2024-11-25 03:39 م

ما الذي دفع كيم لزيارة الصين؟

2018-03-30
تعتبر الصين الحليف الأقرب لكوريا الشماليّة. لكنّ العلاقات الثنائيّة شهدت توتّراً بينهما خلال الأشهر الماضية مع التجارب الصاروخيّة والنوويّة التي أجراها كيم الصيف الفائت. ولم تكن تجربة القنبلة الهيدروجينية في موقع بونغي-ري أوائل أيلول الماضي تبعد أكثر من 200 كيلومتر عن الحدود الصينية حيث شعر صينيّون بهزّة أرضيّة جرّاء التفجير. أكثر من ذلك، اختار كيم توقيت التفجير ليتزامن مع استضافة بيجينغ قمّة دول البريكس. وكما كتبت حينها كيرستي نيدهام في صحيفة "ذا سيدني مورنينغ هيرالد" الأستراليّة، إنّ كيم خرق الخطّ الصينيّ الأحمر بالتفجير الهيدروجينيّ.

لكنّ تلك التجربة أتت بعد حوالي عشرة أيّام على منع #بيجينغ الشركات والأفراد الكوريّين الشماليّين من خوض أعمال تجاريّة في الصين تماشياً مع عقوبات أصدرها مجلس الأمن الدوليّ مطلع شهر آب. والصين هي دولة محوريّة في إنجاح أي قرار أمميّ يعاقب #بيونغ_يانغ على تجاربها الصاروخيّة. لذلك من المرجّح أنّ ذاك التفجير الهيدروجيني كان موجّهاً ضدّ الصين بمقدار ما كان موجّهاً أيضاً ضدّ الولايات المتّحدة وحلفائها في المنطقة. لكن يبدو أنّ التوتّر الكوريّ الصينيّ أخذ يخفت بالتزامن مع خطوات التهدئة والانفتاح التي بدأت تلوح في الأفق منذ أواخر كانون الثاني. من هنا، ستكون الزيارة الأخيرة قد ساهمت أيضاً في تحسين العلاقات بين الطرفين، وربّما إغلاق صفحة الخلاف بينهما. لكنّ هذا الأمر لا يلخّص كلّ الحدث.

تأخرت

كما كانت الصين محوريّة في تمرير العقوبات الأمميّة ضمن مجلس الأمن على كوريا الشماليّة، كذلك ستكون طرفاً أساسيّاً في إرساء السلام داخل شبه الجزيرة الكوريّة. فهي كانت قد أدّت دوراً كبيراً في إطلاق المحادثات السداسيّة مع مطلع الألفيّة الثالثة. وبالرغم من فشل تلك المحادثات حينها، يمكن اليوم أن تعيد الكرّة مع نسبة نجاح قد تكون أفضل إذا ما قيست مع ظاهر المؤشّرات الأخيرة. لقد هدفت زيارة كيم إلى شرح موقف بلاده والتنسيق مع الصين بحسب ما قاله الباحث في منتدى الأطلسي التابع لمركز الدراسات الاستراتيجيّة والدوليّة أندريه أبراهاميان لهيئة الإذاعة البريطانيّة "بي بي سي". لكنّه أضاف أنّه من وجهة النظر الصينيّة كان يجب على هذه الزيارة أن تتمّ قبل اليوم.

تصميم صينيّ

ووصف البيت الأبيض اللقاء بين الزعيمين الصينيّ والكوريّ الشماليّ بأنّه "مؤشّر إيجابيّ" في "الاتّجاه الصحيح" مؤكّداً أنّ الصين أبلغت الولايات المتّحدة بهذا اللقاء. وقالت الناطقة باسمه ساره ساندرز إنّ "حملة الضغط الأقصى" أثبتت أنّها تؤتي ثمارها، مشيرة إلى احتفاظ الإدارة الأميركيّة ب "تفاؤل حذر" إزاء مجريات الأحداث الأخيرة. فاستقبال الصين لكيم هو إشارة إلى أنّها تريد الانخراط في مباحثات التهدئة المقبلة حول المنطقة. وإبلاغ بيجينغ نفسها لواشنطن بهذه الزيارة يصبّ في الإطار نفسه. وهذا ما أكّده أبراهام دنمارك، مساعد سابق في شؤون شرق آسيا لنائب وزير الدفاع الأميركي حين نقلت عنه صحيفة "ساوث شاينا مورنينغ بوست" قوله: "ما هو واضح أنّ بيجينغ مصمّمة على ألّا يتمّ تهميشها".

دراسة جميع الخيارات

في جميع الأحوال، سيبقى في مصلحة الصين التوصّل إلى إرساء سلام في المنطقة. لذلك ستسعى إلى محاولة وضع بصمتها في أي اتفاق مقبل لكي تضمن دورها في التوازنات الجديدة التي ستبرز بعد الاتفاق المحتمل. لكنّ "التفاؤل الحذر" الذي يخيّم في واشنطن إزاء الزيارة نفسها أو الأحداث المتلاحقة الأخرى، هو نفسه الذي يسود العاصمة الصينيّة على الأرجح. فبيجينغ تدرس بطبيعة الحال احتمالي النجاح والفشل في اللقاءات والمفاوضات المرتقبة، وهذا يعني أنّها تريد الاستعداد أيضاً لعودة الأمور إلى التدهور مجدّداً وحماية أمنها الحدوديّ والإقليميّ. لكنّ رؤية الصين لآليّة هذه الحماية هي التي ربّما قد أقلقت كيم وأجبرته على طلب عقد اللقاء مع الرئيس الصينيّ. وبالتالي، لم ترتبط هذه الزيارة فقط بالعلاقات التاريخيّة بين البلدين.

دافعان

في حديث إلى موقع "فوكس" الأميركي تشرح الخبيرة في الشؤون الصينيّة داخل جامعة "جورج تاون" أوريانا ماسترو أنّ الدافعين الأساسيّين لهذه الزيارة كانا الخوف من الحرب واليأس الذي وصل إليه كيم. فالأخير أدرك أنّ الخيارات العسكريّة الأميركيّة باتت أكثر ترجيحاً اليوم ممّا كان عليه الأمر في السابق وأنّ الصينيّين كانوا يستعدّون لحالات طوارئ لم تتضمّن خططتها دعم النظام الكوريّ. وتضيف أنّه لو أرادت الصين التدخّل في أي حرب مقبلة فسيكون ذلك لمصلحتها الخاصّة التي قد تحتمل التعاون حتى مع الولايات المتّحدة. وفي هذه الحالة، سيقترب نظام كيم من النهاية.

يشير هذا التحليل إلى أنّ استراتيجيّة ترامب نجحت في مكان معيّن بحشر كيم بين خياري الاستمرار في التجارب الصاروخيّة وتلقّي ضربة أميركيّة لن تحيّدها الصين وبين التفاوض حول نزع السلاح الاستراتيجيّ من شبه الجزيرة الكوريّة. ويبدو إلى الآن، أنّ خطّة ترامب تسير وفقاً لما هو مرسوم ... إلّا إذا كان لدى كيم مخطّط آخر.