2024-11-27 10:29 م

الإنْتِخَابَاتُ الأمِيرِكِيَةُ والسِبَاقُ السِيَاسِي

2016-10-27
بقلم: مهند الحسيني
عِندمَا نؤكدُ في عدةِ مقالاتٍ على الرئاسةِ الأميركيةِ, لأنَّهَا لَيستْ بالشأنِ الداخلي أبداً, بل هي سياسةٌ عالميةٌ ورسمٌ لخارطةٍ جديدةٍ على الكوكبِ كافة !!! بل, أستطيعُ القولَ أنَّ الرئاسةِ الأميركيةِ سَتكونُ مختلفةً تمامَ الإختلافِ هذهِ المرةِ, لأنَّ أمامَهَا أعقدِ الملفاتِ السياسيةِ في العالمِ, بل هنالكَ تغيرٌ لخارطةِ جغرافيا السياسيةِ على مُستوى العالمِ وعلى أساسٍ ديمغرافي هذهِ المرةِ, فليبيا الشرقيةُ والغربيةُ, وسوريا المفيدةُ بثلاثةِ دويلاتٍ, العراقُ الطائفي الإثني العِراقي بِأربعةِ دويلاتٍ, وهكذا مع الباقياتِ ... وللملفاتِ التي تَنتظرُ الرئيسَ الجديدَ, ينظرُ العالَمُ الى ما سَتؤولُ لهُ هذهِ الإنتخاباتِ, لأنَّ هنالكَ مصالحٌ سوفَ تُطبقُ على المنطقةِ, والتي لا تعتني بالصداقةِ حتى لو كانتْ طويلةَ الأمــدِ ... لذا جاءَ هذا التأكيدُ بعدَ عدةِ مَقالاتٍ كتبتُهَا سابقاً, والموسومةُ : (إشكاليةُ التحركِ الأميركي والفارغُ السياسي) و (سِرُ قوةِ الولاياتِ المتحدةِ إحترامُ التخصصِ), لذلكَ السببِ ... لذا ليسَ مِن المعيبِ أبداً أن نرَ الكثيرَ مِن رؤساءِ الدولِ العربيةِ خصوصاً والعالميةِ عموماً أن يبلغَ طولُ أعناقِهِم أكثرَ مِمَا للناقةِ مِن طولِ العنقِ, لأنَّهُم يعلمونَ جيداً أن هنالكَ جولةٌ كبيرةٌ بإنتظارِ الرئيسِ الأميركي الجديدِ, وما سببُ الصمتِ الأميركي الخارجي إلا إنتظاراً أن تُفقسَ الإنتخاباتِ الأميركيةِ عن رئيسهَا المَوعودِ ... #وهنا : يجبُ التوقعُ أنَّ الكثيرَ مِن الأهدافِ السياسيةِ والعسكريةِ يُمكن تحقيقيهَا على أرضِ الواقعِ خلالَ فترةِ الصمتِ الأميركيةِ, وبِمقدارِ ما يُنجزُ على الواقعِ سَتكتسبُ الدولُ المُتمردةُ على المشروعِ الأميركي كثيراً مِن الوقتِ لصالحِهَا مِن قبلِ الجانبِ الأميركي مستقبلاً, أو توقعُ أن يقبلَ الجانبانِ بالتوافقِ على مصلحةٍ مُشتركةٍ !!! وهذا سِرُ الكثيرِ مِن التحركاتِ في المنطقةِ اليومَ, فكلُّ الدولِ تعملُ على هذهِ الفجوةِ الأميركيةِ, فالتحركَ التركي والإيراني وتمددُ الفصائلِ المسلحةِ على جبهاتٍ واسعةٍ, والهيمنةُ الروسية, والتحركاتُ الخليجيةُ, كلُّهَا تُؤمن بقضيةٍ أنَّ الجانبَ الأميركي غيرُ قادرٍ على تغييرِ الكثيرِ من