اسرائيل وجدت في الأحداث الأخيرة، واتخاذها اجراءات أمنية تعيق أداء المسلمين لشعائرهم الدينية، داخل الأقصى، الوقت المناسب للتفاوض حول القدس والمقدسات، مدركة التحول العربي لصالح اسرائيل والرغبة الجامحة لدول كالمملكة الوهابية السعودية في اتخاذ خطوات ومواقف داعمة للخطط الاسرائيلية على حساب القضية والحقوق الفلسطينية.
نصب طاولة التفاوض حول القدس والمقدسات، يجر القيادة الفلسطينية وجهات عربية كالاردن بشكل خاص، في حال لم تدرك خطورة الهدف الاسرائيلي الى تقديم تنازلات بحجة جسر الهوة بين الموقفين، حيث سيكون لواشنطن والرياض دور في هذا التفاوض، دور ضاغط على عمان ورام الله.
وتبرز هنا مسألتان، الأولى أن اسرائيل معنية بالغاء أو تقليص ما تتمتع به دائرة الوقف الاسلامي من صلاحيات بشأن الأقصى، وفرض ادارة جديدة، واجراءات تثبت ادعاءات الاحتلال بحقوق له في الاماكن المقدسة، أما المسألة الثانية، فهي فتح الباب أمام النظام الوهابي السعودية ليكون أحد المشرفين في لجنة يتم تشكيلها يقرها المتفاوضون، وهذا ما تمنته الرياض منذ سنوات طويلة، لتنصب نفسها الأمين على المقدسات الاسلامية، مهمشة بذلك الدور الاردني والعائلة الهاشمية صاحبة الولاية باتفاق مع رام الله على المسجد الأقصى.
دوائر مطلعة ذكرت لـ (المنـار) أن الفترة القادمة، سوف تشهد خطوات واجراءات وحتى لقاءات واتصالات هدفها ترسيخ القدم الاسرائيلية في الأماكن الدينية، فتل أبيب فتحت باب التفاوض مبكرا بشأن الأقصى ولن تغلقه بسهولة، والى أن تحقق اتفاقا داعما لاهدافها ومخططاتها ستواصل اجراءات السيطرة على الاقصى، فالبوابات الالكترونية الأمنية لن تكون الاجراء الوحيد.
ما تقوم به اسرائيل الان وبالقوة هو تثبيت صلاحيتها في تحديد من سيدخل الى الاقصى حتى للصلاة، ومتى ستعتبره غير مرغوب فيه، والمفاتيح بين يديها ويدعمها في ذلك صمت وعجز العرب والمسلمين، وضعف السلطة الفلسطينية، والتواطؤ السعودي والاسناد الامريكي، صلاحيات تنتزعها تل أبيب بالقوة ليصار بعد ذلك الى تثبيتها ومنحها المشروعية في جولات تفاوضية، يبدو أنه لن يطول انطلاقها.
هذا هو المخطط، أو على الأقل حلقة من حلقاته، خلقة الانتهاء من احدى أهم القضايا الجوهرية للصراع، قضية القدس، مخطط قابل للنجاح والتنفيذ ما لم تتطور الردود الفلسطينية الى انتفاضة نوعية شاملة.