2024-11-28 10:04 م

تورط أمراء سعوديين في فضيحة فساد بشركة "1MDB" الماليزية

2018-01-18
تناولت الحلقة الثانية من البرنامج الوثائقي للـ "بي بي سي" عن السعودية، الفساد الذي يضرب فيها منذ عقود، ويكشف البرنامج العديد من الشخصيات السعودية التي تورطت في قضايا فساد في عدد من دول العالم، حيث بدأ البرنامج بماليزيا ودور الأمير تركي بن عبدالله نجل العاهل السعودى الراحل في فضيحة خاصة بشركة " 1MDB " التي كان قد أسسها رئيس الوزراء الماليزي نجيب عبد الرازق.

وكشف توني بوي- احد قادة المعارضة- عن تحقيقات قام بها خلال 8 سنوات حول فقد أموال هذه الشركة التي كانت تعتبر استثمارا للفقراء لمساعدتهم، واكتشف أن شركة تدعي "بترو سعودي" أسست بالتعاون مع الأمير تركي، هي من اولى الشركات التي حولت اليها اموال شركة " 1MDB " من خلال صفقة سرية عقدتها مع بترو سعودي في البحر المتوسط، وكما يقول البرنامج الوثائقي كانت الصفقة عبارة عن استثمار مليار دولار في شركة الامير تركي، لكن في غضون ايام كانت 700 مليون دولار من هذه الاموال قد اختفت، ونفت "بترو سعودي" ان تكون قد قامت بأي شيء خطأ غير أن الشركة لم تتوقف بعد ذلك واستمرت في إهدار الأموال في مغامرات تجارية بالشراكة مع الامير تركي.

اتهامات بغسل الأموال

وتقول المحققة البريطانية كيلربراون: من الواضح أن عبد الرزاق كان حلقة الوصل مع الامير تركي بن عبدالله لاضاعة هذه الاموال وحصل هو على عمولته، وبعدها وصلت القضية الى امريكا وبدأت الـ "اف بي اي" في تحقيقاتها، حيث رفع الامريكيون دعاوى قضائية لاستعادة مليار دولار للشركة الماليزية التى اتهمت بغسل أموال وصادروا بعض أموال الشركة الماليزية، ولكن لم توجه للجانب السعودي أية تهم، وكما تقول المحققة: فان الاموال التي اختفت كانت قد ذهبت الى حساب الأمير تركي في صورة عمولة.

صفقات وعمولات

ويقول البرنامج إن النظام السعودى يستحوذ على خمس احتياطي النفط على مستوى العالم، وربما كان ذلك كافيا ليوفر لهم مزيدا من الاموال، ولكن بالنسبة للعديد من الأمراء غير كاف وأن لا شيء يكفي، وذكر السفيرالامريكي السابق لدى السعودية السير ويليام باتي أن النظام استولى على الملايين من الأموال، وأن معظم الاموال تأتيهم من العمولات من خلال عقود الصفقات والتربح من الأموال العامة للدولة.

ويشير البرنامج إلى ان البلد الوحيد الذي كان يمثل أكبر مصدر للرشاوى للنظام السعودي هو بريطانيا، ففي ستينيات القرن الماضي كانت ثروات السعوديين تزداد بشكل كبير، ووجد قطاع الخدمة المدنية البريطاني أنه يمكنه ان يحصل على المليارات بتوقيع عقود مع الحكومة السعودية، مشيرا إلى كتاب صدر مؤخرا اسمه "الخداع في الاماكن العليا" ذكر مؤلفه أن الاجراء المعتاد لاتمام الصفقات قبل 50 عاما كان عبر دفع العمولات لأمراء وشخصيات في السعودية لتأمين صفقات السلاح.

أولى الصفقات

وذكر البرنامج نقلا عن الوثائق البريطانية أن شخصيات سعودية ومنها الملك السابق عبد الله كان يحصل على هذا العمولات، وأنه عندما كان قائدا للحرس الوطني السعودي وكان راغبا في تحديث الجيش بالتعاون مع بريطانيا؛ ولكنه لم يحب أن يناقش العمولات وجها لوجه، ووفق البرنامج كانت بيروت أول مكان لإتمام أول صفقة، حيث تواصل شخص مع السفارة البريطانية في بيروت هو "محمود فستق" وكان زوج أخت الأمير عبد الله في ذلك الوقت وجعل منه الوسيط المثالي للرشاوي ووافقت بريطانيا على دفع ما قيمته 7.5 % من العقد أي ما يساوي 170 مليون استرليني لكن الصفقة فشلت، وأنه بعد ذلك بسنوات وقعت صفقة أكبر منها لتوفير أجهزة الاتصال إلى الحرس الوطني السعودي ووفر ذلك لعبد الله عمولات قدرت بنصف مليار استرليني، والحكومات البريطانية المتعاقبة أبقت الامر سرا وغير مسموح الإعلان عنه ولمدة 40 عاما وحتى 2005.

