2024-11-25 08:32 م

عواصم عربية تقود تحركات سرية لقلب المشهد السياسي الفلسطيني

2017-12-23
يبدو أن الإدارة الأمريكية قد قررت الاستغناء عن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وحرق ورقته السياسية بالكامل، بعد التصعيد الأخير الذي جرى بين رام الله وواشنطن على خلفية توقيع الرئيس دونالد ترامب قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لـ"إسرائيل" ونقل السفارة الأمريكية إليها.

عباس يعلم أن أيام بقائه في رئاسة السلطة الفلسطينية أصبحت معدودة، وأن هناك تحركات سرية تجري من خلف ظهره تشارك فيها دول عربية لتجهيز خليفته في الرئاسة ووضع الخطوط العريضة للمرحلة التي تلي تنحيه عن كرسي الحكم الذي يجلس عليه منذ العام 2005، بحسب مصادر فلسطينية.

وبحسب معلومات حصلت عليها "الخليج أونلاين"، من مصادر فلسطينية رفيعة المستوى في السلطة، فإن الإدارة الأمريكية أعطت الضوء الأخضر لخلاياها في المنطقة بالتحرك لإيجاد البديل الفلسطيني، وأصبح هذا الملف "بديل عباس" بالنسبة لترامب أولوية كبرى قبل إطلاق أي عملية سياسية تتعلق بإيجاد حلول للصراع وإحياء مشروع "التسوية" بعيداً عن عباس.

ومع انقضاء عام 2017، ينهي الرئيس محمود عباس 13 عاماً في الحكم، بعد انتخابه، في 15 يناير 2005، رئيساً للسلطة، رغم انتهاء ولايته الدستورية عام 2009 بسبب أحداث الانقسام الفلسطيني، وشن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة أواخر عام 2008.

ما علاقة دحلان؟

وكشفت المصادر لـ"الخليج أونلاين"، أن عواصم عربية تقود التحركات في البحث عن بديل لعباس في رئاسة السلطة، وجرى خلال الأسبوعين الماضيين عدة لقاءات على أراضيها شاركت بها شخصيات فلسطينية وعربية وأمريكية.

وذكرت المصادر أن ترامب لا يريد عباس في المرحلة المقبلة، ويعتبره "عقبة كبرى" أمام مشروعه السياسي الجديد في المنطقة الذي ستحدد معامله طبقاً لما بات يعرف بـ"صفقة القرن" المرتقبة والتي تحظى بتأييد عربي كبير خاصة من مصر والسعودية والأردن.

وأشارت إلى أن "هناك قناعة عربية راسخة لبعض الحكام بضرورة حرق ورقة عباس وتغييبه عن المشهد السياسي والتماشي مع الجهود الأمريكية التي تصب في ذات الفكرة، وعدم معارضة توجهات ترامب الجديدة في المنطقة والابتعاد عن التصادم المباشر معه".

وذكرت المصادر الفلسطينية، أن بعض الشخصيات المصرية المرموقة والتي تربطها علاقات قوية بعباس أبلغته بأن هناك حركة نشطة خلف ظهره تقودها بعض الدول العربية للاتفاق على خليفته والاستغناء عنه بقيادة النائب المفصول من حركة "فتح" محمد دحلان.

ولفتت إلى أن عباس قام بجولة شملت دولاً عربية وإسلامية وأوروبية للحديث عن عدة ملفات أبرزها التطورات الحاصلة في القدس ومحاولة دعم موقفه في مواجهة الإدارة الأمريكية، إلا أنه حتى هذه اللحظة فشل في حصد الدعم والتأييد الكافيين لمواجهة ترامب وتصعيد ضد القضية الفلسطينية.

وكان عباس أعلن تحديه للإدارة الأمريكية ووقع على اتفاقيات ومعاهدات للانضمام إلى 22 منظمة دولية، ورفض لقاء نائب الرئيس الأميركي، مايكل بينس، في زيارة كانت مقررة إلى بيت لحم قبل أيام، وألغاها بينس لاحقاً، كما أعلن عباس انتهاء دور واشنطن في رعاية مفاوضات السلام بشكل نهائي.

