جاء انعقاد مؤتمر »مشروع الشراكة الإفريقية الهندية« فى نيودلهى أخيرا ،بمشاركة مصر،ليؤكد تطور و استمرارية الشراكة التى تهدف إلى مناقشة التعاون فى مجالات التجارة والتكامل الإقليمى وتطوير البنية التحتية والتمويل والاستثمارات فى الصناعات التعدينية والمجالات الصحية، بما فى ذلك صناعة الدواء، وأيضا المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتنظيم الاتصالات المباشرة بين الشعوب وبعضها، بشأن القضايا الأساسية التى تستحوذ على اهتمام الدول بإعتبارها طريقا للتقدم والتنمية.
وقد تصادف وجودى فى الهند فى هذا التوقيت بدعوة من وزارة الخارجية الهندية مع ثلاثة صحفيين مصريين ضمن صحفيين من 23 دولة إفريقية، لحضور ورشة عمل عن الصحافة المكتوبة والإلكترونية، ولذلك وجهت وزارة الخارجية الهندية الدعوة لنا لحضور المؤتمر، باعتبار الموضوعات والمشاريع المطروحة خلالها تهم بلادنا.
وقد شاركت 37 دولة إفريقية فى هذا المؤتمر ممثلة بوفود عالية المستوى، بالإضافة إلى ملك سوازيلاند مسواتى الثالث ورئيس وزراء أوغندا روهاكانا روجوندا كضيوف شرف .
وفى كلمة الرئيس الهندى براناب مكرجى أمام المؤتمر اعلن أن الهدف منه تدعيم وتعميق المشاركة الاقتصادية بين الهند و إفريقيا، كما تحدث أمام المؤتمر كل من وزير الدولة للتجارة والصناعة نيرمالا سيتارمان، ووزير الدولة للشئون الخارجية الجنرال فيه كيه سينجا ، حيث شرح كل منهما الإجراءات التى ستتخذ لدفع التعاون والمشاركة بين الهند ودول إفريقيا, ويعتبر هذا المؤتمر حدثا سنويا، بدأ عام 2005.
«اهتمام مصرى»
وفى حوار على هامش المؤتمر أمام الجناح المصرى أكد منجى بدر،الوزير المفوض للشئون التجارية فى السفارة المصرية ، أن مصر مهتمة بالاستفادة من تجربة نجاح الهند فى قطاع تكنولوجيا المعلومات وذلك للارتقاء ببنيتها التحتية, مشيرا إلى أن الهند لديها مدن وخبراء متخصصين فى العمل فى هذه النواحى، وأنها تحقق إنتاجا بمليارات الدولارات، ونحن نحتاج إلى ذلك فى مصر، ولدينا فى مصر قرية ذكية فى مدينة السادس من أكتوبر، لكننا نريد أن نكررها فى مدن أخرى، وإقامة مشروعات صناعية فى الإسكندرية والسويس وصعيد مصر. وقال منجى إن العلاقات بين مصر والهند فى حالة نمو مستمر وقد تجاوزت الاستثمارات الهندية فى مصر ما قيمته ثلاثة مليارات دولار، بينما الاستثمارات المصرية فى الهند بلغت 150 مليون دولار. وأعرب منجى عن أمله فى أن تزيد الاستثمارات الهندية فى مصر، والاستثمارات المصرية فى الهند عن هذا المبلغ كثيرا خلال السنوات المقبلة، موضحا أن المؤتمر يعتبر فرصة للتعرف على مزيد من مجالات الاستثمار فى كلا البلدين ، ولذلك فإن مصر شاركت فى هذا المؤتمر بوفد رفيع المستوى على رأسهم السفير المصرى فى الهند حاتم تاج الدين، والذى عقد عددا من المقابلات مع رجال أعمال هنود وممثلين عن الحكومة الهندية لتعريفهم بمجالات الاستثمار الممكنة فى مصر ، وهو ما يعد تنفيذا لإستراتيجية الرئيس عبد الفتاح السيسى الذى أعطى الضوء الأخضر لجميع المستثمرين ليحضروا إلى مصر وسيجدوا تسهيلات كبيرة لإستثمارتهم. وأن السوق المصرى به فرص كبيرة بعد أن تعددت علاقات الشراكة مع دول أخرى منها الاتحاد الأوروبى ودول العالم العربى.
«تعاون استراتيجى»
وبشكل عام يعتبر المجال الهندى الإفريقى إطارا للتعاون الإستراتيجى، والذى انطلق أثناء إنعقاد مؤتمر القمة الثالث للهند وإفريقيا عام 2015.
