2024-11-27 07:34 م

الحسن بن طلال: العرب انقسموا بين «جزيرة وخليج ومشرق»

2017-12-03
 يصعد رئيس منتدى الفكر العربى ولىّ عهد الأردن السابق الأمير الحسن بن طلال، على منصات المؤتمرات والمنتديات العالمية والعربية للتعليق على ما يجرى من أحداث فى المنطقة، تمكّنه رؤيته التحليلية من تسليط الضوء على الواقع العربى الغارق فى ظلمات الحروب والصراعات.

تراه المؤسسات الغربية أحد رواد التعددية ودعم التفاهم بين الثقافات المختلفة، وهو يرى أن «تجفيف أسباب التطرف»، هو الحل الأمثل لمواجهة الإرهاب الذى تحول إلى سرطان عالمى. ومن خلال مفهوم «التكافل الاجتماعى العربى»، يطرح الأمير «بن طلال»، من جديد فى حواره لـ«الوطن»، فكرة إنشاء بنك إقليمى عالمى لإعادة إعمار المناطق التى دمرتها الحروب والصراعات فى المنطقة العربية.. إلى نص الحوار:

فى ضوء مشاركتكم الأخيرة فى منتدى شباب العالم بشرم الشيخ.. كيف وجدتم القضايا التى طرحها المنتدى؟

- الفكر العربى فى أمسّ الحاجة إلى إشراك الشباب لمعالجة أزمة الأفكار والفراغ فى الإقليم فى منطقتنا المشرقية من مصر إلى العراق، فى إطار التفاعل بين الجامعات ومراكز الفكر والبحوث والنقابات والهيئات المهنية بأشكالها ومنظمات المجتمع المدنى كافة. والانطباع الذى تكوّن عندى هو أن هناك تركيزاً على التواصل بين الفكر والهوية، بحيث يشعر الشباب والفتيات المشاركين بأنهم يمتلكون القدرة على صنع مستقبلهم فى إطار الدولة والإقليم، وهذا التمكين والتفويض بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسى كان أمراً طبيعياً فى إطار دولة تسعى فى هذه الفترة لإعادة بناء دعائم الاستقرار على أسس المشاركة الإنسانية. والمنتدى عرض العديد من الإحصائيات التى توضح النمو السكانى والمعاناة من ظروف قاسية مثل الفقر والبطالة والحرمان، وهى مشكلات تعانى منها منطقة الشرق الأوسط.. لكن كيف نتعامل مع هذه التحديات؟ من خلال عرض لرؤية خبراء أجانب، والتعرف على تجارب من جنوب شرق وغرب ووسط آسيا، وأفريقيا وما يتعلق بشح والمياه والتصحر، وهى فرصة قلما يطلع من خلالها الشعب على هذه المعلومات ليقود عجلة التغيير نحو الأفضل. كانت المشاركة فى المنتدى غنية بالتجارب والأفكار وحققت هدفها، وأملى أن يرتقى موضوع الشباب بالاهتمام بالمواطنة الفاعلة، فمثلاً «هيلسنكى» جمعت بين الدول المجاورة مثل آسيا وروسيا والدول الأوروبية التى تحولت بعد سقوط حائط برلين ونهاية الحرب الباردة إلى مجتمعات أكثر انفتاحاً على العالم، وهو أمر مطلوب فى مواجهة الصورة الصعبة التى تساق نمطياً عن العرب والمسلمين فى الخارج.


وفى رأيكم.. كيف تساهم القوى الناعمة مثل الأزهر ومنتدى الفكر العربى والمنظمات المدنية فى مواجهة الفكر المتطرف والإرهاب؟

