الاتحاد برس – حسّان كنجو
في كل عام ومع بدء فصل الشتاء يتحضر اللاجئون السوريون في تركيا لبدء فصل جديد من فصول المعاناة المريرة التي يعيشونها منذ أن أجبرتهم آلة النظام السوري العسكرية على ترك منازلهم والنزوح هرباً من الموت إلى دول الجوار بحثاً عن الأمان ولقمة العيش التي فقدوها بشكل شبه كامل بعد أن أدت الحرب المندلعة في بلادهم منذ أكثر من خمس سنوات لتدمير كافة مقومات المعيشة ولا سيما المناطق الخارجة عن سيطرة النظام.
ولعل واقع السوريين في المدن التركية لا يختلف كثيراً، فنمط العمل متشابه في كل المحافظات وفي كل المهن، إلا أن السوريين في بعض المدن التركية لا سيما تلك الحدودية منها مع بلادهم يشتكون بشكل أكبر من نظرائهم في المحافظات الداخلية أو كما يطلق عليها (محافظات الشمال).
(إيش يوق) بالتركية أو (لا يوجد عمل) بالعربية، هو الجواب الذي سمعه “عمر” من اول رب عمل تركي لجأ لسؤاله عله يجد موطئ قدم له في (ورشة الموبيليا) التي يملكها، بعد أن توقف عمله منذ أكثر من شهر وضاقت السبل به وبعائلته حاله كحال غيره من السوريين في مدينة أنطاكيا جنوب تركيا.
يقول “عمر” في حديث لـ الاتحاد برس: “منذ أكثر من شهر ونصف وأنا أبحث عن عمل أجني من خلاله بعض المال وأؤمن لقمة عيشي وعيش أطفالي إلا أنني الآن بت شبه محبط، فقد بحثت في كافة الأماكن ولم أترك (ورشة) في المنطقة الصناعية بأنطاكيا إلا وذهبت إليها طالباً أي عمل حتى وإن كان بأجر قليل، فالمهم الآن هو تجاوز (الثلاث العجاف) المريرة من كل عام.
ولدى سؤاله ما هي (الثلاث العجاف)، أجاب عمر قائلاً: “الثلاث العجاف هي الأشهر الثلاثة الممتدة بين شهر كانون الأول/ ديسمبر، وحتى منتصف شهر آذار/ مارس من العام الجديد”، مضيفاً أن هذه الأشهر هي أشد الأشهر قسوة حيث أن معظم المعامل والورش والمحلات تصل لمرحلة الانقطاع عن العمل نهائياً وذلك بسبب ضعف العملية الشرائية شتاءً ولجوء الناس لادخار ما يملكونه حتى مطلع فصل الربيع الذي يعد (بدء موسم العمل).
أما “أحمد” الذي كانت له وجهة نظر أخرى حول هذا الموضوع، فيرى أن (الثلاث العجاف) في هذا العام كانت أشد من سابقتها وذلك يعود بحسب أحمد لعدة أمور أبرزها سيطرة النظام السوري على المزيد من المناطق في سوريا وإجبار سكانها على النزوح هرباً من بطشه ولكون تركيا هي الأقرب وأنطاكيا هي المنفذ الحدودي المفتوح للاجئين فقد زادت نسبة اللاجئين في المدينة بشكل لا يتناسب مع فرص العمل المتاحة، إضافة لانهيار العملة التركية أمام العملات العالمية الأخرى كـ “الدولار واليورو” والذي أدى بدوره لغلاء أسعار المواد الأولية والذي فرض بدوره قيوداً على أرباب العمل في ظل ضعف العملية الشرائية والتبادل التجاري ما دفعهم لإيقاف معظم عمالهم والاكتفاء بـ “الأوسطوية” أو بما معناه “خبراء المهن” أو حتى الإغلاق بشكل كامل.
ويرى أحمد أن أحد أهم الأسباب التي أدت لانهيار العملة التركية هي الاضطرابات السياسية في البلاد، والتي بدأت على حد قوله منذ الصراعات البرلمانية أواخر العام 2015 وصولاً إلى الأزمة مع روسيا على خلفية إسقاط مقاتلتها ثم محاولة الانقلاب الفاشلة منتصف شهر تموز/يوليو من العام الماضي إضافة لأسباب أخرى تتعلق بالعلاقة مع الدول الأوروبية ودول الجوار.
وأشار إلى أن جميع العوامل السابقة، أدت لخلق أزمة عمل لدى السوريين بشكل خاص بالتزامن مع موجة غلاء أصابت الأسواق بسبب انهيار العملة إضافة لفقدان العامل السوري أدنى الأوراق الثبوتية التي تضمن له حقوقه ، مضيفاً إلى أن (بطاقة التأمين) أو كما يطلق عليها اسم (السيغورتا) هي من أهم ما يجب أن يحصل عليه العامل السوري لكونها تضمن له حقوقه وتطبق عليه القوانين والمزايا التي يحصل عليها العامل التركي الذي يتقاضى أجراً يصل لضعف أجر العامل السوري في بعض الأحيان على الرغم من الخبرة المماثلة لكليهما.