لم يكتف السفير الأمريكى فى تل أبيب ديفيد فريدمان, بدعمه العلنى للسياسات العدائية التى تقوم بها دولة الكيان الصهيونى اتجاه الفلسطينيين.. السفير الأمريكى الذى يعد أحد أكثر اليهود تشددا وصلت نجلته "تاليا" مؤخرا إلى تل أبيب قادمة من الولايات المتحدة ليس بهدف الإقامة بجوار والدها بحكم منصبه ولكن بهدف الحصول على الجنسية الإسرائيلية والانضمام إلى الجيش الصهيونى.
ووفقا لعدد من وسائل الإعلام الإسرائيلية والفلسطينية وصل خلال الفترة الماضية 232 مهاجرا يهوديا من أمريكا الشمالية إلى إسرائيل بينهم تليا فريدمان، نجلة السفير الأمريكي في تل أبيب، الذي كان في استقبالها.
وأشارت هذه المواقع إلى أن جمعية "نفس لنفس" هي التي تقف خلف هجرة اليهود وتسيير رحلات الطيران بالتعاون مع "الكارين كيميت" وما تسمى وزارة الاستيعاب والهجرة الإسرائيلية، بمشاركة منظمات يهودية وأخرى تعمل لصالح اسرائيل
وسيخدم في الجيش الإسرائيلي من بين المهاجرين اليهود 75 شابا وشابة قد تكون من بينهم نجلة السفير الأمريكى.
ووجود نجلة فريدمان في إسرائيل لتكون واحدة من المستوطنين الجدد يؤكد دعمه لتل أبيب ،وهو ما عززه المحللين الذين يرون فى وجود واختيار السفير الأمريكي الجديد لدى إسرائيل وهو اليهودي المتدين ،يؤكد أن صفقة القرن الذي زاد الحديث عنها مؤخرا بين الفلسطينيين والإسرائيليين , لا تعدو كونها تبنيا لمواقف الحكومة الأكثر تطرفا التي تمسك حاليا بزمام الأمور في تل أبيب.
ويبدو ذلك جليا من خلال لقائه مع صحيفة يسرائيل هيوم حيث أكد أن إسرائيل لن تكون مطالبة بتقديم أى تنازلات لتسوية الصراع.موضحا أن التفاؤل الذي استبد بقادة السلطة الفلسطينية في أعقاب اللقاء الذي جمع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بالرئيس الفلسطينى محمود عباس في البيت الأبيض خلال الفترة الماضية مبالغ فيه إلى حد كبير.
كما بعث فريدمان برسالة تطمينية مسبقة للإسرائيليين بأنه ليس في حكم الوارد لدى إدارة ترامب ممارسة أى ضغوط واتخاذ أى مواقف يمكن أن "تشوش" على مخططات الحكومة الإسرائيلية حول مصير الأراضي الفلسطينية المحتلة،لافتا الأنظار إلى حقيقة أن ترامب حرص على عدم وصف المستوطنات بأنها عائقا أمام السلام، كما أنه لم يطالب بتجميد الاستيطان، حيث يشير إلى أن كل ما يعنيه أن يتم التوصل مع الحكومة الإسرائيلية لتفاهمات حول المستوطنات على حد تعبيره.
وشدد على أنه من خلال إطلاعه على فحوى اللقاءات بين عباس وترامب، فإن الأخير لم يتعرض بالمطلق للمستوطنات، حيث أضاف أن أبو مازن يعي بما لا يدع مجالا للشك بأن الولايات المتحدة لا تطالب بتجميد الاستيطان كشرط لاستئناف المفاوضات.
وفي تعليقه على زيارة الرئيس الأمريكي للشرق الأوسط خلال الفترة الماضية والتي أثارت مخاوف تل أبيب ،كشف فريدمان عن أن ترامب وصل المنطقة بدون أى خطة سياسية أو خارطة طريق لحل الصراع.
ووفقا للمحللين فإن ترامب طالب العرب بدور هام يتوجب عليهم القيام به بحسب مصادر إسرائيلية ،تتلخص في توفير الظروف أمام تنفيذ صفقة القرن،من خلال الموافقة على خطوات تطبيعية ، بغض النظر عن إجراءات وسياسات حكومة اليمين المتطرف بقيادة بنيامين نتنياهو،مشيرين إلى أن ترامب لن يسمح ببحث أي قضية قبل أن يبدأ التطبيع مع إسرائيل،وأول المطالب بهذا الشأن ستكون تدشين خطوط جوية بين تل أبيب والعواصم العربية ، ورفع الحظر المفروض على سفر الصهاينة ،إلى جانب السماح بمشاركة الفرق الرياضية والفنية الإسرائيلية في الفعاليات الدولية والإقليمية التي تقام في الدول العربية.
ووجد المحللون أن قرار ترامب بزيارة حائط المبكى خلال تواجده في إسرائيل تعد رسالة مفادها أن الولايات المتحدة تعترف بالسيادة اليهودية على هذه المنطقة.
ورغم أن ترامب يتطلع بالفعل إلى تسوية سياسية تاريخية بين الفلسطينيين والإسرائيليين ،لتكون علامة فارقة في سجله كرئيس ولتمحو الكثير من الفضائح المتتالية التي تلاحقه منذ تولى المنصب ، فإنه يريد أن يقوم بالأمر وفقا للرؤية الإسرائيلية، وقد بعث العديد من رسائل الطمأنة التي لم تخفف حتى الآن من مستوى التوتر الذي يسود مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، وفق ما كشفت تقارير إعلامية إسرائيلية.
