نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية تقريرا مفزعا، أعده مراسلها في الرياض، عن تزايد معدلات البطالة والفقر في المملكة العربية السعودية.
وتحدث التقرير عن قصة الأم "سعاد الشمري" التي تسكن على بعد أميال قليلة من مراكز التسوق في العاصمة الرياض، حيث تعيش في بيت هش على جانب شارع تنتشر فيه القمامة، مع أطفالها الخمسة دون سنة 14 وزوجها العاطل عن العمل، والذي يعاني من مشاكل مزمنة في القلب، مع عدم وجود فرص العمل ولا دخل منتظم.
"نحن في القاع"، كما نقل المراسل عن الأم "سعاد"، وأضافت: "أطفالي يبكون، وأنا لا يمكنني أن أوفر لهم حاجاتهم".
وأشار التقرير إلى أن الملايين من السعوديين يعيشون تحت خط الفقر ويكافحون على هامش واحدة من أقوى الاقتصادات في العالم، حيث فشلت برامج توفير فرص العمل والحماية الاجتماعية في مواكبة التزايد الهائل لعدد السكان، الذي ارتفعت من 6 ملايين في 1970 إلى 28 مليون في وقتنا الحالي.
وأفاد الكاتب أن الحكومة السعودية، تحت إشراف الملك عبدالله، أنفقت مليارات الدولارات لمساعدة الأعداد المتزايدة من الفقراء، والتي تشير التقديرات إلى أنهم يشكلون ربع سكان السعودية الأصليين.
ولكن النقاد يشتكون من أن تلك البرامج ليست كافية، وأن بعض أفراد العائلة المالكة أكثر حرصا على رفاهيتهم وبذخهم وإنفاق أموالهم من مساعدة المحتاجين.
وفي العام الماضي، كما يذكر التقرير، تم القبض على ثلاثة مدونين سعوديين وسُجنوا لمدة أسبوعين بعد أن أنتجوا شريط فيديو على الانترنت عن الفقر في المملكة العربية السعودية.
"إن الدولة تخفي الفقر بشكل جيد"، كما أخبر أحد الباحثين السعوديين الذي كتب عن التنمية والفقر في المملكة، وأضاف: "النخبة لا ترى معاناة الفقراء، والناس جوعى".
وأفاد التقرير أن الحكومة السعودية لا تفصح عن أعداد الفقراء في البلد، وبياناتها الرسمية ففي هذا محدودة وقليلة. لكن تشير تقارير صحفية وتقديرات خاصة إلى أن ما بين 2 مليون إلى 4 ملايين من السعوديين الأصليين يعيشون على أقل من 530 دولار شهريا، حوالي 17 دولار في اليوم، وهو ما يعتبره المحللون خط الفقر في المملكة العربية السعودية.
ويذكر التقرير أن معدل الفقر بين السعوديين في ارتفاع مستمر كما هو الحال مع نسبة البطالة بين الشباب، علما أن أكثر من ثلثي السعوديين هم تحت سن 30، وحوالي ثلاثة أرباع لسعوديين العاطلين عن العمل هم في العشرينيات من عمرهم، وفقا لإحصاءات الحكومة.
ويستغرب الكاتب هذه الأرقام المفزعة في بلد غني، حقق في العام الماضي إيرادات من صناعة النفط بلغت قيمتها 300 مليار دولار.
كما قدرت مجلة "فوربس"، حسب التقرير، ثروة الملك الشخصية بحوالي 18 مليار دولار، مما جعله في ثالث أغنى ملك في العالم وراء حكام تايلاند وبروناي.
وأفاد التقرير أن الملك عبدالله أعلن العام الماضي عن خطط لإنفاق 37 مليار دولار على الإسكان، زيادة الأجور، وإعانات البطالة وغيرها من البرامج، ورأى فيها الكثيرون على أنها محاولة لاسترضاء السعوديين من الطبقة المتوسطة وتجنب أي استياء وتحصينا ضد عدوى الربيع العربي.
ولسنوات عديدة، يقول التقرير، نفى المسؤولون السعوديون وجود الفقر في المملكة. وكان موضوعا محرما تُمنع وسائل الإعلام من الخوض فيه، ولكن تغير هذا في العام 2002، عندما زار الملك عبد الله، وكان حينها وليا للعهد، أحد الأحياء الفقيرة بالرياض.
ورغم الجهود التي تُبذل وبرامج الإنفاق، فإن الفقر والغضب من الفساد في تزايد مستمر. وفي هذا يشير التقرير إلى أن مبالغ طائلة من المال يتم تحويلها في نهاية المطاف إلى أرصدة وجيوب العائلة المالكة عبر شبكة من الفساد والمحسوبية والعقود الحكومية المريحة، وفقا لمحللين سعوديين وأمريكيين.
ونقل المراسل عن أحد الباحثين السعوديين قوله إن بعض أفراد العائلة المالكة السعودية لا هم لهم إلا إثراء أنفسهم باعتمادهم على خطط فاسدة لجني الأموال والأرباح، مثل مصادرة الأراضي من ملاكها الفقراء وبيعها بعد ذلك إلى الحكومة بأسعار باهظة.