- فى رأيى يجب أن تُستبدل كلمة «مواجهة» إلى مصطلح «العمل من أجل أمر ما»، أى من أجل إعلاء الثقافة العربية كلها، والمواجهة تعنى أن هناك مشكلة حقيقية مرتبطة بجماعات مسلحة تمارس العنف فى أشكاله يجب مواجهتها مع تجاهل تجفيف أسباب التطرف، ولن يحدث ذلك إلا من خلال استعادة آداب المجلس، فالأزهر الشريف وتجربة التدريس فى الأروقة التى تجمع الأساتذة والتلامذة كان خير مثال على ذلك، والخطاب من الملقى للأفكار إلى المتلقى وإبداء النصح والتعرف على التجارب، وهذا التواصل ربما يتجاوز المرحلة الحالية من الفهم المنقول من مواقع التواصل الإلكترونى، فمضمون التواصل الإلكترونى يكثر فيه الحديث على «واتس آب» و«فيس بوك»، وفى رأيى النسبة الأكبر من التغريدات شكل من أشكال اللغو والغيبة والدسيسة والنميمة. وعلينا إعطاء الفكر محتوى على مستوى لقاءات منتدى الفكر العربى والأزهر الشريف، ونعمل حالياً على تدشين ميثاق ثقافى واجتماعى، ونبحث عن أقطاب البوصلة فى دعوتنا للمشاركة فى بناء محتوى المشاركة العلمية والتطبيقية، وعلى رأسهم الشباب من الوطن والمهجر، والدمج بين العلوم الطبيعية والإنسانية، لنشكل تقدماً كبيراً فى فهمنا لبناء المعرفة المشتركة، ونتحدث عن العلوم التطبيقية وفرص خريجى العلوم التى أصبحت أفضل من فرص خريجى الإنسانيات، ولكن علينا أن نؤنسن البيئة المكانية والإنسانية ونطور الهوية فى إطار المعتقد. ونستطيع أيضاً الحديث عن دساتير شرف ومواثيق أخلاقية وتضامن أخلاقى فى مجال أوسع من الأمور الضيقة.


تحدثتم خلال مؤتمر العلوم العالمى مؤخراً عن تحديات الفقر والأمن الغذائى بالمنطقة.. هل من خارطة طريق لمواجهة هذه التحديات؟

- الصحة والتربية والبيئة المكانية والإنسانية.. علينا التعامل مع هذه الأمور من مفهوم «حامى الحمى»، وهو مصطلح عربى إسلامى عريق، وهذه العناية تجعل القانون يعمل من أجل الجميع، وهناك إلزام بأن نقلل الفجوة بين ذوى الدخل المتوسط والمحدود. وفى رأيى، الفقر هو فقر سلوكى فى ظل استمرار النظرة الفوقية للسلطات القضائية التشريعية التنفيذية، وهذه النخب تشكل وظائف نخبوية تفرض العزلة، فلا يضع الإنسان نفسه فى موقف الآخر الذى يستطيع أن يتصور الهول فى وصف الفقر بأشكاله، والفقر ليس فقط بمعنى البطالة والعطش والجوع، ولكنها شكل من أشكال البطالة للفكر، خاصة أن الفكر لا يتحرك، وهناك الفجوة بين العقل والوجدان. أما فيما يتعلق بالرسائل الاجتماعية، فعلينا الربط بين قطاعات الطاقة والبيئة والأمن الغذائى، وأنا أشارك فى برنامج منظمة الغذاء العالمى بعنوان «تصفير الجوع» فى منطقتنا، ونعانى للوصول إلى عدد من المناطق التى تعانى من العوز مثل اليمن، التى أصبحت الأوضاع الإنسانية بها مثيرة، ما يجعل هذه المنطقة منطقة العجائب؛ بها الغنى الفاحش من جانب، وكرامة الإنسان تُمتهن من جانب آخر. أصبحنا نفكر ونعبر داخل الصندوق فقط، وأصبحنا نفكر فى أردنيتنا أو مصريتنا أو فلسطينيتنا، ولا يوجد حديث عن مستقبل المشرق العربى بأكمله، ماذا سيحدث خلال العشرين عاماً المقبلة.. أين المبادئ التى نضعها كمجتمع من القاعدة للقمة؟ والضغط الأدبى من الشباب مقبول فى سياق التطوير الفكرى والقيمى لتطوير التعليم وبرامج الصحة الوقائية قبل العلاجية، وأين مشاريع التفويض القانونى للمواطنة والفقير ليصبح مواطناً من خلال العقد الاجتماعى المفقود بين المواطن والدولة؟

