تطرقت صحيفة "روسيسكايا غازيتا" إلى نتائج الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية في فرنسا؛ مشيرة إلى انقسام فرنسا بعد انتخاب إيمانويل ماكرون رئيسا جديدا للبلاد.
جاء في مقال الصحيفة:
من الصعب تصور مشهد أكثر رمزية من الذي شاهده الفرنسيون صباح يوم 8 مايو/أيار الجاري، حين حضر الرئيس المنتخب إيمانويل ماكرون برفقة الرئيس فرانسوا هولاند مراسم الاحتفال بالذكرى الثانية والسبعين للنصر على النازية، وكان هذا أول نشاط رسمي له، في حين كان النشاط الأخير لهولاند، الذي ستنتهي ولايته يوم الأحد المقبل في 14 مايو/أيار الجاري، حين تقام مراسم تنصيب ماكرون رئيسا لفرنسا.
وقد اعترف هولاند قائلا عن ماكرون: "لقد وجهته إلى الطريق، الذي سيسلكه لاحقا". ويذكر أن ماكرون كان مستشارا لهولاند خلال حملته الانتخابية عام 2012، وبعد فوزه عينه وزيرا للاقتصاد. وعندما أدرك هولاند ألا فرصة لديه للفوز بولاية رئاسية ثانية أخلى الفضاء أمام "فرخه" للتحليق.
ذلك يعني أن الدوائر المالية وقسما من أصحاب رؤوس الأموال الكبرى، الذين يسيطرون على وسائل الإعلام الرائدة، دعموا ماكرون وريث هولاند؛ ما مهد الطريق لفوزه"، - بحسب المحلل السياسي، الكاتب الفرنسي فردريك بونس.
و "مع ذلك يبقى ما حققته زعيمة "الجبهة الوطنية" مارين لوبان (33.9 في المئة من الأصوات) نصرا كبيرا لها، إذا أخذنا بالاعتبار أن عدد الناخبين في الجولة الثانية كان أقل من عددهم في الجولة الأولى. كذلك، فإن غالبية الناخبين، الذين فشل مرشحوهم في الجولة الأولى، صوتوا في الجولة الثانية لمصلحة ماكرون، حتى أن باراك أوباما دعا الفرنسيين إلى التصويت لماكرون".
من جانبها تَعدُّ لوبان النتائج، التي حققتها، إنجازا "تاريخيا". وهي محقة فعلا في ذلك، لأنها أحرزت أعلى نتيجة في تاريخ "الجبهة الوطنية". وبعد إعلان نتائج الانتخابات، أوضحت لوبان أن المنافسة لم تنته؛ مشيرة إلى أن "الحزب سيبدأ حملة التحضير للمشاركة في الانتخابات البرلمانية المقررة في مطلع يونيو/حزيران المقبل".
وأنها "تخطط لتشكيل قوة سياسية وطنية جديدة، قائلة: "سأقود هذه المعركة من أجل الدفاع عن استقلال فرنسا وحريتها وازدهارها وأمنها وهويتها الوطنية ونموذجها الاجتماعي".
وهكذا، يبدو انقسام فرنسا بعد الانتخابات واضحا. فعدد المشككين بأوروبا قد بلغ حوالي نصف سكان البلاد. كما ازداد عدد المعارضين للاقتصاد الليبرالي والتقشف وتقليص حقوق العاملين لمصلحة أصحاب العمل.
وإضافة إلى ذلك، يسأل مدير المركز الأوروبي للتحليل الاستراتيجي فيليب ميغو عن عدد الفرنسيين، الذين دعموا ماكرون فعلا، ولا سيما أن ربع الناخبين (11 مليونا) لم يدلوا بأصواتهم وهذا رقم قياسي لفرنسا، وأن أربعة ملايين قسيمة انتخابية كانت فارغة، ومليونًا ونصف مليون أخرى باطلة. فإذا اضفنا إلى هذه الأرقام 10.6 ملايين ناخب صوتوا لمصلحة لوبان، فسنرى أن 20 مليون ناخب من مجموع 47 مليون شخص يحق لهم التصويت، صوتوا لمصلحة ماكرون (43 في المئة)، ويضيف فيليب ميغو أن بين هؤلاء الكثيرين الذين صوتوا لمصلحته ليس دعما له بل فقط لأنهم لم يرغبوا بفوز لوبان وخاصة الجمهوريين منهم، - كما يرى الخبير الفرنسي.
وهذا يعني أن الرئيس الجديد سيواجه مشكلة جديدة في القريب العاجل، إذا أخذنا بالاعتبار عدم رضا الفرنسيين عن نتائج الحملة الانتخابية الحالية، ولا سيما أن عدة اشتباكات قد وقعت بين المحتجين ورجال الشرطة في باريس وغيرها منذ إعلان نتائج الانتخابات.