ناقش مراقبون ومحللون سياسيون، مدى تأثير التقارب التركي الإيراني في جهود تسوية الأزمة السورية بعد تعهد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، بأن تؤدي بلاده دورا أكثر فاعلية في سوريا خلال الأشهر المقبلة، وذلك خلال مشاركتهم في برنامج "حديث الثورة" على قناة الجزيرة القطرية.
الكاتب والباحث في الشأن التركي غزوان المصري، عزا التقارب التركي الإيراني الراهن إلى حدوث تغييرات كبيرة في السياسة التركية بسبب تحولات أهمها محاولة الانقلاب الفاشلة وقبلها العمليات الإرهابية التي تهدد الأمن القومي التركي، مشيرا إلى أن هذه التغييرات تصب في المحافظة على الأمن القومي التركي.
وأشار إلى أن هناك "قوى بدأت الآن تضغط وتستخدم بعض التنظيمات الإرهابية للضغط على تركيا لقبول أمر واقع تتم بموجه إعادة تخطيط المنطقة برعاية أميركية وبتدخل روسي وإيراني مباشر، وتركيا تريد الحفاظ على مصالحها ولن تكون غائبة، خاصة أن الوضع في سوريا خرج عن كونه ثورة سورية إلى صراع مصالح دولي وصل إلى مرحلة تقديم روسيا وأميركا السلاح للأكراد لضرب أمن تركيا".
وأوضح المصري – بحسب الجزيرة نت – أن تركيا وإيران لهما مصالح اقتصادية مشتركة، كما أن العامل الكردي في سوريا يعد هاجسا مشتركا للبلدين اللذين يخشيان من تقسيم سوريا. وعما إذا كان هذا التقارب التركي الإيراني سيؤثر على المعارضة السورية، قال نصر الحريري عضو الائتلاف الوطني السوري المعارض إنه لا يوجد حتى الآن على المستوي الرسمي أي تبدل في الموقف السياسي والعسكري التركي من الملف السوري بمجمله، خاصة ما يتعلق ببقاء الرئيس بشار الأسد. وأضاف أن ما يتم حاليا في الأوساط المهمتة بالملف السوري هو تصميم مرحلة تفاوضية طبيعي أن يكون فيها بشار الأسد، لكن بالضرورة تفضي إلى مرحلة انتقالية تبدأ برحيله بعد أن يتم إرساء وقف لإطلاق النار في حالة إنجاز مثل هذا الترتيب السياسي.
وأشار إلى أن لتركيا مصالح مشتركة كثيرة ومتعددة مع إيران وروسيا وملفات يمكن أن يتم البناء عليها مثل محاربة الإرهاب والحزب الديمقراطي الكردستاني لإقناع تلك الدول بتسوية سياسية وفق المرجعيات الدولية تريح جميع الأطراف. وأكد أن المعارضة السورية لا تخشى من المتغيرات في المنطقة، مشيرا إلى أن الثورة السورية لم تكن في البداية مدعومة من قبل أي دولة ولم تمر الثورة بفترات ذهبية وأن التعويل هو على إرادة الشعب السوري، لأن كل الدول الكبري تعلم جيدا أن أي اتفاق لا بد أن يمر عبر دائرة قرار الشعب ولن تسمح المعارضة بأي اتفاق على حساب الدم السوري. من جهتها أوضحت الدكتورة فاطمة الصمادي الباحثة في الشأن الإيراني أنه بالإضافة إلى المصالح الاقتصادية المشتركة بين تركيا وإيران فإن للبلدين هواجس أمنية مشتركة تتمثل في الملف الكردي في سوريا الذي يشكل ضغطا أمنيا كبيرا على البلدين، مشيرة إلى تقدم المصالح على الأيديولوجيا بشكل كبير في إيران.
أما الدكتور حسن أحمديان أستاذ دراسات الشرق الأوسط في جامعة طهران فعزا التقارب التركي الإيراني إلى الهواجس الأمنية والتهديدات المشتركة للبلدين إزاء الأزمة السورية، معتبرا أن إيران منفتحة على تركيا التي قال إنها أصبحت ترجح كفة أمنها القومي على طموحاتها السابقة في المنطقة. وعما إذا كان لإيران أن تقدم تنازلات في الملف السوري، قال أحمديان إن ما قارب الدولتين هو أن تركيا أصبحت تنظر للمنطفة بعيون أمنية مثلما تفعل إيران التي قال إنها تعتقد أن الأسد بقي في السلطة لأنه استطاع البقاء وتلقى دعما من روسيا وإيران، حسب قوله. أما الدكتورة الصمادي فقالت إن إيران مأزومة في سوريا ويمكن أن تقدم تنازلات في الملف السوري خاصة مع ازدياد قتلاها من الحرس الثوري في سوريا، مشيرة إلى أن فك الحصار عن حلب أحدث صدمة في الداخل الإيراني، معتبرة أن سماح إيران لروسيا باستخدام قواعدها لضرب أهداف بسوريا يعكس أزمة إيران في الملف السوري يجعلها تتحرك نحو حل سياسي. وأعربت الصمادي عن خشيتها من أن يكون التقارب التركي الإيراني على حساب العرب، داعية الدول العربية إلى تغيير آلية التعامل مع تركيا وإيران، وبدون ذلك سيكون هناك ضمان لمصالح تركيا وإيران في سوريا والمنطقة وغياب المجموع العربي عن ذلك.
بدوره قال غزوان المصري إن تركيا تريد من إيران رفع يدها عن التدخل العسكري والمشاركة في حصار المدن السورية مع قوات النظام، مؤكدا أن تركيا لا تريد حربا مذهبية في المنطقة وتؤمن بأن بقاء الأسد من عدمه أمر متروك للشعب السوري.
من جهته قال نصر الحريري إن المصالح الروسية في سوريا تختلف عن المصالح الإيرانية، فروسيا تريد دورا إقليميا ودوليا وقواعد عسكرية ومياها دافئة وطاقة، بينما إيران تريد سوريا بالمطلق وتعدها محطة في مشروع كبير ترسم له في العراق واليمن ولبنان ودول الخليج العربي ولذلك فهى لا تريد حلا سياسيا في سوريا.
المصدر:الثبات