قامت المستشارة الألمانية،في الثالث من آذار/مارس بزيارة إلى تونس بدعوة من رئاسة الجمهورية التونسية. وتكتسي هذه الزيارة أهمية بالغة سواء بالمسبة للطرف التونسي أو للطرف الألماني كما تبين ذلك تركيبة الوفد الذي صاحب المستشارة.
فبالإضافة إلى الوزراء المرتبطين مباشرة بالمسألة الاقتصادية، كان عديد رجال الأعمال ورؤساء شركات ألمانية كبرى من بين المشاركين في الزيارة. ويؤشر ذلك على أن العنوان الأبرز للزيارة ربما كان الاقتصاد. وخير دليل على ذلك الاجتماع الذي نظمه اتحاد الصناعة والتجارة التونسي مع المستشارة ومع رجال الأعمال الألمانيين والذي استحوذ على جزء كبير من الزيارة التي اقتصرت على يوم واحد.
بالنسبة للطرف التونسي يعد ذلك تأكيدا على التعاون الاقتصادي الوثيق مع ألمانيا التي أصبحت بعد الثورة التونسية من أكبر المانحين للاقتصاد التونسي. وقد تجاوزت مساعداتها أحيانا مساهمات شركاء تقليديين مثل فرنسا وإيطاليا والولايات المتحدة. وإن كانت تونس في حاجة ماسة إلى هذا الدعم في وضع مالي خانق فإن لألمانيا أيضا مصالح لا تقل أهمية. حيث أن تأكيد الحضور الاقتصادي الألماني في الفضاء التونسي يعد بوابة مهمة لزيادة الحضور في المنطقة المغاربية وفي أفريقيا جنوب الصحراء. إذ تشهد المنطقة تحولات سياسية واعدة بالرغم من الخطر الإرهابي ومن حالة الفوضى التي تشهدها بعض المناطق مثل ليبيا.
بالإضافة إلى الملف الاقتصادي، يبدو أن ملف الهجرة سجل بدوره حضورا بالنظر لما يمثله من عبئ سياسي في ألمانيا. وتتلخص المطالب الألمانية أولا في تسريع تونس لإجراءات عودة ما يقارب الألف وخمس مائة شاب تونسي يقيمون بطريقة غير شرعية في ألمانيا ثم ثانيا إقامة مخيمات على التراب التونسي للأفارقة الراغبين في الهجرة نحو أوروبا. ويعد هذا الطلب الثاني مثالا أيضا على استعمال الحالة التونسية كمعبر نحو أفريقيا عموما من خلال التعاون لحل مشكل الهجرة القادمة من جنوب الصحراء. غير أن الحكومة التونسية رفضت هذا الطلب خاصة وهو يجد معارضة قوية من طرف القوى السياسية والجمعيات.
لا يجب أن ننسى هنا البعد الأمني لهذه الزيارة. فبالنسبة للطرف التونسي تلعب ألمانيا دورا مهما في حماية التراب التونسي من خلال إشراف الجانب الألماني على المراقبة الإلكترونية للحدود التونسية الليبية. ومن خلال من هذه المبادرة، يمكن لألمانيا أن تلعب دورا أكثر حيوية في مقاومة الإرهاب في المنطقة المغاربية وفي جنوب الصحراء. فهل نحن إزاء مؤشرات عن عودة ألمانية للمنطقة؟