفاجئًا لأكثر المتابعين، لكن غضب محمد بن زايد كان مفاجئًا! فبحسب دبلوماسي أميركي تحدث للصحفي المخضرم ديكستر فيلكينز من مجلة نيويوركر، «جُنّ جنون الإماراتيين والسعوديين بعد انتخاب مرسي». وبُعيد انتخاب عضو مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان رئيسًا، بدأ محمد بن زايد استثماره في مصر، لكن بشكل مختلف هذه المرة. فبالتعاون مع رئيس الاستخبارات السعودية في ذلك الوقت، بندر بن سلطان، تواصل محمد بن زايد مع وزير الدفاع المصري الفريق عبدالفتاح السيسي، والذي كان قد عُين في منصبه قبل ذلك بأسابيع. كان العرض الذي قدمه بن زايد للسيسي بسيطًا، ويبدو أنه كان من النوع الذي لم يمكن رفضه، 20 مليار دولار فورًا إذا أُطيح بمرسي. لم يرفض السيسي، لكنه طلب وعودًا بالنجاح. بعد أن حصل عليها، وبعد أشهر من قيام الإمارات بالتنسيق لبناء حملة «تمرد»، التي وفرت الغطاء الشعبي لحركة السيسي، كان الفريق يتلو بيانًا يعلن فيه الإطاحة بمرسي وتعطيل العمل بالدستور، وعهدًا جديدًا في مصر مرسومًا بأقلام إماراتية.   لم يخلف الإماراتيون وعدهم للفريق الذي قرر ترقية نفسه ليصبح مشيرًا، ثم رئيسًا للجمهورية، ولم يُقصّر الأخير مع أصدقائه في أبوظبي كذلك. عهد جديد، عهد الجيش لا يمكن الادّعاء بفهم الغضب الإماراتي من صعود الإسلاميين في مصر بشكل كامل، إلا أن نظرة على المشهد الاقتصادي المصري، والاستثمارات الإماراتية غير المسبوقة في السوق الأكبر عربيًا، قد توفر لنا بعض الإجابات. على الرغم من أن الجيش في مصر كان متدخلًا في الاقتصاد بشكل كبير منذ بداية عهد مبارك، فإن الإطاحة بمرسي وفرت فرصة لقادته كي يُحكموا قبضتهم على الاقتصاد بشكل كامل ونهائي. فمنذ صيف 2013، استطاع الجيش تقديم نفسه، ليس كمنافس للقطاع الخاص فحسب، ولكن كشريك لرجال الأعمال أيضًا. في العام الأول للانقلاب، حصل الجيش على عقود من وزارات الصحة والنقل والإسكان والشباب بقيمة مليار دولار على الأقل لتنفيذ مشاريع بنية تحتية كبيرة. التوسع الكبير لاقتصاد الجيش كان يحتاج لعدد من التعديلات القانونية والتشريعية. يمتلك الجيش ما يُقدر بـ87