المواقفِ الخارجيةِ, لأنَّهَا سوفَ تعودُ بالسلبِ على الشأنِ الداخلي الأميركي ... وبحسبِ إعتقادي أنَّ الدولةَ الأكثرَ إستفادةً هي تلكَ التي قضمتْ الكثيرَ مِن الأراضي الى صالحِهَا, وتلكَ التي أدخلتْ نفسهَا بالكثيرِ مِن المعامعِ السياسيةِ في المنطقةِ, بعدَ ما كانتْ تابعةً الى التحركاتِ الأميركيةِ ومتحركةً عن بعدٍ لأوامِرِهَا, لأنَّ كلَّمَا كانتْ المشاكلُ السياسيةُ معقدةً صَعُبَ حلهَا بجلسةٍ أو جلستينِ تفاوضيتينِ فقط, وبالتالي سيكونُ للقضمِ والمعامعِ السياسيةِ عاملاً مهماً في الوقتِ الذي يحتاجهُ الكثيرِ في عملياتِ التفاوضِ مستقبلاً ... #أليسَ_هذا_الفكرُ_العامُ_لدا_الكلِّ_مِن_المُحَلِلِينَ ؟!! ولكن أنَّ هذا التحليلَ تحليلٌ ساذجٌ يدلُ على غباءِ وسطحيةِ المحللِ والكاتبِ, لأنَّ القولَ بهذهِ النتيجةِ قولٌ مُتوقعٌ جداً ولا يحتاجُ الى الرجوعِ الى أهلِ السياسةِ والحصافةِ مِن الكُتابِ والمحللينَ, بل يَجبُ أن نعملَ سويةً الى الإرتقاءِ بالواقعِ التوعوي, التي نأملُ أن نرَ بهَا شعوبَنَا وأهلَنَا مِن حيثُ القدرةِ على تجذيرِ المسألةِ والبحثِ عن أساساتِهَا والإستفادةِ منها الى أقصى حدٍ ممكنٍ ... أمَا أن يَكتبَ الكاتبُ ما يجودَ في نفسهِ ويخالجُهَا مِن نتائجٍ واضحةٍ للعامةِ مِن الناسِ, فلا أعتقدُ أنَّ هذا الشيءَ يُحسبُ على ساحةِ المُثقفينَ ولا على ساحةِ المُحللينَ أبداً, بل هو جزءٌ مِن الواقعِ المريرِ الذي عانينَا مِنهُ لعقودٍ كاملةٍ وقرونٍ ممتابعةٍ, لأنَّهُ جزءٌ مِن المنظومةِ التغبويةِ العامةِ التي نشرَهَا أصحابُ رؤوسِ المالِ الحرامِ, وأصحابُ الستراتيجياتِ والبرامجِ الهدامةِ ... #لذا : فكمَا علينَا أن ننصرَ الحقَ وننتصرَ لِصاحبِ الحقِ مِن خلالِ توسعةِ مشروعهِ التوعوي, ففي نفسِ الوقتْ يجبُ علينَا أن نجعلَ لهُ مُتنفساً للتخلصِ مِن هؤلاءِ الأقزامِ المعرقلينَ لمشروعهِ المُقدسِ, لأنَّ هؤلاءِ مَثَلَهُم كَمَثَلِ الضباعِ التي لا غَيْرةَ لهَا على نفسِهَا ولا على عِرضِهَا, ولا كرامةَ لهَا ولا شهامةَ, لذا تراهَا لا تفارقَ أن تُلصقَ التهمَ نيابةً عن أسيادِهَا, بل والإستمرارَ على تسديدِ الضرباتِ تلو الضرباتِ على أصحابِ المنهجِ الحقِ منذُ قديمِ الزمانِ والى الأنَ !!! لذا أذا أردنَا أن نكشفَ جزءاً مِن الظلمِ والضيمِ الذي ما انفكَ هؤلاءِ يُوجهونهُ ضدَ مَشروعِنَا المقدسِ, فلابدَ أن