وفى تصريجات لأعضاء «مجلس الأعمال المصرى الهندى المشترك» أكد المجلس أن المجال الطبى يعد من أكبر المجالات التى يمكن أن تشهد تعاونا ضخما بين الهند ومصر وخاصة تصنيع وإنتاج الدواء, حيث تعد الهند أكبر مصدر للمواد الخام الدوائية فى العالم وتتفوق فى صناعة وتصدير آلات إنتاج الدواء وبجودة عالية تنافس، بل من الممكن أن تتفوق، على الجودة الأوروبية، وبأسعار تقل ما يقرب من ثلاثة أضعاف عن المنتج والآلات الأوروبية والأمريكية.ويضيف أعضاء المجلس أنه يوجد فى الهند نحو 20 ألف مصنع للدواء سواء لخدمة القطاع المحلى أو للتصدير، كما تعد الهند أكبر مصدر للدواء المثيل خاصة للولايات المتحدة وبأسعار أقل كثيرا من مثيلاتها فى العالم، ولو استفادت مصر من خبرات الهند فى هذا المجال ستقوم بتوفير الدواء اللازم للسوق المصرى وبأسعار أقل مما هو مطروح. وتعد مصر أكبر مستهلك للدواء على مستوى الشرق الأوسط وإفريقيا، كما يعتبر نمو سوق الدواء فى مصر هو الأعلى على مستوى العالم وتترواح الزيادة بين 11- 14% سنويا، ويوجد فى مصر 150 مصنعا للدواء و50 مصنعا تحت الإنشاء، وهى قاعدة يمكن التحرك منها لزيادة الإستثمارات، وهو ما سيعود بالإستفادة كذلك على الجانب الهندى نظرا لتميز مصر ليس فقط من حيث الحوافز التى تقدمها للإستثمار فيها فى إطار جهود الحكومة لتحقيق الإصلاح الإقتصادى وتحسين مناخ جذب الإستثماررات الأجنبية فى كافة المجالات، ولكن لموقعها الجغرافى المتميز والذى يعززه وجود قناة السويس مما يحقق سهولة وسرعة توزيع المنتجات بالمناطق الجغرافية عبر الخطوط الملاحية، والإستفادة من اتفاقيات التجارة الحرة المبرمة مع مصر، ومنها على سبيل المثال اتفاقية الكويز.
«دور هام»
ودعا المجلس الأطراف المعنية الاهتمام والسعى من أجل تذليل أى عقبات أمام تلك الإستثمارات، ليس فقط وزارتا الاستثمار والتجارة والصناعة، ولكن هناك دور مهم لوزارة الصحة حيث يخضع أى دواء يتم استيراده من الهند لقواعد التسجيل التى تستغرق من 12 -18 شهرا نظرا لعدم اعتماد وزارة الصحة المصرية للهند ضمن قائمة الدول المرجعية فى هذا المجال، فى حين أن بعض دول أوروبا وأمريكا يستوردون الدواء الهندى بدون المرور بتلك القواعد التى تؤدى لهروب المستثمرين. وتعد إحدى الشركات الدوائية الهندية هى المصدر الرئيسى للمادة الخام لشركات الدواء المصرية التى تقوم بإنتاج عقار السوفالدى الخاص بعلاج مرض الكبد الوبائى، وبدلا من بناء مصانع للمواد الخام ولتصنيع الدواء داخل مصر بشراكة مصرية هندية، فإن هناك شركة أمريكية هى التى تقوم باستيراد المادة الخام من الهند وتعيد تصديرها إلى مصر بعد تصنيع العقار، ولو حدث أن تم الاتفاق فى هذا الملف بين مصر والهند ستقوم بتوفير مبالغ طائلة على مصر وجذب استثمارات الهند وبناء مصانع جديدة وهو ما سيعود بالفائدة على الطرفين. وبالعودة إلى «مؤتمر الشراكة افريقيا الهند» وفى تقييم لحجم التعاون بين الهند وأفريقيا حتى الآ-ن، فقد بلغت المشروعات المشاركة فى مجال الزراعة على سبيل المثال، مع 16 دولة منها مصر 117 مشروعا بقيمة تتعدى 13 مليار دولار، وفى مجال البنية التحتية مع 15 دولة منها مصر أيضا، 135 مشروعا بقيمة تفوق 25 مليار دولار، وهكذا فى مختلف مجالات التصنيع والتعدين والرعاية الصحية والطاقة والمعلومات وتكنولوجيا الاتصالات، وغيرها من المشروعات التى كانت مصر مشاركة فيها والتى بلغت بنهاية المؤتمر 473 مشروعا بقيمة 69 مليارا و600 مليون دولار.
«محاور رئيسية»
وكان سانجاى باتاتشاريا السفير الهندى بالقاهرة قد أشار خلال مشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسى فى القمة الأفريقية الهندية فى أغسطس عام 2016، إلى أن هناك خمسة محاور رئيسية تهيمن على العلاقات بين البلدين، وهى التعاون الإقتصادى والتجارى والتعليم والتكنولوجيا والأمن، والمشروعات الصغيرة والمتوسطة والتعاون فى مجال الحكم المحلى، وأن الهند على استعداد لتقديم التمويل اللازم للمشروعات المصرية. كما أعلن مودى رئيس الوزراء الهندى أثناء زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى للهند عام 2016، أن مصر والهند اتفقا على تعزيز التعاون الأمنى، وضرورة التصدى للأعمال الإرهابية من خلال تبادل المعلومات.كما أوضح مودى ، خلال المؤتمر الصحفى المشترك بين الرئيسين، أن هناك الكثير من فرص التعاون ودعم الشراكة بين البلدين، وأن هذا التعاون سيساعد فى القضاء على العنف، لأن إنتشار العنف والإرهاب يمثل تهديدا حقيقيا ليس فقط للبلدين بل أيضا لجميع الأمم والمجتمعات فى العالم.