2024-11-25 06:45 م

كيف تورطت قطر في سفك دماء شباب تونس؟

2018-02-07
شكل التحاق مجموعات كبيرة من الشباب التونسي بتنظيم داعش لأجل القتال في سوريا والعراق، صدمة كبيرة للمجتمع التونسي المعروف بالانفتاح والتسامح الديني والمذهبي، وخلّف حالة كبيرة من التساؤلات في أوساط السياسيين والباحثين الاجتماعيين التونسيين عن أسباب التمدد السريع للتيارات التكفيرية في نسيج المجتمع التونسي، الذي لم يعرف طوال تاريخه ظواهر التطرف الديني وما يتبعها من أعمال إرهابية.
التحقيقات الحثيثة التي أجرتها الجهات الرسمية التونسية كشفت عن دلائل أثبتت تورط جهات داخلية تدعمها قطر، تقوم بتسفير الشباب التونسي للالتحاق بتنظيم داعش فى سوريا عن طريق تركيا، وكشفت الأرقام التي أعلنتها الحكومة التونسية عن التحاق ما يقرب من 6 آلاف شاب تونسي للالتحاق بتنظيم داعش الإرهابى بين عامي 2012 و2016.

قطر والنهضة.. التحالف المسموم

عانى المجتمع التونسي من تنامي ظواهر التطرف الديني وتغلغل الاأفكار الإرهابية، وخصوصا بعد الصعود السريع لجماعة النهضة، الذراع السياسية لحركة الإخوان التونسية بقيادة راشد الغنوشي،  واكتساحها للانتخابات في الفترة الأولى الانتقالية، والتي أعقبت الثورة التونسية، وصورت قناة الجزيرة اكتساحهم للانتخابات وقتها بأنه تعبير عن مدى شعبية تنظيم (حركة النهضة).

 ولكن لم يكن خافيا على جل المراقبين لعبة الأيادي القطرية الخبيثة في الخفاء، والتي سعت (بأموالها) لتغير موازين القوى في الساحة التونسية لصالح حلفائها الإسلاميين والعمل لإيصالهم إلى السلطة, لم تدخر قطر جهدا لدعم حليفها راشد الغنوشي، ذراع قطر في داخل تونس ودمية الشيخ يوسف القرضاوي؛ لتنفيذ الاتفاقات السرية بينهما، وفتحت جهات داخلية تونسية وأحزاب من داخل البرلمان التونسي ملفات التحقيق مع بنوك ثبت تورطها واستخدامها لإدخال الأموال القطرية، وتواجه حركة النهضة نفس الاتهام الذي لم تستطع نفيه.

أثمر التحالف المسموم بين حركة النهضة بقيادة راشد الغنوشي وآل خليفة،  بأن تتحول تونس إلى مركز وقاعدة تجمع للإرهاب، ونقطة انطلاق لتنظيم داعش في المغرب العربي، كما يشمل الاتفاق السري أن تشرف حركة النهضة على تدريب مقاتلي داعش وإيوائهم.

قامت الدوحة بإخلاص بربط "النهضة" بشبكة علاقات قوية مع الجماعات الإسلامية المتشددة في ليبيا والجزائر ونيجيريا، وقام الغنوشي بزيارات عديدة "سرية" إلى الدوحة؛ لتنفيذ الاتفاق المرسوم الذي كشف عن قيام حركة النهضة بالإسناد والإشراف على تنفيذ المخطط الذي خصصت له الدوحة أموالا طائلة لتحويل الأراضي التونسية إلى ساحة؛ لتجنيد الإرهابيين لتسفيرهم إلى ساحات القتال في الدول العربية المستهدفة وخاصة ليبيا والجزائر،  وهو ما شكل أزمة داخلية حانقة في الداخل التونسي، كادت تتطور إلى حرب أهلية طاحنة؛ بسبب العبث القطري بالسيادة الوطنية التونسية، وتوريطها في دعم الإرهاب في الإقليم.

أموال قطر لدعم الإرهاب خلف ستار العمل الخيري

تحقيقات الأجهزة الأمنية التونسية التي أجرتها مع المسؤولين على أكثر من 100 جمعية خيرية، كشفت أن 99% من التمويلات الخارجية تضخها دولة قطر مصدرها "جمعية قطر الخيرية" التي تعد نواة التمويل الإرهابي داخل تونس،  وعملت تحت ستار العمل الخيري في المناطق الفقيرة في الريف التونسي، ويتهمها الشارع التونسي بزرع الأفكار التكفيرية داخل الشباب التونسي، وطالتها الاتهامات بتورطها في اغتيال المعارضين اليساريين وتزوير الانتخابات في تلك المناطق والتخطيط لأكثر من 10هجمات إرهابية، أبرزها حادث بن قردان.

