في قلب بؤرة ملتهبة، مليئة بالنزاعات والحروب المتآخمة، تقع مصر منتصف العالم العربي، تحيطها الصراعات من كل جانب، رغم أنها تعرف منذ سنوات بـ«رمانة ميزان» الوطن العربي، إلا أن ربيع ذلك الوطن جعل كل شيء ينقلب رأسًا على عقب.
حدود مصر الملتهبة، قضية هامة بدأت تظهر منذ عام 2011، حين اشتعلت ثورات الدول العربية؛ وما يؤكد أهميتها هو حديث الرئيس عبدالفتاح السيسي عنها كل فترة، ولعل آخرها ما قاله أثناء ختام زيارته في أمريكا، إذ أكد أن المنطقة العربية باتت اليوم بؤرة لأشد الحروب ضراوة في التاريخ الحديث.
بالنسبة لمصر، أضاف إنها تعيش في قلب تلك البؤر الإهابية، وأصبحت حدودا ملتهبة من كل جانب، قائلًا: «مصر تشق طريقها في بيئة غير مسبوقة بآلية شجاعة وسط عالم متشابك ومعقد يصعب أن تواجهه أي دولة بمفردها».
ليبيا والخطر الداعشي
البداية مع الناحية الغربية لمصر، إذ تتواجد ليبيا أكثر الدول العربية اشتعالًا منذ ست سنوات مضت، تعاني من فوضى سياسية وأمنية، وتخوض حربًا شرسة مع التنظيمات الإرهابية التي سيطرت على مدن عديدة فيها.
التخوفات على الحدود المصرية مما يحدث في ليبيا، بدأ يظهر تزامنًا مع شن الأخيرة ضربات قوية على معاقل تنظيم داعش وجنوده، ما أظهر احتمالًا بأن يفر عناصر التنظيم إلى مصر هربًا من الضربات الليبية المستمرة.
خطورة الأمر تتضح أكثر في المحاولات التي تحبطها كل فترة القوات المصرية على حدودها مع ليبيا، فقد أحبطت القوات الجوية في يونيو الماضي محاولة اختراق للحدود الغربية بين مصر وليبيا أسفرت عن تدمير 12 سيارة محملة بالذخيرة والمتفجرات، وهي محاولة الاختراق الثانية من نوعها خلال شهرين، إذ سبق وتم تدمير 15 سيار مصفحة ومحملة بالمتفجرات والأسلحة.
السودان وتهريب السلاح واللاجئين
الحال ليس بأفضل جنوبًا، حيث السودان المحاطة بمشاكل عدة، وأضحت علاقتها بمصر مضطربة على إثر عدة خلافات، بداية من أزمة حلايب وشلاتين، نهاية بسد النهضة، وظهور اتهامات عدة لها إنها تقف في صف إثيوبيا، لاسيما بعد موافقتها على توقيع اتفاقية عنتيبي.
اتساقًا مع ما سبق، فإن الفترة الأخيرة واجهت مصر عمليات تهريب سلاح كثيرة من حدود البلدين، وبذلت القوات المسلحة جهودًا حثيثة وقوية لتأمين حدودها المفتوحة الممتدة برًا لمسافات طويلة مع السودان.
وأضحت السودان خلال الفترة الأخيرة، بمثابة معبر لتهريب السلاح إلى مصر، فقد سبق وأحبطت القوات المصرية عمليات تهريب عدة للسلاح واللاجئين السوريين من الخرطوم إلى القاهرة، كان منها تتبع 6 عربات محملة بالسلاح تم أحباطها.
اليمن وخطر الحوثيين
وإلى الأوضاع المضطربة جنوبًا فى اليمن الشقيق، والتي تعاني من ويلات حروب لا تختلف شيء عن ليبيا، إلا أن الخوف كله يتمركز من اشتعال تلك الحدود قد يعطل الملاحة في باب المندب، وتوقف مرور قوافل السفن فى قناة السويس تخوفًا مما يحدث في اليمن وسيطرة الحوثيين على مدن عديدة منها.
في فبراير الماضي، استطاعت القوات المصري إحباط عملية تهريب نصف طن مخدرات وأسلحة قادمة من اليمن إلى مصر، وتم القبض على أحد الإرهابيين اليمنيين أثناء محاولته تهريبها.
إسرائيل والنزاع الفلسطيني
تعتبر حدودها مع مصر الأقل اشتعالًا لوجود مراقبة دولية عليها، باستثناء عمليات تسلل من جانب الأفارقة عبر الأراضي المصرية لإسرائيل، والهجرة غير الشرعية منها وتهريب الأسلحة عبر الأنفاق.
وفي مطلع عام 2014، قامت قوات حرس الحدود بإحباط محاولة هجرة غير شرعية بنطاق المنطقة الجنوبية العسكرية، حيث تم ضبط 26 فردًا أثيوبيًا الجنسية، و25 سودانيًا الجنسية، وذلك بالمنطقة شمال جبل كامل بمسافة 65 كم.
اللواء محمد نور الدين، مساعد وزير الداخلية الأسبق، يرى أن مصر منذ عام 2011 وتحديدًا مع ثورة يناير، بدأت تعاني الأمرين، بداية من العمليات الإرهابية الداخلية التي تشهدها، نهاية بما يحدث كل يوم على الحدود الأربعة الملتهبة.
ويشير لـصحيفة «الدستور» المصرية إلى أن فكرة الحدود المشتعلة تزيد من العبء على مصر، وتجعل قوات الأمن في حالة من التشتت بين الداخل والخارج، موضحًا أن الازمة تطلب يقظة عالية من القوات المصرية.
ويبين، أن تلك الحدود تزداد كل يوم اشتعالًا مع تأزم الأوضاع في البلاد الأربعة، لا سيما ليبيا واليمن، لوجود جماعات إرهابية فيهما تتسل عناصرها بشكل يومي إلى مصر وتقوم بعمليات إرهابية.