2024-11-28 08:27 ص

معهد واشنطن يقدم لترامب «وصفة النجاح» في المغرب العربي

2017-02-25
أثبتت بلدان شمال غرب أفريقيا، المغرب والجزائر وتونس، أنها أكثر مرونة أو أكثر تكيفًا مع الاضطرابات السياسية التي اجتاحت المنطقة في السنوات الأخيرة من دول الشرق الأوسط الأخرى. ومع ذلك، لا يزال الاستقرار يشكل تحديًا كبيرًا لجميع هذه الدول بدرجات متفاوتة.
وحسب دراسة للباحثين بمعهد واشنطن الأميركي، روبرت ساتلوف وسارة فوير، وهما خبيران في شؤون المنطقة العربية وقضايا الإسلام السياسي، فإن الولايات المتحدة تخطئ بتجاهلها تلك المنطقة من الشرق الأوسط، التي لا تجتذب القدر نفسه من الاهتمام الموجه لمناطق تواجه صراعات أكثر حدة.

ووفق الدراسة التي حملت عنوان «تعزيز الاستقرار في شمال غرب أفريقيا... مقترحات للسياسة الأميركية في تونس والجزائر والمغرب»، فقد «أظهرت التطورات في السنوات الست الماضية أن الأحداث في شمال غرب أفريقيا يتردد صداها على نطاق واسع في جميع أنحاء الشرق الأوسط وتحمل آثارًا خطيرة على حلفاء أميركا في أوروبا»، ولذلك «يجب على الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة دونالد ترامب إعطاء الأولوية لثلاثة أهداف استراتيجية في تعاملها مع هذه الدول».

وأوضحت الدراسة أن تعزيز الاستقرار يعد أول هذه الأهداف، إذ إن «من مصلحة الولايات المتحدة أن تتعامل مع دول قوية، ويفضل أن تكون ديمقراطية، على استعداد للعمل في شراكة مع واشنطن لتحقيق الأهداف المشتركة».
وأضافت: «سيفيد تعزيز الاستقرار في تونس والجزائر والمغرب في احتواء الصراع الليبي، وحماية هذه الدول من خطر الجماعات الإرهابية التي تحتشد في وسط أفريقيا، وكذلك ضمان استمرار تنظيم تدفق المهاجرين إلى أوروبا».

ورأت الدراسة أن الهدف الثاني للسياسة الأميركية ينبغي أن يكون منع انتشار الإرهاب، منوهة إلى أن «التعاون مع المغرب والجزائر وتونس يعتبر عنصرًا حاسمًا في أي استراتيجية تهدف إلى منع انتشار الإرهاب الصادر من ليبيا أو دول الساحل».

أما الهدف الثالث فيتمثل، حسب الدراسة، في ضمان الأمن البحري، حيث «تعتبر العلاقات الجيدة مع شركائنا في شمال غرب أفريقيا ضرورية للحفاظ على حرية التنقل للأسطول السادس الأميركي في البحر الأبيض المتوسط، ما يضمن أمن حلفاء أميركا في حلف الناتو أو من خارج الناتو في المنطقة، وعنصراً حاسماً في عمليات الولايات المتحدة المضادة للإرهاب».
وقالت الدراسة: «كانت الضربات الجوية التي أُطلقت من السفن الأميركية ضد أهداف تنظيم الدولة الإسلامية في ليبيا ستفشل من دون شراكات الولايات المتحدة مع دول شمال أفريقيا».

وتابعت: «في السنوات الأخيرة، ازداد تواجد البحرية الروسية في البحر الأبيض المتوسط، ما قد يشكل تحدياً لمصالح الولايات المتحدة وعمليات مكافحة الإرهاب على المدى الطويل والمتوسط. لذلك، يظل الحفاظ على حرية العمليات الأميركية في البحر المتوسط هدفاً شديد الأهمية في السنوات المقبلة».
وحسب الدراسة، توجد أربعة تحديات تهدد استقرار شمال غرب أفريقيا ومصالح الولايات المتحدة، أولها هو انتشار التطرف والإرهاب، فـ«حتى اندلاع الثورات العربية في العام 2011، كان تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي هو المهيمن في شمال أفريقيا لكن مع الانتفاضة الليبية والحرب الأهلية التي تلتها، انتشرت الأسلحة والشبكات الإرهابية بسرعة في جميع أنحاء شمال أفريقيا وعبر المساحات غير المحكومة من منطقة الساحل (في دول مالي والنيجر وتشاد). قادت القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي انتفاضة في شمال مالي في العام 2012، ما تسبب في تدخل فرنسا، التي وضعت نهاية لتلك الانتفاضة».

