بقلم : شارل أبي نادر
تتسارع الاحداث الميدانية في كل من العراق حيث المعركة الجدية المفتوحة لتحرير الموصل من داعش الذي يلفظ انفاسه الاخيرة ، اوفي اليمن والمناطق الحدودية السعودية اليمنية جنوبا ، حيث تلهث الرياض لايجاد مخرج ما لتغطية هزيمتها المدوية في المستنقع اليمني ، ونستطيع ان نقول وبكل وضوح ان هزيمة المملكة في اليمن تتزامن في معطياتها وفي وقائعها مع هزيمة داعش في العراق ، وحيث يجهد المراقبون المتابعون للمعركتين لتمييز هذه المعطيات الميدانية والوقائع المواكبة لها ، سياسية كانت ام ديبلوماسية ، تبقى الساحتان اليمنية والعراقية تتسابقان للانتصار على الارهاب والاجرام كالتالي :
في اليمن :
بداية ، شن نظام آل سعود الحرب بقصف جوي واسع بواسطة اسراب مختلفة من احدث القاذفات الغربية الاميركية والاوروبية ، وتحت غطاء بري يمني داخلي عماده كان الرئيس الفار عبد ربه هادي منصور مع بعض المنشقين المستفيدين من تقديمات خليجية في الاموال ووعود موهومة تتعلق بالسلطة والنفوذ بعد دحر ” المتمردين ” كما اسموهم و قصدوا بهم الجيش واللجان الشعبية وانصار الله ، ليتبين ان هؤلاء المتمردين هم بالحقيقة اكثر بكثيرمن نصف الشعب اليمني وغالبية الجيش ويتمتعون بمصداقية واسعة وبقدرة فاعلة نتج عنها ، وتحت حصار خانق صمود لافت في وجه آلات حرب مختلفة المصادر والقدرات وبمواجهة اعداد ضخمة من المرتزقة والجيوش الدخيلة الطامعة ومجرمي بلاك ووتر وغيرها .
لاحقا ، وبمواجهة الصمود اليمني اللافت ، تدخلت وحدات المملكة بشكل مباشر من خلال زج قوات خاصة ودعمتها بوحدات مدرعة ومدفعية ومشاة مؤللة ، وقامت بمئات المحاولات البرية للتقدم في حجة عبر حرض وميدي شمال غرب اليمن ، او في تعز ، او في مأرب باتجاه صنعاء ، او في الجوف وايضا بهدف التقدم نحو العاصمة عبر المتون او عبر نهم ،الا ان المحاولات كانت تفشل دائما مع سقوط اعداد كبيرة من القتلى والمصابين . المحاولات السعودية الفاشلة كان تترافق مع حراك ميداني على الحدود اليمنية السعودية ابطاله وحدات الجيش اليمني واللجان الشعبية وانصار الله . الهجمات الحدودية اتخذت مع الوقت منحى تصاعدي في مستوى الاختراق ومداه وابعاده ليصبح حاليا عبارة عن حرب مفتوحة داخل الاراضي السعودية تشكل نزيفا قاتلا لوحداتها ولمواقعها ، بدت وكأنها استسلمت له وهي الان تحتار في مواجهته لتتجه الى طلب وقف اطلاق النار بطريقة مذلّة تستجدي فيها اليمنيين للموافقة عليه .
في العراق :
بعد اعلان دولة الخلافة من قبل تنظيم داعش وتوسعها في اغلب المناطق الاستراتيجية العراقية ،اتخذت الدولة العراقية والجيش العراقي والحشد الشعبي ومكونات اساسية من المجتمع العراقي الرافض للارهاب ولفقدان السيادة قرارا بالمضي حتى النهاية لمواجهة التنظيم و للانتصار عليه وتدميره او طرده من الداخل العراقي، وبرغم الضغوط الواسعة الاميركية والتركية والسعودية ، سار العراقيون جميعا متحدين في معركة مفتوحة بهدف تطهير وطنهم من رجس الارهاب المتمثل بداعش والذي يحظى برعاية اكيدة وواضحة وفاضحة وبدعم واسع من اصحاب الضغوط الحالية المذكورين اعلاه .
من الواضح الان ان التنظيم الارهابي يلفظ انفاسه الاخيرة في العراق ، وهو يحاول التمسك بآخر مدينة تحضن بنيته الادارية والقيادية والعسكرية اي الموصل ، وبالتوازي مع استعداده للانسحاب والفرار او للقتال البائس ، يحاول الداعمون الحفاظ على كتلة معقولة من مسلحيه وقياداته وخاصة الاجانب منهم تكون صالحة لاكمال معركتهم ومخططاطهم التي من اجلها خلقوا ورعوا التنظيم الارهابي الاكثر دموية واجراما على مر التاريخ .
واخيرا … لا يختلف الميدان العراقي عن الميدان اليمني في حيثية ومصدر واساس الارهاب الذي ضرب مجتمعيهما على خلفية التشدد والهيمنة والتكفير والتحريض ، ولا يختلفان ايضا في عناصر المواجهة والمقاومة وفي الصمود ، صمود تاريخي بدأ الانتصار يظهر ويثبت من خلاله ، صمود لا يمكن ان يكون الاّ ، ومن خلال معادلة مقدسة فرضت نفسها عبر التاريخ ، معادلة رافقت مسيرة اغلب الشعوب والمجموعات المؤمنة من كافة المذاهب والثقافات ، معادلة : ” صبر ونصر ” .
*عميد متقاعد