2024-11-30 02:38 ص

برعاية أمريكية.. 3 مسارات لداعش من الرقة إلى سيناء المصرية

2017-12-25
خلال شهرين تعرضت مصر لثلاث هجمات إرهابية نوعية تحمل بصمات "داعش" بالتزامن مع هزيمة مريرة تلقاها التنظيم الإرهابي في سوريا والعراق وفرار فلوله، بعد صفقة رعتها الولايات المتحدة، نحو مناطق عديدة بينها سيناء المصرية، وفق معلومات متواترة وآراء معنيين.

هذا الفرار الداعشي من الجارتين سوريا والعراق نحو مناطق أخرى، بينها مصر، أكده الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي في 24 أكتوبر/ تشرين أول 2017، بعد أربعة أيام من هجوم إرهابي استهدف عناصر أمنية في منطقة الواحات (غرب)، وأسفر عن مقتل 16 شرطيًا.

آنذاك قال السيسي في حديث متلفز: "النجاح الموجود في سوريا والعراق (ضد داعش) سيترتب عليه انتقال العناصر الإرهابية من هذه الجبهة في اتجاه ليبيا ومصر (الحدود الغربية) وشبه جزيرة سيناء شمال شرقي مصر وغرب إفريقيا".

وعقب إعلان هزيمة "داعش" في سوريا والعراق، الشهر الماضي، تواترت تقارير إعلامية عن تسلل بعض عناصره إلى سيناء، عقب "صفقة الرقة"، التي أبرمت بين ما تسمى بـ"قوات سوريا الديمقراطية" و"داعش" برعاية أمريكية، فيما عُرف بـ"صفقة الرقة" لتأمين خروج عناصر داعش منها.

ويشكل تنظيم "ب ي د" (حزب الاتحاد الديمقراطي) وهو ذراع منظمة "بي كا كا" الإرهابية في سوريا، العمود الفقري لـ"قوات سوريا الديمقراطية".

ووفق معلومات متواترة ومحللين مختصين في الشأن العسكري والجماعات المتشددة فإن التمكين الأمريكي لـ"داعش" من الانسحاب "الآمن" من معاقله يعتمد ثلاثة مسارات صعبة للتسلل إلى سيناء، وهي: "التدفق البري مرورا بالأردن، والإنزال الجوي، والتسلل عبر سواحل سيناء".

وكانت النيابة المصرية اتهمت، في 25 نوفمبر/ تشرين ثانٍ الماضي، عناصر قالت إنها ترفع علم "داعش" باستهداف مسجد "الروضة" في مدينة العريش، بمحافظة شمال سيناء يتردد عليه صوفيون، في أضخم هجوم بتاريخ مصر، أسقط 315 قتيلا وأكثر من 200 جريح.

وفي تطور لافت، تبنى "داعش" هجومًا بقذيفة كورنيت، يوم 19 ديسمبر/ كانون أول الجاري، على مطار مدينة العريش، أثناء تواجد وزيري الدفاع والداخلية المصريين في المدينة، ما أسفر عن مقتل ضابط، وفق بيان رسمي إلى جانب تبني "داعش" للهجوم.

وقال المتخصص في شؤون الجماعات المتشددة، كمال حبيب، في تصريح صحفي الأربعاء الماضي، إن "التنظيم حصل على هذا الصاروخ من القوات (لم يحددها) التي كانت تمدها أمريكا في لحظة معينة بالصواريخ في سوريا" في إشارة إلى "ب ي د".

** عروض أمريكية:

ورغم الإجراءات الأمنية المصرية المشددة، أعرب ضياء رشوان، رئيس هيئة الاستعلامات المصرية (تتبع الرئاسة)، نقيب الصحفيين الأسبق، عن تخوفه من المساس بسيناء.

وجاء تصريحه هذا تعليقا على مقال نُشر في صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، في 19 ديسمبر/ كانون أول الجاري، لكل من أندرو ميللر وريتشارد سوكلوسكي، وهما مسؤولان أمريكيان سابقان، تحدث عن تجاهل القاهرة لعروض أمريكية لتدريب قوات مصرية على أساليب مكافحة التمرد في سيناء.

وتطرق رشوان، في تصريحات متلفزة، الثلاثاء الماضي، إلى رغبة أمريكية بوضع سيناء تحت إشراف أمني دولي، رابطًا بين تلك الرغبة والموجة الإرهابية التي تشهدها شبه الجزيرة المصرية.

** "صفقة الرقة":

وأُبرمت في منتصف أكتوبر/تشرين أول الماضي، بتنسيق أمريكي واتفاق بين "بي كا كا/ ب ي د" و"داعش" صفقة قضت بمغادرة عناصر التنظيم مع أسرهم الرقة باتجاه ريف محافظة دير الزور السورية (شرق).

لكن تقارير صحفية تفيد بتوجه تلك العناصر إلى مناطق ساخنة على غرار سيناء ومناطق أخرى في شمالي إفريقيا.

وأوائل الشهر الجاري، قال طلال سلو، الناطق المنشق عما يسمى بـ"قوات سوريا الديمقراطية"، للأناضول، إن التنظيم سمح لإرهابيي "داعش" بالخروج الآمن ثلاث مرات بالتنسيق مع الولايات المتحدة، وذلك من مناطق منبج والطبقة والرقة.

صحيفة "اليوم السابع" المصرية (خاصة/ قريبة من النظام)، نقلت من جهتها، في تقرير لها مؤخرًا، عن مصادر سورية (لم تسمها) قولها إن مسلحي "داعش في سوريا يتدفقون إلى سيناء مرورا بالأردن ومنها إلى مصر، مرجحة أنه يتم نقلهم إلى إحدى دول الجوار، عبر طائرات حربية أو طائرات شحن معدات عسكرية، ومن ثم يتم نقلهم إلى مصر".

ولفتت المصادر، بحسب الصحيفة، إلى إمكانية نقل المسلحين الفارين من الرقة، ضمن الصفقة، ويقدر عددهم بـ 700 مقاتل محملين بالأسلحة والذخائر، عبر الجو إلى مصر.

** 3 مسارات إلى سيناء:

ووفق الخبير العسكري المصري، صفوت الزيات، فإن داعش قادر على التسلل إلى سيناء، رغم كونها ليست الوجهة المفضلة له.

ويربط الزيات بين قدرة التنظيم على التسلل إلى سيناء وقدرته سابقًا على العمل في صحراء الأنبار (غربي العراق)، والوصول إلى مناطق في الصحراء الأردنية وفي بادية الشام (تقع جنوب شرقي سوريا وتضم شرقي الأردن وغربي العراق وشمالي السعودية).

التسلل البري، بحسب الزيات، ليس المسار الوحيد أمام داعش لاختراق سيناء، حيث إنها تتمتع بمناطق ساحلية تساوي نحو أربعة أضعاف الحدود البرية المحاذية لإسرائيل وقطاع غزة.

ويشير إلى أن "المناطق البحرية المفتوحة في سيناء تُسهل عملية الإنزال البحري، بواسطة زوارق أو سفن تجارية أو أدوات أخرى".

فيما يستبعد الخبير العسكري فكرة لجوء العناصر الإرهابية في التسلل إلى مصر بطريقة شرعية عن طريق الجو.

ويوضح أنه "أمر صعب وضعيف للغاية في ظل الإجراءات الأمنية المشددة التي تتخذها مصر في محاولتها لإعادة السياحة الروسية، بعد توقفها منذ عام 2015"، في إشارة إلى سقوط طائرة روسية بسيناء في حادث تبناه "داعش".

** "تواطؤ إقليمي ودولي":

في المقابل، يرى الخبير العسكري المصري، طلعت مسّلم، أن "المسارات البرية لتسلل إرهابيي داعش إلى سيناء غير واضحة.. والواضح منها غالبًا تحت مراقبة السلطات، وبالتالي يبحث المسلحون عن طرق إمكانيات تأمينها محدودة وتستبعدها القوى الأمنية".

ويتابع مسلم، أن "مسلحي داعش سيبحثون عن طريق عبر البحرين (الأحمر والمتوسط) أو ليبيا أو السودان ليصلوا إلى مصر، ومن داخلها يتسللون إلى سيناء، وهو أمر ليس بالهين".

ولم يستبعد وجود تواطؤ إقليمي ودولي في مسألة تيسير نقل المسلحين إلى سيناء، عبر أجهزة مخابرات دول (لم يسمها) تلعب أدوارًا في بعض الأحيان خارج سيطرة قيادتها السياسية.

فيما يقول الباحث المتخصص في شؤون الجماعات المتشددة، أحمد مولانا، إنه لا توجد أية مسارات برية بين مصر وسوريا تسمح لمقاتلي داعش بالتسلل إلى سيناء.

ويتابع للأناضول: من الصعب الوصول برًا إلى سيناء عبر ليبيا والسودان، أو بحرًا في ظل وجود السفن الأمريكية والروسية والإسرائيلية بالمنطقة، كما لم يتم توقيف دواعش سابقا في مصر أتوا بحرًا.

ويضيف مولانا أن "المسار الوحيد لعناصر داعش للتسلل إلى سيناء هو القدوم كسياح ثم السفر إليها، وهذا يصلح كمسار فردي محدود ولغير المعروفين أمنيًا".

** دعشنة المنطقة:

وثمة أمر يشير إليه الخبير العسكري الزيات يتمثل في أن "داعش لا يركز على سيناء فقط، فنحن أمام تنظيم يعيد تشكيل نفسه، ولديه وعاء تجنيدياً كبيراً".

ويضيف أن "التنظيم لديه مناطق حضرية أكثر ملائمة للعمل من سيناء، إذ لديه مساحات ومجتمعات غاضبة تعرضت لكوارث بشرية لا سابقة لها، وبالتالي مهمته الأكبر من وجهة نظره هي الشام".

لكنه يستدرك: "سنجد بعض التسرب تجاه مصر وشمال إفريقيا.. سيناء مكشوفة وأكثر خطرًا بالنسبة للتنظيم على خلاف تواجده على طول وديان نهري دجلة والفرات والمناطق السكانية الكثيفة بين حلب ودمشق وصولا إلى درعا (جنوبي سوريا)".

ويشير الزيات إلى أن "هناك اتهامات متبادلة بين الولايات المتحدة وروسيا بالتواطؤ في تسيير حركة داعش في البادية السورية، والسماح بتسللهم من المناطق التي تسيطر عليها القوات والمسلحين الموالين للطرفين".