وما رؤيتكم لإعادة الإعمار بالبلدان العربية التى شهدت صراعات وحروباً خلال السنوات الأخيرة؟

- علينا أولاً دراسة الأقاليم التى سبق أن خاضت هذه التجارب، على سبيل المثال فيتنام فقدت الملايين خلال حروب مدمرة، وكمبوديا فقدت الملايين خلال حرب أهلية وإبادة جماعية، ومع ذلك نتحدث عن رابطة جنوب شرق آسيا، وهناك الملكية فى تايلاند وجمهورية فى إندونيسيا تُعد أكبر جمهورية عدداً للمسلمين كدولة مستقلة، وهناك الفلبين. العلاقة بين هذه الدول تجارياً هى علاقة بنيوية مكملة للاقتصاد والمجتمع فى جنوب شرق آسيا، وما يُصنع فى مكان يكمل فى مكان آخر، والفكرة الأساسية للصين الآن هى رغبة أكيدة لإعادة إحياء طريق الحرير وتطوير الطرق لتشمل 65 دولة يمكن أن توجد فى هذا الدرب برياً وبحرياً. نحن نعانى فى المشرق العربى من مظاهر حقيقية للإخفاق، وكانت المنطقة أفضل خلال فترة الخمسينات، فعندما توجهت لزيارة كوريا الجنوبية فى السبعينات كان دخل الفرد الأردنى أفضل من المواطن الكورى.. والسؤال الآن: ما الذى أعاق مسيرتنا؟ أقول «الرعوية والأبوية» هى السبب فى ذلك فى وقت نحتاج فيه إلى التركيز على المواطنة أكثر من أى شىء مضى فى منطقة نعيش فيها كل 10 سنوات حرباً مدمرة، بداية من حرب 1948، ومروراً بـ56 و67 و73 و80 و90، وحتى حرب عام 2000، وهناك 42 صراعاً أهلياً، 41 منها كل سكانها مسلمون، والسبب فى ذلك ليس فقط أننا مشاكسون ولا نحب بعضنا البعض، ولكن السبب الحقيقى هو أننا نجد دولنا تقع فى مناطق صراع استراتيجى مهم للعالم، سواء من ناحية النفط أو الغاز أو التدخل العسكرى لحماية الممرات المائية وما إلى ذلك. كيف ننهض من هذه الفاجعة؟ أقول لكِ إن ذلك لن يكون إلا من خلال تفعيل رصيد أساسى من الفكر والإرادة، لأن الأفكار أهم من المال.. «رضينا قسمة الجبار فينا، لنا علم وللجهال مال.. أما المال يفنى بعد حين وأما العلم باقٍ لا يزال»، هل نستطيع أن نطبق هذا المفهوم على شبابنا وهم يهاجرون بمئات الألوف لدول مختلفة، ونجد المظاهرات أمام السفارات وقوافل طالبى اللجوء وتأشيرات السفر خلف السفارات تبحث عن خلاص.. كيف نعطى لشبابنا معنى حقيقياً للحياة؟ فى رأيى هذه الكوارث ثلاثة أنواع، أولها من صنع الإنسان وأخيه الإنسان والحروب المستعرة بينهما، وثانيها كوارث من صنع الطبيعة مثل التصحر والجفاف والتمدين غير المنضبط على حساب الأرض، هذه وحدها كافية كى نعيد دراسة أولوياتنا. وفى غياب الجامعة العربية التى كان من المنتظر أن تقيم مجلساً اقتصادياً اجتماعياً عربياً قولاً وفعلاً يجتمع كل ربع أو نصف سنة من كل عام ليقدم للعالم الخارجى تقريراً عن منطقتنا التى أصبحت مقسومة بين جزيرة وخليج ومشرق. أين القواسم المشتركة بيننا إذا ما حددنا الأهداف المستدامة للتنمية التى شاركنا فى وضعها؟ ولكن إقليمياً.. هل نستطيع أن نعبّر عن تلك الأهداف؟ موضوع شح المياه يحتاج إلى حراك عملى لتملك القرار وتغيير الواقع.. «ما يغير الله بقوم حتى نغير ما بأنفسنا».