وكان فريدمان قد شدد على أهمية تعاون إسرائيل مع المبادرة السياسية لترامب، بزعم أن الأخير يحمل معه فرصة كبيرة لإسرائيل، ومعني بمساعدتها من خلال التوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين، والدليل على ذلك هو أن كل الشخصيات التي عينها ترامب، للعمل بشأن إسرائيل، هم من خريجي المدارس الدينية اليهودية. وكانت نصيحة فريدمان للإسرائيليين هي تجنب حدوث مواجهة مع ترامب، ومساعدته في تحقيق سياسته في الشرط الأوسط.
ووفقا للتقارير الإعلامية الإسرائيلية، فإن نتنياهو وقع في فخ نصبه هو بنفسه، حيث إنه كرر الإعلان في السنوات الأخيرة عن أن التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين يجب أن يتم في إطار اتفاق سلام إقليمي مع كافة الدول العربية التي يصفها بأنها معتدلة،وهو ما يبدو قريب الحدوث بالفعل.
ووفقا لوزراء مقربون من نتنياهو، فإن الأخير سيتعاون مع خطوة ترامب، وسيحاول المناورة قدر ما يستطيع والتعويل على رفض رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس, علما بأن الأخير أبدى استعداده للقاء نتنياهو برعاية ترامب.
ووسط هذه الأحداث والتكهنات يبدو فريدمان متوازن الخطاب، ولا يتسرع في إظهار تحيزه المعروف لإسرائيل ، حيث يرغب بالفعل في تحقيق إرادة ترامب بتنفيذ صفقة القرن لكن مع تحقيق مكاسب للكيان الصهيوني.
ويعرف عن فريدمان، وهو محامي قضايا إفلاس، انتقاده الشديد لحل الدولتين بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وهو ما يتماشى مع فكر ترامب الذي أعلنه في البداية بتأسيس دولة واحدة لكلا الشعبين، إلا أن محمود عباس والقادة العرب أكدوا له استحالة موافقتهم على هذا الحل.
كما أنه من أشد الداعمين لبناء المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وهو ما يرغب به ترامب بالفعل رغم تأجيله للقرار في الوقت الحالي،وهو الأمر الذي أغضب الكيان الصهيوتي بشدة ،حيث قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو , إن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتأجيل نقل السفارة الأمريكية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس سيؤخر التوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين".
وأضاف في بيانه الذي أصدره خلال الشهور الماضية عقب قرار تأجيل نقل السفارة, أن سياسة إسرائيل الثابتة هى أن السفارة الأمريكية مثل السفارات الأخرى يجب أن تكون فى القدس عاصمتنا الأبدية.
وأشار إلى أن عدم وجود السفارات في القدس يؤجل السلام لأنه يساهم في تعزيز الوهم الفلسطيني بأن الشعب اليهودي لا علاقة له بالقدس.
وتدخل فريدمان لاحتواء هذا الغضب مشددا على ضرورة عدم الدخول في صدام مع ترامب ،لأن ذلك لن يكون في مصلحة تل أبيب.
ويتماشى موقف فريدمان هذا مع التعهد الذي تعهد به أمام مجلس الشيوخ ،حيث قدم اعتذارا لأعضاء مجلس الشيوخ عن اللغة اللاذعة التي كان يستخدمها في الماضي متعهدا باستخدام لغة محترمة ومتزنة إذا تم تعيينه في المنصب، إلا أن هذا لا يعني بالطبع أنه غير تفكيره المتحيز لإسرائيل.
جدير بالذكر أن فريدمان كان مستشار للرئيس ترامب لشئون العلاقات الأمريكية الإسرائيلية خلال حملته الانتخابية., وكانت جماعة جي ستريت اليهودية ومقرها واشنطن قد انتقدت تعيين فريدمان فى منصبه الحالى قائلة, إنه يفتقر إلى الدبلوماسية، ولكن المنظمات اليهودية اليمينية أعربت عن دعمها الكامل له.
يذكر أن فريدمان من موالد عام 1959 ، وهو المحامي الخاص بترامب ،ومستشار حملته الرئاسية ، ووفقا لصحيفة نيويورك تايمز فهو معروف بعدائه لجهود حل الدولتين، ويرأس الذراع الأمريكي المسئول عن تمويل مدرسة دينية يهودية في إحدى المستوطنات بالضفة الغربية المحتلة .
إضافة إلى ذلك فإن فريدمان يكتب بشكل منتظم مقال رأى لموقع إخباري إسرائيلي يميني، حيث اتهم في إحدى مقالاته الرئيس الأمريكي السابق, باراك أوباما، بالعداء السافر للسامية، كما شبه إحدى الجماعات اليهودية الأمريكية الليبرالية، الداعمين لحل الدولتين، بالنازيين بالإضافة إلى مهاجمتهم بسبب الاتفاق النووي مع إيران.
وبحسب التقارير, فهو يهودى متشدد، يدعم إحدى جماعات الخدمات الطبية الطارئة في إسرائيل، التي تفخر بدمج المتطوعين العرب والدروز، وساعدت في بناء قرية للأطفال المعوقين البدو واليهود بتكلفة 42 مليون دولار فى صحراء النقب، كما أنه معروف بأنه مضيف اجتماعي، حيث يقدم وجبات طعام خلال العطلات في شقة فندقية يمتلكها في حي الأثرياء بالقدس المحتلة.
وكانت منظمة "السلام الآن" قد نشرت تقريرا يؤكد ضلوعه في النشاط الاستيطاني بالضفة الغربية، خصوصا أنه يرأس جمعية أصدقاء مستوطنة بيت آيل في أمريكا، التي تساهم في الدعم المالي للمشروعات الاستيطانية ولعل دعمه لنجلته التي تعد أحدث المستوطنين الإسرائيليين يؤكد صحة هذه المعلومات.