كيف اُجهِض “الإنقلاب الناعم” على الحريري؟
2017-11-18
خرجَ بهاء الحريري من فقرات “الخطة أ” (الانقلابيّة) بأضرار وخيمة ليتفرّغ لمدواة الندوب الناتجة عنها بهدوء، ثم البحث عن سبيل للدخول الى تفاصيل خطة “ب” بديلة تستكمل “الانقلاب” الذي بدأه على شقيقه لكن ضمن “ستاتيكو” اهدأ من الذي سلفه. اقتنع “بهاء” بفشل الشق الاول من الانقلاب، وعلى وجه السرعة عاد من الرياض الى موناكو، “خائب الوجه” على ما ينقل مستشار سابق للرئيس الشهيد رفيق الحريري يعمل ابنه في مؤسسات بهاء. ولدرء مزيد من السوء، أوعزَ الى فريقه “تدبير أمر التنصّل” من ما جرى إتهامه به بعد أن وصلته التداعيات السلبية لانعكاس بيئة “التيار الازرق”، دون أن تدخل النساء على المائدة طرفاً في الصياغة، لكون لا يريد تغريدة طائشة اخرى مصدرها سيدة. ولعل اللافت أنّ “نفض اليد” جاء بعد 12 يوماً من الازمة و 12 يوماً من الاتهامات التي لم تجد سبيلاً لأي من أطرافها للنفي، و6 ايام على اكتشاف امر الانقلاب وفشل البيعة. على عجل توجّهَ الكاتب “رضوان السيّد” الى الرياض ثم وبعد ذلك بساعات “ولد” بيان يصلح لدعم الشقيق و “نفي العلاقة بالانقلاب” وينفع في “تسويق” ايجابيات “الدور السعودي” مصحوباً بتقديم واجب الطاعة من خلال عبارات كيل العداء لإيران وحزب الله. لم تتوفر معطيات واضحة للربط بين “سفر السيّد” و “بين بهاء”، وما ثبت أن “البيان” هدفه إنتشال “بهاء” من ما وقع فيه، فوجد أن الاصلح للقيام بالمهمة هي وكالة انباء اميركية قدمت المادة “الدسمة” اليها ثم تكفل مغرّد لبناني شهير بالعداء لحزب الله ليكون “ماهراً” في ترويجها ليكتمل المشهد.. وهكذا خرج “بهاء” بريئاً من دم الرجل! إذاً يعني ذلك أن “بهاء” اقرَّ بفشله وإنتقل الى “الخطة ب” ومحورها الاعداد لـ”إنقلاب نيابي” بعد فشل الانقلاب السياسي.. لكن كيف فشل الجزء الاول من الانقلاب؟ قبل مدة قصيرة، كانت السعودية تستدعي بعضاً من رجالاتها “السياديين” الى الرياض لبحث مقتضيات المرحلة. صور الامر في بيروت على انه محاولة لاعادة احياء فريق 14 آذار، لكن مضامينه أوحت بشيء أكبر، خاصة تلويحات رئيس حزب القوات سمير جعجع بالاستقالة والهجمة الاعلامية التي واكبت ذلك ووصلت حد تحديد مواعيد للاستقالة. وفي ظل انشغال اللبنانيين، كان “بهاء” يتسلّل الى بيوتهم متخفياً بزي رجل الاعمال “صافي كالو”، أحد مالكي أسهم مجمع ABC التجاري وثقته من فريقه. أوعز “بهاء” لرفيقه أن يلتقي بالنائب وليد جنبلاط، فضرب موعداً ثم توجهَ الى دارته. وبحضور الوزير وائل ابو فاعور اجتمع الرجلان ليستعرض “كالو” مسار فشل الرئيس سعد الحريري بالتدريج ليصل الى خلاصة اقتراح أن يكون “بهاء” وريثاً للحالة الحريرية، وطلب دعم “البيك” للخطوة! لم يستوعب “البيك” ما يسمع فثارَ في وجه ضيفه رافضاً “طعن سعد في الظهر” ثم خرج تاركاً “ابو فاعور” يتكفل بتصريف “كالو”! كان قد سُرّب قبل هذا الموعد أن النائب وليد جنبلاط دعيَ الى الرياض لكنه لم يستجب، وربما أن ما سمعه جنبلاط في دارته أسمع لمن زار الرياض وقتذاك. ويركن اصحاب هذه النظرية في ظنهم الى الغضب الذي انتاب “السبهان” بعد فضح خبر “بيعة بهاء”، ليصنفوا تغريدة الاخير: “..