وذكرالبرنامج أن السعودية في السابق لم تكن بهذا الفساد حيث كان يتبرع الملك عبدالعزيز بالمال إلى الفقراء، وتحدث عن الملك فيصل بانه كان زاهدا وحالت أمانته بينه وبين الفساد وتكدست أموال النفط فى الخزانة السعودية لتصل الى ما يوازي الموجود في كل من أمريكا واليابان وألمانيا مجتمعة في عهده، ومع تولي العديد من الأمراء وبدأت العمولات ترتفع لتسجل ما بين 8 % الى 10 %، وكما تقول إحدى الوثائق البريطانية أن الأمير سلطان بن عبد العزيز كان طامحا للحصول على الرشاوى.

اليمامة أسوأ الصفقات

وكشف البرنامج عن صفقة "اليمامة" التي وقعتها بريطانيا مع السعودية عام 1985، حيث تورطت فيها شخصيات سعودية بارزة بحصولهم على عمولات ضخمة، ومن بينهم تركي بن ناصر الذي كان يعمل ضابطا في سلاح الجو السعودي وكان يعيش حياة البذخ في لندن فى ثمانينيات القرن الماضي متنقلا عبر العديد من مدن العالم، وكانت فواتير تلك الامور تصل الى 2 مليون استرليني شهريا، وفي احدى المرات استأجر طائرة 747 الكبيرة لنقل المشتريات التي يحملها.

وتوصل البرنامج إلى أنه كان يحصل علي تلك الاموال من عمولات توسطه في صفقة اليمامة، وكانت هذه العمولات تدفعها شركة " BAE "البريطانية لصناعة السلاح نيابة عن الحكومة البريطانية.

وفي عام 2002 عندما صدر قانون جديد للرشاوى في بريطانيا قام " بيترجارنر" الذي كان ينظم رحلات الأمير تركي بالكشف عما كان يعلمه عن طبيعة الرشاوى والعمولات التي كان يحصل عليها تركي بن ناصر خلال صفقة اليمامة، متحدثا بذلك كله إلى صحيفة "الجارديان" وبدأ التحقيق للتوصل إلى طبيعة هذه الممارسات السيئة التي كانت تحدث، ودلل البرنامج على حجم الفساد الهائل في هذه الصفقة، وذكر البرنامج نقلا عن المحقق البريطاني "أندرو فينستن" ان بريطانيا من أجل أن تحصل على الصفقة دفعت عمولات تصل إلى 6 مليارات جنيه استرليني للسعوديين وأن معظم هذه الاموال ذهبت إلى أعضاء بارزين في الأسرة الحاكمة.

وذكر البرنامج أن فساد صفقة اليمامة طال أيضا الأمير بندر بن سلطان، حيث كانت السعودية تدفع إلى بريطانيا براميل بترول بدلا من الأموال السائلة قيمة الصفقة ونظرا لارتفاع سعر البترول آنذاك كانت الأموال التي تزيد على قيمة الصفقة توضع في حساب في بنك "انجلترا" والباقي يعود الى وزارة المالة السعودية ولكنها والقول للسفير البريطاني الأسبق في السعودية ويليام باتي كانت تذهب في حسابات الأمراء أيضا في حسابات داخل الولايات المتحدة يسيطر عليها الأمير بندر على مدى 20 عاما، وذكر البرنامج أن الأمير بندر حصل على طائرة خاصة من طراز ايرباص كرشوة من البريطانيين، وحتى عام 2007 كان دافع الضرائب في بريطانيا يدفع قيمة صيانة هذه الطائرة التي غطت بألوان علم دالاس الامريكي وهو الفريق المفضل للأمير بندربن سلطان، وقد تعرض مكتب الاحتيال في بريطانيا لضغوط كبيرة لوقف التحقيق في الصفقة من جهات عليا في الحكومة البريطانية، وفي نهاية الأمر تدخل رئيس الوزراء البريطاني توني بلير لإغلاق ملف الصفقة.

الوليد لم يبرأ من الفساد

وذكر البرنامج أنه حتى الوليد بن طلال لم يبرأ من الفساد وتحدث عن شركته للإنشاءات في هولندا "Ballast Nedam " التي نفذت العديد من المشاريع في السعودية ومنها مشروع إعادة تجديد المطارات العسكرية السعودية وأن 57 % من قيمة الصفقة قد سجلت على شكل عمولات وصلت الى الوليد، وتساءل البرنامج عن التحول المفاجئ لاستراتيجية مكافحة الفساد التي يقودها ولي العهد الآن. وأورد البرنامج مشاهد القبض على العديد من الأمراء والمسؤولين والذين وردت أسماؤهم ليقوم باحتجازهم بدعوى محاولة دحر الفساد.
(الشرق)