2024-11-30 02:32 م

أبوظبي تلهث في أفريقيا لتمكين نفوذها

2018-03-20
الجولة الأخيرة، التي قام بها وزير الخارجية الإماراتي لعدد من الدول الأفريقية مؤخرا، عكست رغبة أبوظبي في استمالة الدول الأفريقية الصاعدة، والتي باتت تشكل مناطق نفوذ اقتصادي شديد الأهمية.

وبحسب مراقبين، وجدت الإمارات نفسها، وبشكل مفاجئ، في مكان متأخر كثيرا بقلب أفريقيا الذي شهد على مدار الأسابيع والشهور الماضية جولات ناجحة مؤخرا على أعلى المستويات من قطر وتركيا، تكللت بتقوية الروابط بين كل من الدوحة وأنقرة، بأبرز مراكز القوى في القارة السمراء.

لكن جولة الوزير الإماراتي الأخيرة، وفق موقع الخليج الجديد، اختلفت كثيرا في الأسلوب، وإن اتفقت في الاستراتيجية، فالأسلوب كان شبيها بمحاولة للحاق بالركب، مستلهمة الشعار أن تصل متأخرا أفضل من ألا تصل إطلاقا. وجاءت تلك الجولة بعد جولات قام بها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، وجولة قام بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

ورغم أن الإمارات أعلنت أنها سترسل وزير خارجيتها إلى إثيوبيا، ولم تتطرق إلى أماكن أخرى، إلا أن الجميع فوجئ بالوزير الإماراتي يبدأ جولته بالعاصمة السنغالية داكار، ثم جاءت الزيارة المعلنة إلى إثيوبيا، قبل أن يختم بن زايد جولته، بدولتي مالي ورواندا.

وأكد الموقع أنه بنظرة سريعة على خريطة الجولة الإماراتية الأخيرة يمكن الخروج بعدد من الملاحظات، ففيما يتعلق بالسنغال، تحاول الإمارات لملمة آثار الضربة التي تلقتها هي ودول الحصار من السنغال، عندما قررت إعادة العلاقات كاملة مع قطر، بعد نحو شهرين فقط من إعلان قطعها وسحب السفير السنغالي من الدوحة، بالتوازي مع اندلاع الأزمة الخليجية، وهو التطور الذي قرئ على أنه نتاج ضغط هائل من السعودية والإمارات على السنغال بأوراق اقتصادية وسياسية مهمة.

ومثلت زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، إلى السنغال في ديسمبر الماضي ذروة انتصار سياسة النفس الطويل القطري حيال ما فعلته دول الحصار على الجبهة الأفريقية، لذلك كان مهما أن يبدأ بن زايد جولته بالسنغال لمحاولة استكشاف ما جرى وإعادة توجيه البوصلة السنغالية نحو وجهات نظر دول الحصار مجددا، وقد يكون الإغراء باتفاقيات اقتصادية بابا مهما.

وجاءت زيارة وزير خارجية الإمارات إلى السنغال، كما أعلن بعد ذلك في الأساس لإعادة افتتاح سفارة أبوظبي في داكار، وهي خطوة مهمة قد تتبعها الإمارات بخطوات لمحاولة إعادة استمالة السودان إلى صف دول الحصار، باعتبارها إحدى أبرز قوى أفريقيا. ليس قطر فقط، هي المستهدفة بزيارة الوزير الإماراتي إلى السنغال، ولكن تركيا أيضا، والتي كان رئيسها رجب طيب أردوغان على موعد مع استقبال مميز في داكار، مطلع مارس الجاري، في زيارة خصصت لها القنوات التلفزيونية الرسمية في السنغال قسما كبيرا من بثها وعلى رأسها قناة RTS الرسمية.

إثيوبيا

تعد إثيوبيا من أكثر الدول تأثيرا في القارة السمراء، فهي تحتضن مقر الاتحاد الأفريقي، وتتبوأ مكانة رفيعة في معدل النمو الاقتصادي والاستثماري خلال الفترة الأخيرة. ويتوقع أن يكون التعاطي الإماراتي مع إثيوبيا مختلفا بعض الشيء عن السنغال، فالأمر لن يقتصر على محاولة استمالة أديس أبابا إلى وجهات نظر دول الحصار ضد قطر فقط، بل قد يتجاوزه إلى محاولة التدخل في الأزمة السياسية الحالية التي تشهدها البلاد، بعد الاستقالة المفاجئة لرئيس الوزراء الإثيوبي هايلي مريام ديسالين والأزمة التي سببتها للحزب الحاكم هناك. وكان لافتا أن وزير الخارجية الإماراتي حريص على مقابلة ديسالين رغم استقالته. لكن احتمالية التأثر الإثيوبي بأية محاولة للتدخل السياسي من الإمارات في نظامها تظل مستبعدة، نظرا لرفض التدخل الخارجي، حتى بين أوساط قادة المعارضة الإثيوبية.

وتبقى احتمالية أخرى، وهي محاولة الإمارات إدخال إثيوبيا بقوة في الاتفاقية المشبوهة بين شركة موانئ دبي العالمية، وحكومة أرض الصومال، غير المعترف بها في مقديشو، للاستحواذ على ميناء بربرة الصومالي، وهي الاتفاقية التي أثارت غضب مقديشو ودفعتها إلى الاحتجاج رسميا أمام الجامعة العربية، والتي اعتبرتها باطلة، وتضر بالسيادة الصومالية. ومن المعروف أن هناك رغبة من دول الحصار في معاقبة الصومال، بسبب رفضها الضغوط الهائلة التي مورست عليها، لا سيما من السعودية والإمارات لمقاطعة قطر.

من جهة أخرى، ستحاول الإمارات النفاذ إلى أية فجوة في العلاقات الإثيوبية مع قطر وتركيا ومحاولة توتيرها، في ضوء تميزها مؤخرا، حيث استضاف حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، رئيس الوزراء الإثيوبي في الدوحة، في نوفمبر من العام الماضي كما زار الرئيس أردوغان إثيوبيا في 2015.

مالي ورواندا

باعتبارهما من القوى الاقتصادية الأفريقية الصاعدة، تهتم الإمارات بمحاولة التواجد في مالي ورواندا، خصوصا أن الأولى شهدت زيارة من صاحب السمو وكذلك من الرئيس التركي.

لا يجب إغفال أيضا لقطة الاهتمام السعودي المفاجئ بالقارة السمراء، وهو الأمر الذي تمثل في تعيين الرياض، الدبلوماسي المخضرم أحمد قطان، وزيرا خاصا للشؤون الأفريقية، بخبرته الطويلة في استمالة مراكز القوى والشخصيات المؤثرة بالمال السعودي، ومهارته في إدارة العلاقات مع القيادات السياسية والاقتصادية داخل الدول الأخرى.

ويبدو بالفعل أن ثمة استراتيجية وضعت داخليا بين دول الحصار تقضي بأهمية مجاراة التحرك القطري التركي الطموح في أفريقيا، والذي وصل ذروته في الأسابيع والشهور الماضية، وهو ما انتبهت إليه دول الحصار، حيث باتت أفريقيا، بخيراتها الاستراتيجية ساحة للتنافس بين دول المنطقة.
(الشرق)