لا نبرحَ التصدي لهُم مِن خلالِ إبرازِ ما عندَنَا مِن ثقافةٍ عامةِ في الطرحِ وقدرةٍ عاليةٍ على الكتابةِ والتحليلِ, نعم أنَّ العملَ الجادَ على أن نُظهرَ ما نملكَ مِن حلولٍ لهو بديلٌ ناجحٌ لزرعِ روحِ الشكِ في عقولِ أتباعهِ ومُريدِهِ, بل وسوفَ يتنصلونَ مِنه واحداً بعدَ الآخرِ, ولكنَّ الأمرَ معقودٌ بِهِمَتِنَا وعلى همَتِنَا, وأن نُحسنَ التسديدِ على الأماكنِ الحساسةِ في جسدِ المقابلِ ... #وسيراً : بهذا النهجِ وعلى هذا الطريقِ سوفَ نكشفُ الكثيرَ مِن هؤلاءِ الخَولِ والعبيدِ والعلوجِ, نعم, فإنَّ هؤلاءِ لا يرضونَ إلا أن يكونوا خولاً وعبيداً خِصْياً لكلِّ مَن يملكَ الدينارَ والدُرهَم, بل سأحاولُ السيرَ على هذا النهجِ مخيراً إياهُم بينَ الموتِ والإستسلامِ, مِن خلالِ كشفِ كلِّ الملابساتِ السياسيةِ التي لا تخطرُ على بالِ أيِّ كاتبٍ ومُحللٍ أو سياسي أبداً ... فمثلاً أنَّ جُلَّ ما يَرقوا هؤلاءِ إليهِ الكَتَبَةُ وليسَ الكُتابُ, هو الوصولُ الى هذا التحليلِ الذي ذكرتُهُ نيابةً عَنْهُم, وربَّمَا لم يَرقوا إليهِ لحدِ هذهِ الساعةِ مِن نشرِ المقالِ, لكِنَهُم يُذكروني بقولِ الشاعرِ العراقي #مظفرِ_النوابِ : ( وعنزةٌ مصابةٌ برعشةٍ, في وسطِ القاعةِ بالتْ نفسهَا, فأعجبَ الحضورُ, صفقوا وحلقوا, بالتْ لهُم ثانيةً !!! إستعرَ الهتافُ كيفَ بالتْ هكذا ؟؟؟ وحدقوا وحللوا وأجلوا ومحصوا ومصمصوا وشختْ الذمم !!! ) فنحنُ بينَ فكي عنزةٍ مصابةٍ برعشةٍ, وبينَ مَن شختْ ذممهُم, حتى وصلَ بهِم الحالُ الى أن يُصفقوا على أتفهِ الأشياءِ !!! #لكن_تعالوا_معي_في_هذهِ_السفرةِ : بالتأكيدِ أنَّ كلَّ المؤسساتِ الأميركيةِ الحكوميةِ, مُنفصلةٌ تمامَ الإنفصالِ عن الجانبِ السياسي, فأنَّ أميركا تعملُ ضمنَ منظومةِ تعددِ الملفاتِ كما ذكرناهُ في مقالنَا سابقاً, وأنَّ مِن أرفعِ المناصبِ السياسيةِ سلطةً وقوةً هو رئيسُ الحكومةِ الأميركيةِ ... وإنَّ لهذا المَنصبُ الكثيرُ مِن القراراتِ التي تؤثرُ على الملفاتِ الحكوميةِ الأخرى, لذا فإنَّ سوءَ إختيارِ الشخصٍ لهذا المنصبِ, سَيُستتبعُ على الحكومةِ والدولةِ بالكثيرِ مِن التبعاتِ, والتي يُدي بعضهَا أن تَخسرَ صدارَتَهَا في العالَمِ اليومِ !!! لذا فإنَّ المنصبَ الرئاسي مَنصبٌ حساسٌ جداً, ويجبُ التعاملُ معهُ بحذرٍ متناهي ... #ولكن : هل مِن المعقولِ أن يَختارَ الحزبُ شخصاً لا يتمتعُ بالأهليةِ لقيادةِ العالَمِ وليسَ أميركا فقط ؟ الجوابُ بالتأكيدِ نعم !!! لأنَّ أهمَ شيءٍ عندَ الأحزابِ بصورةٍ عامةٍ هو الحصولِ على أعلى المناصبِ السياسيةِ, فكيفَ بمنصبِ رئيسِ الولاياتِ المتحدةِ الأميركيةِ عامةً, وأمَا المصالحُ العليا للبلادِ فأمرُهَا متروكاً للمستشارينَ المرافقينَ للرئيسِ مُستقبلاً, والى نائبهِ الذي بالتأكيدِ سيتمتعُ بأرفعِ القدراتِ السياسيةِ, فضلاً عن الحقائبِ الأخرى السياديةِ التي تُأثرُ كثيراً على رأي الرئيسِ النهائي, والذي يُخرجهُ بالنتيجةِ الى العالَمِ حاملاً معهُ درجةً كبيرةً للصوابِ !!! لذا نلاحظُ أنَّ الحزبَ الجمهوري الأميركي كيفَ سمحَ بِمقدمِ برامجٍ على قناةِ CNN الأميركيةِ بالترشيحِ لِمنصبِ رئيسِ البلادِ, بل أنَّ منافسيهُ العشرةَ كلُّهُم أعلنوا إنسحابَهُم أمامَ ترشيحِ هذا المُقدمِ #دونالد_ترامب !!! وما سِرُ هذا القبولِ بالترشيحِ إلا أنَّهُ له القدرةُ العاليةُ على حصدِ الأصواتِ مِن قبلِ الشارعِ الأميركي, فإنَّ دونالد ترامب لهُ الشخصيةُ المعروفةُ عندَ عامةِ الأميركيينَ, والذي يُتيحُ لهُ التسلقُ بأصواتِهِم الى أن ينالَ شرفَ التصويتِ عليهِ في المجمعِ الإنتخابي الأميركي, وهنالكَ سيخوضُ حرباً لا تقلُ ضراوةً عنهَا في الشارعِ الأميركي, فربَّمَا يأخذُ الأغلبيةِ الشعبيةِ ولكنهُ لا يصلحُ للرئاسةِ الأميركيةِ بسببِ خسارتهِ في كسبِ أصواتِ هذا المجمعِ, والتي لا تقل عن 270 صوتاً مِن بينِ 538, كما حصلَ في رئاسةِ جوج دبليو بوش الجمهوري الذي خَسُرةَ أمامَ منافسهِ آل جور الديمقراطي في الإنتخاباتِ العامةِ, بينما إستطاعَ الفوزَ بالأغلبيةِ لأصواتِ هذا المجمعِ ... #ولكن : بالحقيقيةِ من خلالِ الإطلاعِ على سيرتي المُرشحينِ المحتملينِ للرئاسةِ الأميركيةِ, تجعلنَا نرى أنَّ الأفضليةَ لهذهِ الرئاسةِ هي هيلاري كلنتن, والتي تملكُ من الشهاداتِ التخصصيةِ والعملِ السياسي والمناصبِ التي أعتلتهَا طولَ فترةِ حياتِهَا, بل وحتى أنَّهَا الزوجةَ لرئيسٍ أمريكي سابقٍ, تجعلَهَا الأصلحُ بكثيرِ لقيادةِ منصبِ الرئاسةِ, والأقدرُ على فهمِ السيناريوهاتِ التي ستعرضُ عليهَا مِن قبلِ المستشاريينَ العسكريينَ والأمنيينَ, بل أنَّهَا حظيتْ بالإطلاعِ على الكثيرِ من أسرارِ الأمنِ القومي والعالمي وفهمتْ الكثيرَ من الأحداثِ, مما يجعلَهَا جديرةً بهذا المنصبِ ... #وبالحقيقةِ : أنَّ الشعورَ الطاغي أنَّ هذه السياسيةِ قد أعدَ لهَا مُسبقاً لتولي هذا المنصبِ, ولو على نحو التوقعِ والإحتمالِ من قبلِ الإدارةِ العامةِ للإستخباراتِ الأميركيةِ, لأنَّهَا لم تسطيعْ الخروجَ بمفردِهَا ولم تقدْ سيارتِهَا الخاصةِ منذُ العامِ 1996, خوفاً عليهَا وحرصاً على ما تملكُ من المعلوماتِ الهامةِ التي تدخلُ ضمنَ الأمنِ القومي الأميركي !!! وبالمقابلِ أنَّ أمرَ ترشِحِهَا من قبلِ الحزبِ الديمقراطي فيهِ شيءٌ مِن المكرِ والخداعِ, حيثُ مَن لاحظَ في الولايتينِ الأخيرتينِ لِأوباما أنَّ نفسَ الحزبِ ضمن الكثيرَ مِن الأصواتِ من خلالِ ترشيحِ شخصٍ من ذوي البشرةِ السوداءِ والأُصولِ الإفريقيةِ, ومِن الأميركيينَ من الجيلِ الأولِ !!! وهذا الترشيحُ لهذا المنصبِ لشخصٍ بهذه المواصفاتِ يستتبعُ الكثيرَ مِن المحاذيرِ, حيثُ أنَّهُ لم يَكن الأجدرُ مِن بينِ المرشحينِ الديمقراطيينَ, ولكن لهُ القدرةِ على حصدِ أكبرِ عددٍ من الأصواتِ لصالحِ الحزبِ, لأنَّ الأكثريةَ من ذوي البشرةِ السوداءِ ومِن المسلمينَ يُفضلونَ أوباما على غيرهِ, لذا كانَ في أمرِ ترشيحهِ الشيءِ الكثيرِ مِن هذا المكرِ والخداعِ الكبيرينِ !!! وبالمقابلِ أنَّ ترشيحَ كلنتون الى نفسِ المنصبِ الرئاسي, فيهِ لعبٌ على نفسِ الوترِ وعزفٌ على ذات السلمِ السابقِ, حيثُ أنَّ أكثرَ المسلمينَ سوفَ يصوتونَ لصالحِ هيلاري كلنتون لأنَّهَا مثلتْ طائرَ السلامِ خلالِ الولايةِ الأولى للرئيسِ الحالي مِن خلالِ شغلِهَا منصبَ الخارجيةِ, وسوفَ تحصدُ غالبيةِ الأصواتِ لنساءِ أميركا, كونَّهَا أولَ إمرأةٍ تُرشحُ الى هذا المنصبِ وصولاً الى السباقِ الرئاسي !!! #ومِن_هذينِ_الترشيحينِ_نستشفُ : أنَّ الهدفَ الأساسي للأحزابِ المتصارعةِ على أعلى سلطةٍ في الولاياتِ المتحدةِ الأميركيةِ, هو الحصولِ على مَنصبِ رئيسِ الحكومةِ, بغضِ النظرِ عَمَن يَشغلُ هذا المَنصبِ, هل يكونَ سياسياً حاذقاً ووريثاً شرعياً لعائلةٍ سياسيةٍ, أو يكونَ ممثلاً هوليودياً أو رجلاً للأعمالِ, المُهم لهُ القدرةُ على حصدِ أصواتِ عتبةِ التَرشحِ الرئاسيةِ !!! وبالتالي حقاً بِتنَا على علمٍ ودرايةٍ كبيرينِ أنَّ الشخصيةِ الرئاسيةِ ليستْ بذاتِ أهميةٍ كبيرةٍ داخلَ الرواقِ والمؤسساتِ الحكوميةِ مع وجودِ مستشاريينَ وخبراءَ قادرينَ على إدارةِ دفةِ الدولةِ مِن خلالِ التأثيرِ على قراراتهِ وقناعاتهِ وخطاباتهِ, بل أنَّ الرئيسَ ماقبلَ الترشحِ مختلفٌ تماماً عما هو عليهِ ما بعدَ الترشحِ, وهذا كفيلٌ أن يجمحَ الكثيرَ مِن الخطاباتِ الأميركيةِ في سباقِ الترشحِ للمنصبِ الأعلى سياسياً, بل سيكونُ نفسُ المرشحِ المتهورِ رجلاً صالحاً في قيادةِ الدولةِ بعدَ شغلهِ المنصبَ !!! #والآن : أتوقعُ أننَا وفقنَا كثيراً لفكِ شفرةٍ معقدةٍ جداً مِن شفراتِ الحكومةِ الأميركيةِ, ومِنهَا أنَّ سببَ عدمِ تخبطِ الإدارةِ الأميركيةِ في الكثيرِ مِن قراراتِهَا, بل وسِرَ إتزانِ حركتِهَا على طولِ العقودِ المتراميةِ, حتى تعجبَ الناسُ على سِر بقائِهَا على سياسيةٍ واحدةٍ طوالِ كلِّ هذهِ الفترةِ, لا لِشيءٍ سوى أنَّ الرئاسةَ الأميركيةَ منصبُهَا رفيعٌ جداً بخلافِ مَن يَشغلهَا, لأنَّهُ سيجدُ نفسهُ محاطاً بالعشراتِ مِن المستشارينَ والعلماءِ والحكماءِ, والذينَ بمجموعِهِم هُم مَن يحركَ خيوطَ السياسةِ الأميركيةِ عن بعدٍ ومِن خلفِ الستائرِ والكواليسِ والأضواءِ !!! ولذا لا بأسَ أن نكررَ العبارةَ الشائعةَ بينَ طياتِ المجتمعِ المتخلفِ دونَ المثقفِ, لأنَّهَا الأكثرُ صواباً, والقائلةَ : (إنَّ الستراتيجيةِ الأميركيةِ لا تتغيرُ بتغيرِ الرئيسِ, بل هي مرسومةً مُنذُ عشراتِ السنينَ, وما على الرئيسِ إلا أن يسيرَ بخطاً مُتزنةٍ على ما رُسِمَ لهُ مُسبقاً مِن خطوطٍ عامةً لا يخرجُ عليَّهَا) ... #ولابأسَ : أن أقيمَ الدليلَ على هذا القولَ بأكثرِ مما قلنَاه الآنَ وسابقاً ... هل رأيتم أنَّ كلَّ البرنامجِ الإنتخابي الذي قالَ بهِ الرئيسُ الأميركي الحالي أوباما لم يَفعلْ مَنهُ حرفاً واحداً أبداً, فلا غَلقُ لسجنِ غوانتنامو, ولا إخراجُ للقواتِ مِن العراقِ بعدَ المئاتِ الذي يُزَجُ بهِم يومياً في أرضِ العراقِ, ولا الأمنِ الإلكتروني مِن قراصنةِ الروسِ والصينِ بعدَ إختراقِ الأميلِ الخاصِ بالمرشحةِ الجمهوريةِ هيلاري كلنتون !!! إذا هنالكَ سياسةٌ يسيرُ عليهَا الرئيسُ حتى لو كلفتهُ أن لا يجعلهَا مِن البرنامجِ الإنتخابي, أو التخلي عن البرنامجِ الإنتخابي, وبأخذِ في نظرِ الإعتبارِ أنَّ البرنامجَ غيرُ المتحققِ سيُسقطُ هيبةَ وكلمةَ الرئيسَ, لكن هنالكَ مصالحٌ عليا للبلادِ يجبُ على الرئيسِ الإلتزامِ بهَا رغمَ أنفهِ, وليسَ لهُ إلا أن يتفاوضَ لتنفيذِ بعضِ مشروعهِ الإنتخابي مالم يُأثرُ تنفيذهُ على السياسةِ العليا للبلدِ !!!