الشخص الذي باع اللبنانيين ويحرّض علينا الآن” على أنها “لطشة لجنبلاط، ومن خلفها إتهام صريح له بالوقوف وراء فضح تفاصيل الخطة الانقلابيّة. وبينما كان ينشط “كالو” في بيروت، كان “بهاء” قد هبط يوم الخامس من تشرين الثاني في الرياض منتظراً وصول افراد عائلته لمبايعته بينما يرقد شقيقه تحت الاقامة الجبرية! كان في هذا الوقت كل من وزير الحرب على لبنان، ثامر السبهان، ووكيله “السامي” في بيروت، وليد البخاري يعاونهما السفير “المعين” وليد اليعقوبي، يقومون بجولة أفق إتصالات على أفراد العائلة داعين أياهم الى المملكة بفعل الأمر (عليك أن تحضر!). رنّ هاتف “العمة بهية” ليأتيها “أمر السفير” بضرورة الحضور الى الرياض فوراً. اعتذرت لوجود ارتباطات ومواعيد، فكرّر “السفير” الأمر دون ان تستجيب. تقول الرواية أن “السبهان” اُبلغَ بالذي حصل فغضب ثم أخذ الهاتفَ واتصل بالسيدة بهية، لتكرّر الرفض على مسمعه، وتتذرع بعدم القدرة على السفر، وانتهى الموضوع عند هذا الحد. من نبرة صوت “السبهان” شعرت بشيء، توجهت فوراً الى بيت الوسط لتلتقي نجلها مدير مكتب الرئيس الحريري، نادر، المغضوب عليه سعودياً، مصطحبةً معها نجلها الاصغر، امين عام تيار المستقبل، “أحمد”. ثمة من يقول من سكان هذا البيت، أن السيدة بهية قالت ما حرفيته أن “الذي اغتال اخي جسدياً، يغتال أبنه اليوم سياسياً”! كلام يفهم منه الكثير ويوحي بالكثير! بعد هذا الكلام إختفى حسّ “أحمد” وبقيَ “نادر” في بيت الوسط يتصارع مع “فريق السبهان” في تيار المستقبل، الرئيس فؤاد السنيورة والنائب أحمد فتفت ومن لف لفيفهما، متعاوناً مع الوزير نهاد المشنوق الذي جاهر بالرفض (لسنا قطيع غنم وتحكمنا إنتخابات لا مبايعات) حتى اثمرَ التعاون إخراجاً لـ”بيان الخميس” الذي أغضب “السَهابنة” فخرجوا بيانٍ ثانٍ، استتبعَ بـ”إنقلاب أبيض” داخل “البيت” عبر بيان ثالث حمل توقيع “كتلة المستقبل” يقول أنها هي المخوّلة فقط إعلان الموقف الرسمي للحريري” ما كان كافياً للإشارة الى وجود توجيهَين لدى الفريق المحسوب عليه. ولم يخف مواكبون كيف ان “السبهان” وفريقه امتعضوا من دور “نادر الحريري” فعمموا على الدائرة بوجوب “إنهاء خدماته” ومنع الاستماع اليه، فيما كان على مستوى ثانٍ، تصدر “مذكرات الجلب” بحق افراد عائلة الحريري، وعلى رأسهم السيدة نازك أرملة الشهيد الموجودة في باريس، إذ طلبَ حضورها هي الاخرى لكنا اعتذرت متذرعةً بالمرض (عندي ديسك ما بقدر اقعد بالطائرة)، ولو أنها تستطيع السفر لكانت زارت قبر زوجها وقرأت عليه الفاتحة! وفي النهاية، قاد الرفض الذي عمم على سائر أبناء الشهيد الى قطع الطريق على البيعة وبالتالي دق مسمار أساسي في نعش المشروع! وبنتيجة ذلك وفضح الادوار التي اصبحت مواداً تقرأ على الاعلام، وفي ظل الهجوم الدبلوماسي اللبناني المدعوم دولياً، فرّغ الحراك من قوته وإنتقل “السهابنة” الى الدفاع بدل الهجوم، ما افشل البيعة ونقلها الى مستوى جديد، هو الزام الرئيس سعد الحريري البقاء في فرنسا طيلة فترة الاعداد للانتخابات. وثمة من يشير الى عدم إنتهاء فصول “المؤامرة” إذ أن هناك نية واضحة في توفير ملاذ آمن لـ”بهاء” وحليفه الوزير أشرف ريفي للتحضير انتخابياً علهما يفلحان في تنفيذ الخطة البديلة مطلع أيار 2018، أي سلب الحريري مقعده بالانتخابات!