وفى ظل تعدد الأيديولوجيات داخل الوطن أو الدولة الواحدة.. أين هى الهوية العربية؟

- أعمدة الأمة، كما أتصورها، فى المشرق تاريخياً كانت أربعة (العرب والفرس والترك والكرد)، فهل نستطيع أن نرقى للتشاور فيما بيننا؟ لماذا الآن الحديث متسع عن الخلاف المذهبى والخلاف العرقى؟ بسبب غياب الشورى المبنية على معادلة بسيطة، وهى أن نحترم هوياتنا وحق التعبير المسئول، وهذا يسمى فى العالم الخارجى «الاستقلال المتكافل أو المتكافئ»، وبعدها ننتقل إلى الحديث عن المشتركات البنّاءة. لا توجد فيما بيننا أحاديث إلا تلك الأحاديث التى تثار نتيجة لمبادرات أجنبية. مرت 100 عام على وعد «بلفور» وعلى «سايكس بيكو» ومؤتمر «فرساى»، بماذا أسهمنا خلال هذه الـ100 عام؟ مؤسسياً تقوم المؤسسات لتأكيد الهوية والالتزام بالعمل المشترك، مثل البنك الدولى وصندوق النقد، ولكن عربياً.. أين العرب من إقامة بنك إقليمى للإعمار بعد الحروب ومشروع الزكاة العالمى الإنسانى المحاسب من أجل التكافل الاجتماعى؟ وعندما أقول العالمى والمحاسب، لدينا البنك الإسلامى للتنمية المعترف به دولياً، ولكن نتحدث عن الزكاة بمفهوم الخدمة الإنسانية.. «بسم الله الرحمن الرحيم.. يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه.. صدق الله العظيم». الله ذكر الإنسان وليس المؤمن وليس المسيحى أو اليهودى أو البوذى، الإسلام فى خدمة الإنسانية، ومؤسسياً نستطيع أن نفعل شيئاً لرسم ابتسامة على شفتَى كل طفل محروم فى نطاق هذه الأمة، والهوية والإرادة والفكر مواضيع مترابطة لا بد من مراجعتها قبل فوات الأوان.


وما تقييمك لتجربة حكم الإسلام السياسى بالمنطقة ما بعد الربيع العربى؟

- «خلينى أقولها بالبلدى.. السياسة مالهاش دين».. هنالك عبارة «حوار الأديان» مثلاً.. الأديان لا تتحاور لأن «النصوص لا تتحاور.. الحوار بين الأخلاق التى تحملها هذه المشروعات التنويرية أو الإشراقية». وتحدثت فى مؤتمر شرم الشيخ عن أن الحكمة أتت من الشرق، وما رأيناه من التنوير هو شأن داخلى داخل الكنيسة المسيحية عامة بين كاثوليكى وبروتستانت، أى حركة الاحتجاج، وهو نوع من الحراك المسيحى. أحد أسباب الربيع العربى وجود إخفاقات اقتصادية ومادية فى إيجاد العناية المجتمعية على مستوى صفقة مجتمعية لحماية حقوق الإنسان والمواطن وتشجيعه من خلال التمكين والتفويض للمزيد من المساهمة فى الحياة الاقتصادية، وكل هذا تسبب فى الهجرات الهائلة، وهذا الانفجار فى الربيع العربى أدى إلى لقاء فى الأردن، اجتمع فيه مجموعة وزراء من مصر والمغرب وتونس، طلبوا منى التحدث مع ما يسمى مجموعة (ج 7)، قائلين إننى أدرك كيفية بناء الجسور مع الآخرين، وتحدثت معهم عن اجتماع المنطقة فى الدار البيضاء عام 1995، وأن هناك طرحاً لفكر عالمى من المؤسسات الأوروبية والخليجية والغربية لدرء أذى الهجرة القسرية للآلاف من البشر الذين قطعوا البحر الأبيض المتوسط خلال السنوات القليلة الماضية، والذى تحول إلى بحر للموت. ناقشنا كيفية إنشاء بنية تحتية لـ24 دولة من المغرب للدولة التركية على مدى 10 سنوات، بتوفير المياه الصحية وفرص التعليم. وكان مشروع «ديزرتك» مطروحاً ومرتبطاً باستغلال الطاقة الشمسية، وهو يُعرف حالياً بمصدر «وسدرا» فى دول الخليج. لكن للأسف «لا حياة لمن تنادى».

