2024-11-14 07:27 م

هل ينجح وزير التربية السوري في تطبيق نظام التعليم الجديد بسورية؟!

2017-05-21
بقلم: الدكتور خيام الزعبي
يشهد العالم اليوم متغيرات متلاحقة وثورة تكنولوجية هائلة أصبح فيها من يملك ناصية العلم والتكنولوجيا والمعلومات هو من له حق البقاء، الأمر الذي يجعلنا نسابق الزمن ونضافر الجهود لأن أي تقدم ملموس ومحسوب في تلك المجالات لم يأت إلا من بوابة التعليم، وعلى هذا صرح الدكتور هزوان الوز وزير التربية مؤخراً بأنه هناك مشروع قرار حول تعديلات على معايير النجاح في الشهادة الإعدادية بهدف تطوير المنظومة التعليمية.. بهذا التصريح البالغ الأهمية، يكون الوزير قد بدأ يضع قدميه على الطريق الصحيح بشأن تطوير مقدرات الطلبة وتحسين مستواهم الدراسي، وعندما يفكر الوزير بهذه الطريقة الفكرية والحضارية، فإن ذلك يعني إعادة صياغة النظام التعليمي على أسس علمية ومنهجية أكثر جدوى من خلال تقويم عمل المعلم من جهة وتقويم المنهاج من جهة ثانية، مما يعزز العلاقة الترابطية بين نتائج المتعلمين أثناء المرحلة ونهايتها مع تشخيص الصعوبات من خلال التقويم المستمر... فالنظام الجديد معناه أن يعود الطالب طالبا يكافىء على إجتهاده، ويعود المدرس مدرساً يساعد ويوجّه الطلبة. على الرغم من تباين الآراء حول النظام الجديد لشهادة التعليم الأساسي، إلا سيكون نقلة نوعية في تطوير منظومة التعليم الأساسي في سورية وسيقوم بتطوير إستراتيجية متكاملة لتنهض بهذه المرحلة المهمة من النظام التعليمي من خلال نظرة شمولية في مكوناتها المختلفة، و مما تجدر الاشارة إليه أنه سيتم احتساب الدرجة النهائية لشهادة التعليم الأساسي اعتباراً من العام القادم بعد إضافة 10% من الدرجة النهائية للصف السابع، و10% للصف الثامن، و10% لامتحان الفصل الأول، مع 70% للامتحان الأخير، فالطالب لا يعد ناجحاً في شهادة التعليم الأساسي، ما لم يحصل على الحد الأدنى في مواد الامتحان الأخير، حتى وإن تجاوز درجات النجاح في الصفوف الانتقالية، وهذا بلا شك يعد خطوة مهمة على طريق التحول الإيجابي، ويبعث على التفاؤل بشأن تطوير التعليم وتحفيز الطلبة على اكتساب المعارف والمهارات والقيم من خلال عدم إهمالهم الصفوف السابقة. بهذا المنطق... الوزير يدرك تماماً أن تطور التعليم ليس مسئولية الوزارة وحدها وإنما مسئولية المجتمع بأسره، وهذه حقيقة مؤكدة، فليس الوزير وحده قادراً على تطوير التعليم، وبمفرده لن يستطيع أن ينجح فى هذه المهمة الوطنية، وإنما يحتاج إلى جهود جبًارة من الجميع، وإذا كان الوزير قد قرر الاستعانة بخبراء تربويين يميلون الى الاسلوب التربوي الحديث ، فهذا معناه أنه يعتزم فعلياً خوض تجربة جديدة قائمة على المشاركة من الجميع، والإستماع للأهالي والطلاب من مختلف شرائح المجتمع، وتوضيح مغزى النظام الجديد والهدف الذى يسعى لتحقيقه، وإعطاءهم الفرصة الكاملة لتبادل الآراء، ثم صياغة مشروع تعليمى بناءً على هذه النقاشات، وذلك من أجل الخروج برؤية تفصيلية تستهدف تغيير خريطة المنظومة التعليمية على