2024-11-24 03:45 م

مراكز البحث والكفاءات وراء نجاح السياسات

2017-03-11
القدس/المنـار/ كل دول العالم لها مراكزها البحثية وفي كل المجالات، وتعتمد قيادات هذه الدول اعتمادا كبيرا على مراكز البحث والدراسات، فهي عماد سياساتها وبناء علاقاتها ورسم مسارات تحركها، بعيدا عن العشوائية وأحاديث الهمس والوشوشة والمزاجية، والاجتهادات الشخصية المبنية على عدم الفهم والضحالة في معرفة خفايا وخبايا هذا الشأن وذاك.
والاستناد على الدراسات والابحاث والتخصص في شؤون وميادين مختلفة أحد عوامل نجاح سياسات الدول، وخاصة فيما يتعلق باتخاذ القرارات وادارة المعارك الدبلوماسية، وكسب التأييد للمواقف والرؤى  ووجهات النظر.
ولا تستقيم اوضاع الدول من حيث العلاقات الدولية وكسب الاصدقاء، والدفاع عن الحقوق والقضايا الا بوجود مراكز دراسات وبحث متخصصة، تضع بياناتها وما توصلت اليه أمام صناع القرار، الذين عادة يطلبون من هذه المراكز دراسات استراتيجية، وأخرى منفصلة عن هذا الحدث أو تلك الساحة، وتصويب ما هو متوفر، وتقييم لمواقف، ومراجعة لقرارات هي قيد الاعلان عنها، بما في ذلك، رفد التحركات السياسية والدبلوماسية، لكسب مواقع تأثير داعمة للقضايا والحقوق، وتفنيد أباطيل وادعاءات الخصوم والطامعين.
في السلطة الفلسطينية، لا مكان لهذه المراكز البحثية، وتفتقر الى مراكز دراسات في هذا الشأن أو ذاك، وبالتالي، هناك نقص واضح في المسارات، وعجز في تحقيق المكاسب، وخاصة فيما يتعلق بالشأن الاسرائيلي، فكل ما هو متوفر لدائرة صنع القرار أقاويل وأحاديث وتحليلات يغلب عليها طابع الوشوشة، والسطحية، وبالتالي، السلطة "فقيرة" في هذا المجال، رغم أن صراع الشعب الفلسطيني هو مع اسرائيل ومنذ أكثر من مائة عام، فالشأن الداخلي الاسرائيلي بحاجة الى كفاءات وخبرات ملمة بتفاصيل هذا الشأن من كل جوانبه، وفي ميادين السياسة والاقتصاد وغيرهما، وتفتقر السلطة الى ذلك، والضعف في ذلك، واضح تماما من حيث كثرة الاخطاء، وعدم سلامة القرارات المتخذة، وسوء القنوات المفتوحة، البعيدة كل البعد عن الالمام الجيد بالشأن الاسرائيلي، لدى العاملين في هذه القنوات العشوائية، والعبثية في أكثرها، وعديمة الجدوى، من حيث الفهم والوعي، والدقة في النقل ذهابا وايابا.
في اسرائيل، دوائر للشأن الفلسطيني في أغلب الوزارات والمؤسسات، على المستويين الأمني والسياسي، وفي رئاسة الوزراء دائرة للشؤون الفلسطينية، تعج بالمختصين واصحاب الكفاءات والمتخصصين في الشأن الفلسطيني، وتتبع هذه الدائرة لاهميتها لرئيس الوزراء الاسرائيلي مباشرة، وهناك تقارير ودراسات تقدم يوميا الى صناع القرار في كل ما يتعلق بالشأن الفلسطيني، بعيدا عن الاعتماد على الوشوشة، والترجمات الموجهة والتسريب المتعمد لاحداث البلبلة والتشكيك وعرقلة اتخاذ القرارات السليمة.
المستوى السياسي في اسرائيل عندما يتجه في هذا المسار او ذاك، في اطار المواجهة السياسية مع الفلسطينيين يتسلح بما تعده مراكز البحث والدراسات، وهي كثيرة في الخارجية، والجامعات، والمتخصصة في وزارات ومؤسسات والدعومة والممولة من الحكومات والهيئات المتنفذة.
في الخارجية الفلسطينية، لا توجد مراكز بحث متخصصة، واذا ما اضيف الى هذا العجز، عدم الكفاءة والخبرة في التوظيف لمفاصل الوزارة المختلفة، وجمود ما هو قائم من سلك وظيفي، محصور في دائرة مغلقة بعيدا عن الابداع والتمييز فان الحال الدبلوماسي الفلسطيني يثير الشفقة، والقيادة تتحمل هذه المسؤولية، فهي لا تعتمد مقاييس سليمة في التوظيف، وليس لدوائر الرقابة والتفتيش اي أثر وتأثير أو حتى ممارسة عمل، حتى وان وجدت فهي تصطدم بالمحسوبية والشخصاتية والبيروقراطية وانعدام الخبرة والتخصص والكفاءات، ونجاح الدبلوماسية لا يعني فتح المزيد من السفارات، التي يمكن وصفها بـ "الخاوية على عروشها" والخالية من اية كفاءات.