2024-11-25 03:25 م

لماذا يتمظهر الإرهاب بلبوس الدين؟

2017-01-21
بقلم: طالب زيفا*
معظم العصابات الإرهابية تاريخيا كانت تتخذ من الأديان وسيلة لتحقيق غايات سياسية واقتصادية ولدينا أمثلة عن الحروب الدينية
فتاريخ أوربا حافل بالأمثلة على الحروب الدينية ذات الطابع السياسي والاقتصادي ومن أبرز الأمثلة : حرب المئة عام بين بريطانية وبروسيا وهانوفر من جهة وفرنسا والنمسا وروسيا والسويد من جهة ثانية. وحرب الكاثوليك ضد البروتستانت التي استمرت مئة عام وحرب الثلاثين عاما الأوروبية انتهت بتغير خارطة أوروبا (بمعاهدة وستفاليا عام 1648)ومعظم هذه الحروب ظاهرها ديني ولكن تكمن أسبابها الحقيقية هي اقتصادية وسياسية للسيطرة على مقدرات الممالك والدوقيات الغنية والحاقها بالدول الأقوى (أشبه بشريعة الغاب)التي تعتمد على الأقوى كقوانين طبيعية كجزء من نواميس الكون. وما أشبه اليوم بالأمس فهل يخطط لبلداننا ما مرت به أروبا وتدور عجلة الحروب التي تخلصت وانتهت منها أوروبا؟ حتى نجيب عن جزء من هذا التساؤل لنورد ما قاله هنري كيسنجر لموقع(ديلي سكيب الأمريكي)عام 2012حيث قال مرددا كلاما خطيرا علينا أن نأخذه على محمل الجد ونتنبه له كون كيسنجر(ثعلب السياسة الأمريكية اليهودي الإنتماء)بأن سياسة أمريكا خلال العقود الثلاثة الأخيرة وبعد سقوط الاتحاد السوفياتي يجب أن يكون جوهرها كما يقول:سنغرق العالم الإسلامي في صراع بين السنة والشيعة على غرار حرب المئة عام بين الكاثوليك والبروتستات .وقال سنستخدم أموال النفط الخليجية ونسلحهم لمواجهة إيران الشيعية.وقال للموقع المذكور سنضطر لاحتلال سبع دول في الشرق الأوسط حيث البترول والاقتصاد بعد ذلك للنقض نحن(أمريكا واسرائيل)حيث ستكون إيران المسمار الأخير في النعش الذي تجهزه أمريكا ثم لروسيا ،بعدأن يكون قد تم منحهما الفرصة للتعافي والإحساس الزائف بالقوة وسيسقطان كما يدعي كيسنجر إلى الأبد. ما يهمنا من كلام كيسنجر هو استهداف المنطقة وخلق بؤر توتر ولدينا مثالين صارخين لا يحتاجان إلى كثير من التعمق: 1-قيام الكيان الصهيوني على استغلال الدين اليهودي وأسفار التكوين على ظاهر الدين وكل العصابات الصهيونية وحتى قبل مؤتمر بازل في سويسرا أسست في فلسطين نواة لدولة قامت على عصابات ارهابية مثل الأرغون وبالماخ وشتيرن ....وغيرهم واستغلت العامل الديني في استدرار العاطفة الدينية ولا يزال زوار الكيان يضعون القلنسوة وزيارة ما يسمونه(حائط المبكى)وهو في الأصل البراق الشريف. 2-المثال الثاني ما يجري في سورية جميع العصابات الإرهابية بما فيهم بعض من يمثلهم (من دكاترة جامعات وربما البعض منهم علماني)استثمر في العامل الديني وحرض طائفيا وخرج من عباءته وربما نافق معهم وطلب الدعم من رجال دين وأئمة وخطباء مساجد في دول خليجية وحرضوا دينينا وجمعوا أمول طائلة بحجة الدفاع (أهل السنة)لدرجة أن قطر والسعودية استمالت الكثير من الشباب المتطرف وأثارت الغرائز الطائفية بل أرادت تحويل البوصلة من راية فلسطين وعدو يحتل القدس والأقصى إلى عدو افتراضي مختلف في المذهب والملة ووضعت الوهابية كمدافع وهمي عن الإسلام وحاولت امبراطورياتهم الإعلامية تشويه القيم الروحية وبثت سموم التفرقة لدرجة أصبح الإستقطاب الديني هو ديدن هؤلاء لتضرب تاريخا من العيش المشترك بين كافة الأديان والمذاهب .والأهداف النهائية هو تطبيق حقيقي (لبروتوكولات حكماء صهيون)وتطبيقا عمليا لأقال كيسنجر وصموئيل هنغتون وفرنسيس فوكوياما الذين تحدثوا عن سيادة امريكا والصهيونية في حكومة عالمية لا مكان فيها لغير القيم الأمريكية في ظل تصادم الحضارات والبقاء للأقوى . والسؤال الأهم الذي علينا أن نجيب عنه هو هل نمتلك الوعي لما يرسم لبلداننا في أقبية المخابرات الغربية وهل نساهم في رسم خرائطنا في عالم مجنون لا يفهم بلغة القيم والأخلاق بل بشريعة الغاب،وعلينا أن ندرك بأن الغرب الطامح لا يميز بين دين ولا طائفة ولا سنة ولا شيعة ولا ماروني أو سرياني ولا بين عربي وأعجمي إلا بقدر مصالحة وهدفه تدمير أوطاننا بكل السبل والأساليب ولا يعرف صداقة أو عداوة وعينه على أموالنا ونفطنا بل كل مقدراتنا وربما نعيش في عصر ظلمات ولكن بصيص الأمل والنور كامنة في هذه الأمة فهل نستفيق البعض قبل أن نندم حيث لا يفيد الندم. 
* باحث في الشأن السياسي