واتهم البيت الأبيض السلطة الفلسطينية بتفويت فرصة لمناقشة السلام في منطقة الشرق الأوسط، إضافة للحديث عن قطع كافة المساعدات المالية والإنسانية التي تقدم للسلطة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية.

أسماء مطروحة

وتحدثت المصادر أن هناك العديد من الأسماء المطروحة على طاولة النقاش العربي والأمريكي والإسرائيلي لتكون بديلاً عن عباس ومن بينها شخصيات سياسية وأخرى أمنية، مشيراً إلى أن الأسماء التي تحظى بشبه إجماع هما رئيس الوزراء السابق سلام فياض، ورئيس جهاز المخابرات اللواء ماجد فرج.

وذكرت أن الأيام المقبلة ستكون حاسمة في هذا الملف الشائك (خليفة عباس)، لافتة إلى أن الضغوطات العربية على الرئيس الفلسطيني للتنحي عن منصبه كبيرة للغاية، وفي أي لحظة قد يعلن عباس عقد اجتماع فلسطيني طارئ ويعلن الاستقالة من منصبه والتجهيز لانتخابات رئاسية وتشريعية عاجلة.

حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، بدورها عقبت على تلك الأنباء، وأكدت أن ورقة عباس بالنسبة لإسرائيل وأمريكا باتت محروقة والبحث عن بديل بات أمر ملح بالنسبة لإدارة ترامب لتمرير سياستها العدوانية ضد القضية والمشروع الوطني الفلسطيني.

وقال فتحي القرعاوي، القيادي في الحركة، لـ"الخليج أونلاين"، إن :"المرحلة المقبلة ستكون صعبة وقاسية على شعبنا في ظل تواجد ترامب وإعلان تصعيده ضد شعبنا وحقوقه، والتحرك لإيجاد رئيس فلسطيني جديد يتماشى مع المصالح الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة سيكون أمراً متوقعاً".

وأضاف: "رهان الرئيس عباس الفاشل طوال السنوات الماضية على المفاوضات مع حكومة الاحتلال وانصياعه للضغوطات الأمريكية كان سبباً كافياً للوصول لطريق مسدود، واليوم سيبحث عن بديل عنه لأن توجهه السياسي وتصعيده الأخير لا يروق لأمريكا وإسرائيل ويعارض مصالحهما".

الجدير ذكره أن الإعلام العبري والأمريكي منذ شهور يحاولان "تلميع" صورة اللواء فرج والحديث بكثرة عن إنجازاته الأمنية وتمسكه بالتنسيق الأمني مع إسرائيل، وملاحقة المقاومة الفلسطينية، خاصة بعد تصريحه الشهير بأن السلطة "أحبطت 200 عملية ضد إسرائيل"، لتقدمه على طبق من ذهب لرئاسة السلطة.

وهنا يقول المختص والمتابع للشأن الإسرائيلي، عمر جعارة: إن "اللواء فرج سيكون صاحب الحظ الأقوى لتولي منصب رئاسة السلطة الفلسطينية، بخلاف باقي المرشحين الذين تكبلهم ظروف والتزامات داخلية وخارجية وتمنعهم من الوصول لكرسي الرئاسة".

ويرجع جعارة أسباب ذهابه نحو تلك التحليلات إلى أن "فرج بالنسبة لإسرائيل هو الرجل الأمثل والأقوى بين المرشحين، نظراً لخلفيته الأمنية القوية خاصة في الضفة وتعامله الجيد مع إسرائيل، وأنه رجل مخابراتي قوي ويتمتع بنفوذ كبيرة داخل السلطة، ونفوذ وعلاقات واسعة وممتازة مع الدول المجاورة، منها مصر والأردن".

ويشير إلى أن فكرة تولي رجل أمن لرئاسة السلطة باتت مسنودة بقوة من عدة أطراف خارجية، وعلى رأسهم الجانب الإسرائيلي، لذلك سيكون فرج على الورق هو الرئيس القادم.