كشف موقع “ميدل إيست آي” في تقرير مطول عما أسماها كواليس “الخيانة” التي تعرض لها كلا من الرئيس الفلسطيني محمود عباس والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، من قبل الرئيس الامريكي دونالد ترامب، مؤكدا بأن الزعيمين “عباس وعبد الله” تعرضا لضغوط عربية لعدم حضور قمة القدlaس التي عقدت في اسطنبول.
ووفقا للتقرير، فقد أكد الصحفي البريطاني الكبير ديفيد هيرست نقلا عن مصادر مطلعة أنَّ “الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ضغط على عباس حتى لا يرأس الوفد الفلسطيني إلى إسطنبول بهدف تقليل أهمية المؤتمر”، مشيرا إلى أنه تم استدعاء العاهل الأردني عبدالله الثاني ومحمود عباس لعقد اجتماعٍ عاجل في القاهرة، وقد لبى الدعوة عباس فيما لم يذهب ملك الأردن.
وأوضح مصدر هيرست أنه “لمساعدة عباس على رفض دعوته إلى إسطنبول، ذاعت أنباءٌ زائفة تفيد بأنَّ عباس قد أصيب بجلطةٍ دماغية، لكنَّ عباس تجاهل كل هذا”.
وفي الأثناء، “استُدعِيَ العاهل الأردني إلى الرياض وتم الطلب منه عدم حضور قمة القدس في إسطنبول. لكنه بعد بضع ساعات قضاها في الرياض غادر من هناك إلى إسطنبول”.
واعتبر هيرست أن حضور عباس وعبدالله للمؤتمر، بعث رسالةً إلى السعودية وأمريكا بأنَّ اتفاق الرياض مع ترامب غير مقبول من الأردن وفلسطين، وتدعم الدول الإسلامية هذا القرار”.
ويقول هيرست إن تصرف عبدالله وعباس أوضح للرياض وواشنطن أنكما “لستما مخولين بالتفاوض مع إسرائيل دون الرجوع إلينا”.
وأشار هيرست إلى أن الزعيمان أعربا للعامة عن معارضتهما وغضبهما بالوقوف جنباً إلى جنب مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أثناء التقاط صورة للمؤتمر”.
وكان الملك عبدالله قد قال في كلمته خلال قمة اسطنبول: “أكرر أنَّ مدينة القدس هي خطنا الأحمر، وأنَّ الحرم الشريف سينتمي للأبد إلى المسلمين، ولن نتخلى أبداً عن مطالبتنا بسيادة واستقلال فلسطين. لا يمكننا أن نقف متفرجين في هذا الوضع لأنه يؤثر في مستقبلنا جميعاً”.
قبله كان قد ألقى عباس “أعظم خطاباته طوال فترة حكمه”، وفقا لهيرست، حيث اتهم أميركا بإفساد الجهد الذي ظل يبذله طوال حياته في محاولة إقامة حل الدولتين، وقال إنَّ قرارها تخطى جميع الخطوط الحمراء.
وكشف أنَّه كان يربطه اتفاق شرف مع واشنطن على عدم السعي إلى إقامة دولة مستقلة أو الانضمام إلى المنظمات الدولية قبل التوقيع على اتفاق سلام دائم، لكنَّ واشنطن أخلفت وعدها.
وهذا يعني أنَّ فلسطين ستكون حرة في رفع قضية ضد إسرائيل في المحكمة الجنائية الدولية.
وثالثاً، قال عباس إنَّه سيتقدم بشكوى ضد الولايات المتحدة أمام مجلس الأمن الدولي لانتهاكها أحد قراراته، وهو إجراء لا يمكن للولايات المتحدة نفسها التصويت ضده.
ويضيف هيرست في مقاله إن “عباس وعبدالله ليسا من الحلفاء المخلصين لأردوغان. إذ سافر عبدالله منذ عامين إلى واشنطن لينبه قادة الكونغرس إلى المخاطر التي يضع فيها الرئيس التركي النظام الإقليمي”.
وكذلك يعي عباس حدة التنافس بينه وبين حماس جيداً، وحاول مراراً إخراج فتح من حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية. ويتساءل هيرست: “إذاً، ما الذي دفع كلا الرجلين إلى إسطنبول، وإلى مؤتمرٍ يعرفان أنَّه قد يغير خريطة التحالفات في المنطقة كلها؟”.
ويعود ليجيب قائلاً: إن الدافع لابد أن يكون أمراً قوياً ليتغاضي كلٌ منهما عن نفوره الطبيعي من التحالف مع الإسلاميين.
ويوضح أن كلا الرجلين لجأ إلى الزعيم الأكثر شعبية في المنطقة وفقاً لاستطلاعٍ أجراه مركز بيو الأميركي للدراسات، وإلى تركيا التي يُنظر لها باعتبارها الفاعل الإقليمي الأكثر تأثيراً في المنطقة بعد روسيا.
ولعبت السياسات المحلية دورها في هذا. فكلاهما علم أنَّ الغضب في شوارع بلادهما كان حاداً، إذ شهدت عمّان أكبر مظاهرات في شوارعها منذ عقود. وأكثر من نصف الأردنيين هم من اللاجئين الفلسطينيين، بمن فيهم النازحون من القدس عقب حرب 1967. وأغلبية المواطنين في عمّان إما لاجئون فلسطينون أو فلسطينيون حاملون للجنسية الأردنية.
ورأى كلاهما أنَّ اعتراف ترامب بالقدس عاصمةً لإسرائيل هو نوعٌ من الخيانة السياسية، بحسب الكاتب البريطاني.
وبالنسبة لعباس، كانت هذه خيانة لاتفاقٍ شفهي مع واشنطن بعدم رفع قضية فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية حتى الوصول إلى تسويةٍ نهائية.
أما بالنسبة للملك عبدالله فلم تكن الخيانة أقل مفاجئة من نظيره. فدور الأردن في الوصاية على الأقصى ليس ودياً، بل مكتوب في معاهدات السلام، لاسيما معاهدة وادي عربة التي وقعها الملك حسين مع إسحاق رابين، رئيس الوزراء الإسرائيلي عام 1994.