المستويين التنظيمي والمهني. وفي حال نجاح هذه التجربة سيتم تعميمها على المرحلة الثانوية وشهادة التعليم الثانوي، وهذا النظام الجديد، كفيل بضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، أبرز ما فيه أن الالتحاق بالجامعات لن يعتمد على امتحان الثانوية العامة وحده، وإنما على المجموع التراكمى الذى يحصل عليه الطالب فى سنوات الثانوية الثلاث معا، كما ستكون هناك امتحانات قبول فى كل كلية على حدة، بمعنى أن المجموع لن يكون مقياسا، فطالب الثانوية الراغب فى الالتحاق بكلية الصيدلة أو الطب مثلا، سيكون عليه الذهاب إلى كليات الطب والصيدلة التى يريدها لأداء اختبارات فى مواد كالعلوم والكيمياء والفيزياء وغير ذلك، والذى يريد الالتحاق بكلية الإعلام أو العلوم السياسية مثلا، عليه أداء امتحانات قبول فى اللغة العربية واللغة الإنجليزية والتاريخ والجغرافيا والوطنية، وهكذا.... من هنا نعود إلى القول إن المجتمع الآن بحاجة ماسة إلى تعليم جيل يفكر ويدرك ويقرر بناءً على تكوين وعى حقيقى وقدرة على التمييز. ولكي ينجح وزير التربية في مهمته هذه لا بد من الإسراع بمواجهة كل التحديات المعرفية والتكنولوجية وإستيعابها للوقوف على أول درجة من سُلَمْ الإصلاح وخاصة في مثل هذه الظروف التي تشهدها سورية والتي تؤثر سلباً على التعليم, ولا بد من النظر في كل العيوب والسلبيات التي أدت الى التراجع الملحوظ في نظامنا التعليمي من خلال إعادة النظر في هيبة المعلم التي فقدها منذ سنوات وعلى الأخص هذه المرحلة الذي نشهد فيها مزيداً من العنف الطلابي والتطاول على المعلمين ليتمكن المعلم من خلق بيئة صفية أكاديمية ونفسية وإجتماعية داعمة للإبداع والإبتكار، ولا بد من إعادة النظر في تعيينات إدارات المدارس التي أصابها الكثير من الترهل الإداري وضعف في الأداء يُعزى سببه الى المحسوبيات في التعيينات, ولا بد من إعادة النظر في مناهجنا التربوية والتعليمية والتي تكمن الكارثة فيها وتعزيز دور القيم الوطنية والإنسانية والأخلاقية لتنعكس إيجاباً على سلوك الطلبة في المجتمع والسير بالوطن الى بر الأمان والاستقرار حتى تنهض سورية الجديدة. مجملاً...إن قرار تعديل معايير النجاح في الشهادة الإعدادية الجديد هى خطوة على الطريق الصحيح، وفي حالة تطبيقه كما يجب سيكون هو الأنسب والأصلح بشرط توفير الامكانات اللازمة له، وتكثيف المتابعات من قبل وزارة التربية لتنفيذه بدقة، وبذلك ستنهي الأسر السورية مسلسل رعب شهادة الإعدادية أو الثانوية العامة، وفي الختام هذه وقفة إحترام وتقدير إلى كوادر وزارة التربية أينما كانت وأينما وجدت والتي عملت على إجراء إمتحانات التعليم الأساسي في موعدها، بالإضافة الى جهوزيتها التامة وإستعدادها لامتحانات الشهادة الثانوية التي تبدأ الأسبوع القادم، وبإختصار شديد يمكنني القول إن وزارتنا إستطاعت ان تقطع السبيل على جميع الأعداء الذين كانوا يراهنون على شلّ الحركة التربوية والتعليمية في سورية وعدم قدرتها على إجراء الإمتحانات للعام الدراسي الحالي
Khaym1979@yahoo.com.