72، هو عدد المواقع الّتي استخدمها تنظيم «داعش» كمقابر جماعيّة في سوريا والعراق، بحسب وثائق ومعلومات وصور ومقابلات حصلت عليها وكالة «أسوشييتد برس».
وبحسب تقييمٍ شاملٍ قامت به الوكالة، بلغ عدد قتلى الإبادات الجماعيّة المعروفة الّتي قام بها التّنظيم حتّى الآن في سوريا والعراق 15 ألف شخص. واستندت هذه الأرقام إلى الوثائق والخرائط من المواقع الـ72، وكذلك إلى الحفريّات من قبل المسؤولين العراقيّين، وشهادات النّاجين، وتحليل الأراضي الّتي دفن فيها القتلى.
وأكّدت الوكالة أنّ هذه المقابر التي تمّ تحديد مواقعها ليست إلا جزءاً قليلاً من الآثار التي تركها التّنظيم خلفه. وتوقعت «أسوشييتد برس» أن يتمّ الكشف عن مقابر جديدة مع توسّع رقعة المساحات المحرّرة من سيطرة «داعش». وأوضحت أنّ أصغر مقبرة من المقابر الـ72 التي تم توثيقها، تحتوي على ثلاث جثث فقط، فيما يُعتقد أن هناك آلاف الجثث في أكبر تلك المقابر.
العراق: القتل باستخدام الجرّافات
في العراق تصعب معرفة العدد الدّقيق من قتلى المقابر الجماعيّة نظراً إلى أنّ بعضها يقع في مناطق خطرة للغاية. 16 مقبرة جماعيّة من المقابر الّتي تمّ تحديدها تقع «ضمن نطاق الخطر». أمّا المقابر الجماعيّة الأخرى، فقد اعتمدت التّقييمات الخاصّة بالجثث فيها على ذكريات النّاجين وأشرطة الفيديو الدعائية لـ «داعش» نفسه، وكذلك على الصّور، بما في ذلك صور التقطت عبر الأقمار الصناعية.
وأوضحت «أسوشييتد برس» أنّ جبل سنجار، الّذي استولى عليه «داعش» في شهر آب من العام 2014، لا يزال مليئاً بالمقابر الجماعيّة للأيزيديّين. قصصٌ كثيرة نقلتها الوكالة من ذاك الجبل. في كلّ قصّة تنكشف وحشيّة «داعش» أكثر فأكثر. من طلال النّاجي من مجزرةٍ ارتُكبت بحقّ أربعين رجلاً في سنجار، إلى نساء سنجار الّلواتي تمّ فصلهنّ عن الرّجال ووضعهنّ في عرباتٍ نقلتهنّ إلى مكانٍ بعيد، وصولاً إلى الطّفلة الّتي تعرّفت على والدها المقطوع الرّأس من خلال ملابسه.
طلال مُرات واحدٌ من الّذين فقدوا الكثير من الأقارب في سنجار. جثث والده وعمّه وأخواله لا تزال تحت تراب مزرعة العائلة بانتظار الوقت الّذي تصبح فيه الأوضاع آمنة، حتّى يتمكّن باقي أفراد العائلة من انتشالهم من مكان دفنهم الجماعيّ في سنجار.
على الجهة المقابلة من سنجار، يتنقّل راشو قاسم يوميّاً إلى جانب المقابر الجماعيّة حاملاً جثث ابنيه الاثنين. تقع الطّريق ضمن مقاطعةٍ لا يسيطر عليها المسلّحون. إلا أنّ أحداً من المسؤولين لم يلمس المواقع الخمسة بانتظار الأموال، أو ربّما القرار السّياسي لنبش المقابر. يتذمّر الوالد من قرار منعه نقل «عظام» ابنَيه من المقبرة. «يخبرونني أنّ لجنةً ستأتي لانتشال الجثث، مرّت سنتان ولم يأتِ أحد».
ومن ضمن الشّهادات الكثيرة الّتي ذكرتها الوكالة، شهادة لأحد النّاجين الّذي شهد إطلاق النّار على جيرانه في القرى المجاورة على يد «داعش» الّذي قام بدفنهم مستخدماً جرّافة ضخمة. لمدّة ستّة أيّام شاهد النّاجي الإرهابيّين وهم يملأون مقابر جبل سنجار، واحداً تلو الآخر، بجثث أصدقائه وجيرانه.
وتمتدّ المقابر الجماعيّة الّتي تدلّ على الجرائم الوحشيّة لـ«داعش» إلى خارج «الأراضي اليزيديّة» شمال العراق. وأشارت الوكالة إلى أنّ صوراً تمّ التقاطُها عبر الأقمار الصّناعيّة أظهرت بوضوح بعض المجازر، لا سيّما مجزرة «سجن بادوش» في حزيران من العام 2014، عندما قتل التنظيم 600 من المحتجزين في السّجن على الأقل.
وبحسب الوكالة، توجد مقابر جماعية في جميع المناطق تقريباً التي يتمّ تحريرها من أيدي «داعش»، ومنها، على سبيل المثال، المقبرة التي تمّ اكتشافُها داخل «استاد الرمادي» في حيّ الملعب. ومن غير الصعب الكشف عن معظم تلك المقابر، نظراً لأنّ الجثث في معظم الأحيان تكون مغطاة بطبقة رقيقة من التربة.
في الوثائق، شرح مدير وكالة «كردستان العراق» المسؤولة عن المقابر الجماعيّة سروان جلال كيف أنّ «داعش لا يتكبّد عناء تغطية جرائمه»، مضيفاً «إنّهم يذبحونهم، يُطلقون عليهم النّار، يدوسون عليهم بالسّيارات، يستخدمون ضدّهم كلّ وسائل وأساليب القتل، ولا يتكبدون عناء التّغطية على تلك الجرائم».
سوريا: 17 مقبرة جماعيّة
الوضع في سوريا يبدو أكثر تعقيداً من العراق. نقلت الوكالة عن النّاشطين اعتقادهم أنّ «داعش» يملك مئات المقابر الجماعيّة في المناطق الّتي تقع تحت سيطرته، ورؤيتهم أنّ تحديد العدد الدّقيق للمقابر الجماعيّة لن يتمّ إلا بعد انتهاء المعارك هناك.
ومن ضمن المقابر الجماعيّة الـ17 الّتي وثّقتها المعلومات في سوريا واحدة في دير الزّور تحوي جثث 400 فرد من عشيرة «شويتات»، فيما يبلغ عدد القتلى من أفراد العشيرة، حسب التقييمات قرابة ألف شخص. وفي «ولاية الرّقّة» تمّ العثور على جثث 160 جندياً سورياً في سبع حفر كبيرة. ووصف أحد النّاشطين السّوريّين العاملين في مناطق لا تزال تحت حكم «داعش» بأنّ ما تمّ العثور عليه من مقابر جماعيّة «يُعدّ نقطةً في بحر ما سيتمّ العثور عليه في المستقبل». (أ ب)