2024-11-24 04:08 م

الأسس الأخلاقية للفاشية.. النظريات النفسية المتصارعة لتفسير أفعال هتلر وموسوليني

2016-12-08
قبل أسبوع من الانتخابات الأمريكية 2016، كتب الصحفي “فرانسيس ويلكنسون”، مقالة لموقع “بلومبرج”، تحت عنوان ” الأسس الأخلاقية لدولة ترامب”، لكن سياق العنوان متناقض.. فهل يوجد أسس أخلاقية لشخص فاشي، يتغذى على العنصرية والكذب؟ أم كما قال “ويلكنسون” إن المقصودين هم الأشخاص المحترمة، التي تدعم شخصًا جانحًا أخلاقيًا، يفسد معظم قيمهم.. هذا تحديدًا فكرة نظرية “الأسس الأخلاقية”.

وتعتبر “الأسس الأخلاقية”، نظرية علم النفس الاجتماعي، وضعها “جونثان هايدت” وآخرون غيره، وتعد من أكثر الكتب مبيعًا له في 2012، حيث كان الكتاب بعنوان ” العقل الصالح: السياسة والدين تفرق بين الأشخاص الصالحين”، واعتبرت أن الجميع لديهم أخلاقيات، سواء كانوا محافظين أو ليبراليين، لكن بطرق مختلفة.

لتفسير الاختلاف بين الليبرالين والاتجاه المحافظ، تهدف النظرية إلى تجنب عقودًا من الأبحاث على مجموعة واسعة من العوامل المختلفة والمميزة، تم جمعها في 2003 في ورقة تحت اسم “المحافظة السياسية كحافز للمعرفة الاجتماعية”، وكتبها ” جونثان جوست”، ومجموعة من الكتاب المساعدين.

ويعد اثنان من أبرز العوامل للتعصب الجماعي، التي تم التركيز عليها في الكتاب الأكثر مبيعًا في 2006، الذي كتبه “جون دين” بعنوان “المحافظون بلا ضمير”: السلطوية اليمنية، التي تعكس الالتزام الأيدولجي بالتقاليد، والسلطة والأعراف الاجتماعية، وتوجه الهيمنة الاجتماعية، تعبر عن الالتزام تجاه الهيمنة وعدم المساواة الاجتماعية.

بعد انتهاء عصر “جورج بوش”، تنافس “باراك أوباما” و”جون ماكين” على من لديه القدرة الأكبر على العمل الأفضل، وبعدها كان المزاج العام جاهزًا لنظرية تدعيم، التي ستساعد في إعادة تأهيل الصورة المحافظة، وجاءت نظرية “الأسس الأخلاقية” لتفعل ذلك، وطرحت هذه النظرية مجموعة صغيرة من اهتمامات الأخلاقيات المختلفة الواضحة، وارتبط كل منهم بمجموعة مختلفة من المشاعر، التي استخدمها “هايدت” للتوضيح –الضرر مع الغضب، الورع مع الاشمئزاز ، وهكذا- ويُعد الليبراليون أول المتأثرين بهاتين الصفتين، كما قال “هايدت”، حيث أن إحداهما تخص الأذى ضد الاهتمام، أما الثانية فهي العدالة في مواجهة المعاملة بالمثل. وسمى “هايدت” هذه القيم بـ”ميلان”، في إشارة إلى كلاسيكية “جون ستيوارت ميل “، التي سميت بـ”في الحرية”.

وإدعى “هايدت” أن الليبرالين أخطأوا، بشأن ظنهم أن هذا ما تشمله الأخلاقيات فقط، أما المحافظون فاستجابوا لثلاث أذواق أخلاقية أخرى، التي لها علاقة بالهدف الجدير بالثناء، الخاص بإلزام الشعب في المجتمع: السلطة/الاحترام، المجموعات/الانتماء، النقاء/الحرمة. وعرّف “هايدت” هذه الأخلاقيات مع رائد علم الاجتماع ” إميل دوركايم”، موفرًا اختزالًا بسيطًا، والذي يعتبر جزءًا من جاذبية نظريته.

وكتب “هايدت” في 2008، حيث قال “مجتمع بتفكير “دوركايم” يفضل التحكم الذاتي، أكثر من التعبير الذاتي، والواجب عن الحقوق، والإخلاص لمجموعة من الأشخاص عن المخاوف من المجموعات الخارجية” . لا يمكن دعم مجتمع يسير بتفكير “دوركايم” باثنين من أخلاقيات “ميلان”، التي تستند على (الأذى، الاهتمام، العدالة، المعامة بالمثل) .

وتم الإشادة بنظرية ” الأسس الأخلاقية”، مع وعد أنها ستساعد “كلا الجانبين لفهم بعضهم البعض، حتى يمكن صنع سياسات قائمة على شيء آخر، أكبر من الخوف غير المبرر من تطلعات الجانب الآخر”، كما قال “هايدت” في 2009.

وجاء هذا المشهد، متزامنًا مع المشهد العام السائد في الدولة، في فترة تنصيب “أوباما” رئيسًا لأمريكا. وبعد ثماني سنوات بانتخاب “ترامب”، بدت الأشياء أكثر تطرفًا واختلافًا.. ما تحدث عنه السياسي “نيوت جينجريتش” مع الرئيسة السابقة لمجلس النواب “نانسي بيلوسي”، بشأن إيجاد حلول للتغيير المناخي، بدا أكثر عقلانية من وقوفه بجانب “ترامب”، الذي يعتبر التغيير المناخي خدعة اخترعها الصينيون.

هذه الأخلاق، التي احتفل بها “هاديت”، لا تبدو حميدة، عندما نتحدث عن إلزام مجموعة من النخب، والتخلص من الأشخاص الأدنى اجتماعيا. ولا يبدو أن المحافظين يقدّرون النقاء، في الوقت الذي يلتفون حول شخص مبتذل، بذيء اللسان.

لكن المسألة ليست في المظاهر فقط، حيث إن الباحثين في هذا المجال، أظهروا عيوبًا في هذه النظرية من اتجاهات مختلفة، وطوروا تفسيرات بديلة أفضل، ومنها إطار أكثر شمولًا لبحث سابق عن الاستبداد. مع انتخاب “ترامب” ليس هناك سبب أكثر وضوحًا، لتأكيد أن هذه النظرية تسببت في الارتباك، وكيف يمكن الخروج من هذا الارتباك بأبحاث حديثة، تكشف أخطاءً هذه النظرية.

من أسباب تمتع نظرية “الأسس الأخلاقية” بهذه الشعبية –على الرغم من الدلائل الكثيرة ضدها- أنها أخبرت النخبة ما أرادوا سماعه، حيث تم تحميس المحافظين والليبراليين عن طريق الأخلاق. والآن بعد أن ظهر خطأ النخبة، حان الوقت لإلقاء نظرة فاحصة على القصص الأقل قبولًا.

في أوائل العام 2015، تم نشر تطورين مهنين. أولاً في لقاء صحيفة “صالون” مع “جوست”، على خلفية نص ساعد في كتابته بعنوان ” نظرة أخرى لنظرية الأسس الأخلاقية: هل اتجاه الاستبداد والهيمنة الاجتماعية تفسر الاختلاف بين النظرة الليبرالية والمحافظة للبديهيات الأخلاقية ؟” وكان إجابته “نعم” . حيث قال الباحث