وقالت الدراسة: «إن الفوضى في ليبيا سمحت لتنظيم الدولة الإسلامية بإقامة بؤر استيطانية في درنة وسرت، لكن الجهود العسكرية الليبية في العام 2016 طردت التنظيم من تلك المدن بدعم من الضربات الجوية الأميركية».
ومنذ العام 2011، تعاني بلاد المغرب العربي تنامي خطر الإرهاب، ففي أبريل 2011، أدى انفجار في منطقة سياحية في مراكش بالمغرب إلى قتل سبعة عشر شخصاً وإصابة خمسة وعشرين. في العام 2013، هاجم إرهابيون على صلة بالقاعدة منشأة للغاز الطبيعي بالجزائر. وفي المعركة التي تلت ذلك، قتل تسعة وثلاثين من الرهائن الأجانب وحارس أمن جزائري.

كما شهدت تونس في العام 2015 هجمات إرهابية دمرت قطاع السياحة في البلاد. وفي الأشهر المقبلة، من المرجح أن تتجمع الجماعات الموالية لداعش والقاعدة في جنوب ليبيا وعبر منطقة الساحل، مما يشكل تهديداً مستمراً لتونس، والجزائر، والمغرب.

وقالت الدراسة: «علاوة على ذلك، تواجه البلدان الثلاثة تحدياً خطيراً مع التطرف داخل حدودها. فالتونسيون يشكلون أكبر نسبة من المقاتلين الأجانب في صفوف الجماعات الجهادية في سورية والعراق وليبيا، والجزائر شهدت انبعاث السلفية المتطرفة في السنوات الأخيرة. أما المغرب، فيذكر أن نحو 2500 من مواطنيها غادروا البلاد للانضمام إلى الجماعات الجهادية».
وأشارت الدراسة إلى أن الخلافة الرئاسية والتحديات الاقتصادية في الجزائر تمثل التحدي الثاني للسياسة الأميركية في شمال غرب أفريقيا، مشيرة إلى أن «الرئيس الجزائري البالغ من العمر 79 عاماً، عبد العزيز بوتفليقة، يجلس على كرسي متحرك وغير قادر على الكلام، وأُعيد انتخابه لولاية رابعة في العام 2014، ما يجعل منه الرئيس الأطول بقاء في منصبه في أكبر دولة في أفريقيا.
لا تزال الأجهزة السياسية والأمنية في الجزائر غامضة، ولكن يفترض أن السلطة تتوزع بين مجموعات من القادة العسكريين ومسؤولي المخابرات ورجال الأعمال والسياسيين».

واعتبرت الدراسة أن تجدد نزاع الصحراء الغربية، يطرح تحدياً ثالثاً على السياسة الأميركية، ذلك أنه «منذ وقف إطلاق النار العام 1991 بين الحكومة المغربية وجبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر، لم يحدث تقدم كبير في حل النزاع حول إقليم الصحراء الغربية المتنازع عليه». كما أن «اتفاق 1991 الذي يدعو لإجراء استفتاء في الإقليم لاختيار الاستقلال أو الاندماج مع المغرب، لم ينفذ».
ورأت الدراسة أن الحرب في الصحراء لن تهدد استقرار المغرب وحسب، بل ستصرف كلاً من المغرب والجزائر عن التعاون في مجال مكافحة الإرهاب.

وأخيراً، نوهت الدراسة إلى أن الاضطرابات الاجتماعية الناجمة عن تباطؤ الإصلاح، تحمل تحدياً رابعاً، لاسيما في ظل وجود إحباط عام من وتيرة الإصلاح السياسي والاقتصادي، والغضب من انتشار الفساد لا زال متفشياً.

وخلصت الدراسة إلى أن تعزيز المصالح الأميركية في شمال غرب أفريقيا، يوجب على إدارة الرئيس دونالد ترامب تنفيذ عدد من المبادرات عبر استثمارات متواضعة نسبياً من الاهتمام الدبلوماسي والمساعدات الاقتصادية والمساعدات الأمنية.

ورأت أن الولايات المتحدة لديها مصلحة قوية في استقرار تونس ونجاح ديمقراطيتها الوليدة، وهذا الأمر قابل للتحقق من خلال «الاستمرار في توجيه المساعدة الأمنية نحو السيطرة على الحدود، وتدريب الشرطة المدنية، ومكافحة الإرهاب».
وأوصت الدراسة بالتقارب مع الجزائر كشريك، وليس كمتلقٍ للمعونة، رغم أنه من المرجح أن تظل السياسة الخارجية للجزائر تتسم بالنزعة القومية الحادة، وتفضيل عدم الانحياز والحفاظ على العلاقات مع دول الكتلة الشرقية السابقة، خاصة روسيا، ومعارضة التدخل الأجنبي؛ والتشكيك في الدوافع الغربية في المنطقة.

كما أوصت بتشجيع تنامي القيادة المغربية في القارة الأفريقية، وإنشاء صندوق المشاريع المغربية الأميركية وتشجيع أجندة الإصلاح السياسي في المغرب والتوسع في مبادرات تعليم اللغة الإنكليزية.