وعندما اجتمع القادة الأوروبيون بدعوة من الرئيس الفرنسى «ساركوزى»، ودعا على أثر الربيع العربى بدعم 35 ملياراً.. لم نرَ قرشاً منها، بل شاهدنا تخصيص نفس الرقم وهو 35 ملياراً لإنشاء الأمن الوطنى فى «أمريكا» ما بعد 11 سبتمبر، لتحول دون الهجرة من جنسيات بعض المناطق العربية إلى الجزيرة الكبيرة التى تُدعى الولايات المتحدة الأمريكية. ومع شديد الأسف طال أمد انعقاد مثل هذه اللقاءات.. كيف نحلل ونقيّم أنفسنا؟ كيف نكظم الغيظ ونخاطب بعضنا البعض لنقيم وجهة نظر عربية شرقية خالصة؟ فلتكن البداية على مستوى الشباب الذين جاء الاعتراف بدورهم متأخراً جداً جداً مع وجوب عطائهم من خلال لغة الإقليم ومن ثم لغة العالم.

وكيف ترى مساهمة النفوذ الإيرانى فى زيادة التوترات بالمنطقة؟

- النفوذ الإيرانى فى المنطقة تاريخى، وعلينا التمييز بين المذهب الجعفرى والمذهب الزيدى من جانب، وبين ولاية الفقيه والتوجه العربى للشيعة فى العراق واليمن وأماكن مختلفة من الوطن العربى. الحديث عن الخطر الإيرانى والنفوذ الإيرانى فى المنطقة وصراع القوى يمكن أن يتغير إلى حديث للتنوع والتكامل فيما بيننا إذا رغبنا، وأقول مرة ثانية إن أعمدة الأمة الأربعة هم (العرب والفرس والترك والكرد) والخلافات السياسية الموجودة اليوم توجد فى كل مكان، فى كوريا الشمالية، وفى منطقتنا، بما فى ذلك إسرائيل التى تمتلك السلاح النووى، وكان من المفترض أن تعالج هذه القضية بأن تقام منطقة منزوعة السلاح النووى.

أخيراً.. كيف ترى التعامل الإنسانى مع قضية اللاجئين عالمياً؟

- الأردن تُعد أكثر بلدان العالم التى تستقبل لاجئين ومهجّرين قسريين، وبالنظر إلى عدد سكان الأردن مقارنة بالملايين الموجودين فى مصر، استطاعت الأردن استقبال ملايين اللاجئين رغم ما تشهده المنطقة من صراعات، ونتعامل مع قضية اللاجئين من منطلق إنسانى، وعلينا التعامل مع الصراعات بالمنطقة لمواجهة قضية اللاجئين التى أصبحت محنة يواجهها العالم اليوم. علمتنا كل دروس الحياة أن علاقة الشعبين الأردنى والسورى الإنسانية ليست من المعطيات المباشرة لجيرتهما الجغرافية فحسب، بل هى منجز إنسانى يُعرفه الأصل الواحد وكل المشتركات والجوامع التى تجمعنا معاً؛ عرباً ومسلمين ومسيحيين، مع رباط التاريخ والحاضر والمستقبل، وما يرتبط به من آمال وتطلعات ومصير، وما يقود إليه من عمل وجهد. وما أعنيه هنا هو تلك العلاقة الإنسانية التى تبدأ بإدراك قيمة كل إنسان وحريته واستقلاليته وحقه فى الاختيار والقرار والعيش الكريم. وفى المقابل، هناك العلاقات اللاإنسانية التى تنطلق من منطق القطيعة، أو إغلاق الباب أمام الضيف، أو صدّ المستجير وحرمان اللاجئ حق اللجوء، وهو ما لم ولن توصف به علاقات الأردن وسوريا فى يوم من الأيام.

عن (الوطن) المصرية