2024-11-30 02:33 م

الأسد رفض عرضاً روسيّاً لحضور «قمة أنقرة»

2018-04-07
تغيّرات مهمة ترافق التخبّط الأميركي بشأن نيّات «الانسحاب القريب» من سوريا، تصبّ في مصلحة دمشق التي تستقبل مبادرات إيجابية من دول في الخندق الآخر، ولكنها ترفض التجاوب معها حتى الآن

لم تتّضح بعد حصيلة القمّة الثلاثية بين الرئيس فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الإيراني حسن روحاني، إلّا أن كل المؤشّرات هنا في موسكو، توحي بأن القمّة تعمق أكثر نواة تحالف شرقي يقرّب تركيا أكثر من إيران وروسيا، ويبعدها عن الأميركيين، في ظلّ التنافس «الأطلسي ــ الأطلسي» على أرض منبج السورية، واستمرار التخبّط الأميركي بين وزارة الخارجية والبيت الأبيض ووزارة الدفاع حول المصالحة مع تركيا، والانسحاب من سوريا. غير أن المفاجأة هو ما سبق القمّة، من تمنٍّ روسي على الرئيس السوري بشّار الأسد، المشاركة في قمّة اسطنبول، على ما أكّدت مصادر روسية رفيعة المستوى لـصحيفة «الأخبار» اللبنانية، ليُتَوِّج التمنّي محاولات تركية متكرّرة خلال الأشهر الماضية التقرّب من دمشق، وإعادة العلاقات مع الحكومة السورية والأسد، في الوقت الذي تحتل فيه تركيا أراضي سورية. ويقول المصدر إن «الرئيس السوري اعتذر من روسيا عن عدم المشاركة في القمّة لأسباب عديدة». في الشكل والمضمون، لا يمكن للأسد أن يزور اسطنبول، ولو أن الروس أكدوا للرئيس ترحيب أردوغان هذه الخطوة. ووضع الأسد دعم تركيا للمجموعات الإرهابية في الشمال السوري واستمرارها في التوغّل داخل الأراضي السورية واحتلالها المنطقة من جرابلس حتى عفرين، في عمليتي «درع الفرات» و«غصن الزيتون»، أسباباً مانعة للتواصل مع الأتراك قبل زيارة اسطنبول، وقبل تراجع تركيا عن خرق السيادة السورية واحتلالها جزءاً من الأرض. في المقابل، رفض أكثر من مصدر سوري التعليق على الأمر بالنفي أو بالتأكيد، فيما أشار أحد المصادر إلى أن «سوريا غير مستعدّة للمصالحة مع أي دولة من دول العدوان طالما أنها تعتدي ولا تزال تعتدي على سيادتها».

ومع أن أردوغان أعلن قبل أسابيع أن انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي هدف مهم بالنسبة إلى تركيا، إلّا أن روسيا باتت تعتبر تركيا أقرب إلى المشروع الروسي في سوريا منها إلى المشروع الأميركي، وأن المصالحة بين دمشق وأنقرة تمتّن تشكيل تحالف شرقي كامل مع تركيا وإيران، من البحر المتوسّط إلى أقاصي شرق آسيا. وتأتي الخطوة الروسية ــ التركية تجاه دمشق، في الوقت الذي يظهر فيه السعوديون، أخصام تركيا، تغييراً لافتاً حيال الموقف من الحكومة السورية والرئيس الأسد، لا سيّما بعد كلام الأمير محمد بن سلمان قبل أيام عن بقاء الرئيس السوري في الحكم (السبب الرئيسي موازين القوى في الميدان)، وما كشفه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عن لقاء سوري سعودي حصل قبل فترة. 
هذه الأجواء انعكست إيجاباً على ملف التفاوض الخاص بمدينة دوما، التي شهدت إجلاء مئات من المدنيين والمسلحين نحو الشمال السوري خلال الأيام القليلة الماضية. ورغم التوقف المؤقت، لخروج الحافلات مليئة من دوما، فإن عملية إجلاء الرافضين لتسوية وضعهم لاحقاً مع الحكومة السورية، مستمرّة، بالتوازي مع أحاديث لدى بعض الأوساط المعارضة عن عودة طرح من «جيش الإسلام» لانخراط مسلّحيه في تشكيلات محلية تشارك في حفظ الأمن، بعد التسوية. واعتبرت تلك الأوساط أن التصفيات التي طاولت اثنين من مؤسّسي «جيش الإسلام» تأتي في هذا السياق، على اعتبار أنهما كانا من أبرز رافضي المصالحة مع الحكومة.
وبدت لافتة أمس إشارة المتحدث باسم الرئاسة التركية ابراهيم قالن، إلى أن بلاده لا تنوي تسليم منطقة عفرين إلى الجيش السوري، رغم وجود طلب إيراني بهذا الشأن، خلال القمة الثلاثية في أنقرة، موضحاً أن الرئيس أردوغان أوضح للجانب الإيراني نية بلاده «العمل على أمن واستقرار منطقة عفرين من خلال الجيش السوري الحر، والشعب السوري». وقال قالن إن عملية «غصن الزيتون» سوف تستمر «حتى يتم إخلاء المنطقة المحيطة بعفرين، بما في ذلك تل رفعت، من العناصر الإرهابية»، مضيفاً أن «روسيا قالت إنه لم يتبقّ تقريباً أيّ من عناصر الوحدات الكردية الإرهابيين في تل رفعت، وسوف نتأكد من ذلك عبر مصادرنا الخاصة».
من جهة أخرى، يتواصل الجدل الذي أثارته تعهدات الرئيس الأميركي بانسحاب قريب لقوات بلاده من سوريا، مع تأكيد مسؤولي وزارة الدفاع أن «المهمة لم تنته بعد في سوريا» وأن «ترامب لم يحدد لنا جدولاً زمنياً للانسحاب». وتأتي هذه التصريحات بعدما نقلت عدة وسائل إعلام أميركية الجو المتوتر الذي ساد اجتماع مجلس الأمن القومي الأخير، بسبب التحذيرات التي وجّهها مستشارون بشأن خطة الانسحاب السريع. غير أن ما خرج أمس من عدة مسؤولين، يشير إلى أن الجدول الزمني المفترض لأي انسحاب يبدأ بعد نحو ستة أشهر. وهي المهلة التي وافق عليها الرئيس بعد الاجتماع.