قطر ودم الشباب التونسي

يفصل الكاتب التونسي رياض الصيداوي، مدير المركز العربي للدراسات السياسية والاجتماعية بجنيف، في كتابه خريف الدم العربي: «أسرار داعش وأخواتها» حقيقة المؤامرات القطرية ضد دول المغرب العربي الثلاث تونس وليبيا والجزائر،  ويذكر الصيداوي في كتابه أن مشروع قطر الأساسي يهدف لزعزعة استقرار المنطقة وخلق حالة من البلبلة والغليان.

ويشير لتخطيط الدوحة للهيمنة على المنطقة عبر تونس وجعلها نقطة الانطلاق الاستراتيجية إلى داخل العمق الأفريقي المفكك، بسبب فساد الأنظمة التي تحكم تلك الدولة وتدهور اقتصاديتها، والتي يمكن استمالتها بالأموال القطرية.

ويشرح كيف استهدفت دولتي ليبيا والجزائر وأسقطت نظام القذافي، ثم خلقت حالة من الانقسام والاحتراب الداخلي بين المكونات الليبية الرئيسية، وإفشال أي جهود للمصالحة الوطنية، وشرعت في دعم الحركات الجزائرية المعارضة بتمويل قنوات ومؤسسات إعلامية" مأجورة" في لندن تحت ذريعة "دعم التحول الديمقراطي"؛  ليكون شغلها الشاغل فبركة أحداث عن الجزائر لأجل زعزعة نظام الحكم حتى يسهل وقوعه في قبضة الجماعات الإرهابية.

أشار الصيداوي إلى استغلال الدوحة حال التفكك والارتباك في المؤسسات الأمنية التونسية التي حلت بالأجهزة الأمنية التونسية بعد سقوط نظام بن علي، وعملت على زرع وكلائها بعناية في داخلها، ويشير كذلك إلى دور حركة النهضة التي دعمت إنشاء الجمعيات الخيرية؛ لتعمل كغطاء لزرع الأفكار التكفيرية المتطرفة وغسل أدمغة الشباب.

يقول الصيداوي في الكتاب: إن الأمر لا يحتاج إلى خيال واسع لنعرف أن من يوصل الشباب التونسي إلى حلب للجهاد في سبيل إسرائيل وآل خليفة يلزمه على الأقل 10 آلاف دولار يوفرها الشيخ الذي جنده مع تذاكر السفر والفنادق التركية وغيرها من مصاريف.

تأتي المرحلة التالية بعد عملية غسيل أدمغتهم أعدادهم للسفر لسوريا عبر مطار تونس "قرطاج"،  وتسهيل وصولهم إلى تركيا دون أن يخضعوا للإجراءات الديوانية الروتينية العادية،  الأمر الذي كشف للأجهزة الأمنية التونسية وجود وتورط أذرع لقطر في داخل أجهزة الأمن.

ويشير إلى أنّ الأخطر من ذلك كله هو اختراق قطر لوسائل إعلام تونسية ولسياسيين ورجال أعمال ومؤسسات، ولم يعد يعرف هل ولاؤها لتونس أم للدوحة؟

ومن جانب آخر، يقول: سهلت قناة الجزيرة المهمة؛ إذ عملت كبوق إعلامي من خلال تقاريرها المفبركة عن الأوضاع في سوريا لتأجيج مشاعر هؤلاء الشباب، وغسل أدمغتهم لدفعهم إلى السفر، وأفاد بعض العائدين منهم من خلال التحقيقات التي أجريت معهم بأنهم أرادوا مساعدة السوريين ومحاربة النظام السوري، بعدما شاهدوه من مجازر فبركتها عبر قناة الجزيرة القطرية.

قدرت الجهات الأمنية التونسية سابقا حجم الأموال القطرية التي تم تحويلها إلى داخل تونس لدعم الإرهاب، ما يقارب من 20 مليون دولار خصصت أغلبها لتمويل تسفير الشباب، وتجري السلطات تحقيقات لكشف المتورطين مع الدوحة في التغرير والزج بالشبان.