محمد عبد الفتاح
القدس المحتلة | الاعتراضات الفعلية للأردن على ما تمارسه إسرائيل من انتهاكات بحق الأقصى، تكاد تكون معدومة. فبعد محاولة اغتيال الحاخام الإسرائيلي يهودا غليك، عام 2014، وإغلاق المسجد إثر العملية، تشجعت عمّان فسحبت سفيرها لدى تل أبيب، وليد عبيدات، الذي عاد لاحقاً.
في أعقاب ذلك، بدأ الأردن زيادة أعداد الموظفين في دائرة الأوقاف الإسلامية التابعة له في القدس، وذلك بطلب من المدير العام للأوقاف في المدينة، الشيخ محمد عزام الخطيب. ولوحظ ارتفاع عدد موظفي الأوقاف خلال الفترة المذكورة من 500 موظف إلى 850، وسيصل عددهم خلال العام الجاري إلى 1100، كما يقول مدير المسجد الأقصى، عمر الكسواني.
يضيف الكسرواني، في حديث إلى «الأخبار»، أنهم «سيعلنون خلال الأسابيع المقبلة حاجتهم إلى مزيد من الموظفين في القطاعات المختلفة في الدائرة، من سدنة وحراس وغيرهم».
وقسم «حراس الأقصى» من أكثر الأقسام التي سجلت نسبة توظيف في المسجد، فخلال عامين فقط عيّنت دائرة الأوقاف 120 حارساً جديداً، ليصل عديدهم إلى 250. ويوضح الكسواني أن دائرة الأوقاف وجدت في السابق صعوبةً في تعيين حراسٍ جدد، ولم يكن بمقدورها تعيين حارس بديل في حال وصول أحد الحراس القدامى إلى سن التقاعد.
ما هي مهمة الحراس؟ يشرح الكسواني أنه خلال ورديات الحراسة الثلاث (الصباحية والمسائية والليلية) يتوزعون على جميع الأبواب والمصليات، فيما تحظى الورديتان الصباحية والمسائية بعدد أكبر، وذلك بسبب تتخللها اقتحامات للمستوطنين، مشيرا إلى أنه "يرافق المقتحمين عدد من الحراس الذين يرصدون اعتداءاتهم، أو إذا حاول أحدهم أداء الصلاة فيه".
وبرغم الانتشار الواسع للحراس من الناحية الجغرافية، فصلاحياتهم تبقى محدودة في إطار تدخلهم لصد اعتداءات المستوطنين، فالشرطة الإسرائيلية تفرض عليهم تجنب التدخل في منع المستوطنين من "الصلاة" في المسجد أو تغيير سير الاقتحام، لذلك يقتصر دور الحارس هنا على إبلاغ أحد أفراد الشرطة التي ترافق المستوطنين لتأمين اقتحامهم، والأخير إمّا أن يخرج المستوطن من الأقصى، وإما أن يعمد إلى «تطنيش» الحارس.
أمّا مصير كل حارس يكسر الحدود التي تضعها شرطة العدو، فيكون الإبعاد عن الأقصى الذي هو مكان عمله، كما حدث مع حارسين تدخلا في منع مستوطنين من أداء ما يسمى «الانبطاح المقدس» خلال عيد الفصح الأخير. وفرضت شرطة العدو إبعاد الاثنين عن المكان لمدة 15 يوما. وقد يكون إبعاد الحراس عن الأقصى بطريقة غير مباشرة، أي توقف سلطات الاحتلال تجديد تصاريح الدخول إلى الأراضي المحتلة لحملة هويات السلطة الفلسطينية منهم، كما حدث مع ثمانية حراس.
كل ذلك يطرح السؤال عن الهدف من توظيف هذا العدد الكبير من الحرّاس، وإعلان الحاجة إلى أعداد أخرى، ثم التراجع عن ذلك. كما يتزامن مع قضية تركيب كاميرات المراقبة في الأقصى، وهو المشروع الأردني الذي توقف بعدما أثيرت شكوك حول الهدف منه.
وتختلف أماكن سكن الحراس الأساسية، فهي تتوزع على غالبية المناطق في مدينة القدس المحتلة، في حين أن الغالبية منهم يسكنون في البلدة القديمة، وهم تصل نسبتهم إلى ما يقارب 40% من المجمل. والآخرون يسكنون في مناطق الضفة الخاضعة للسلطة، ولكن هؤلاء هم من الحراس القدامى حاملي الهويات الفلسطينية، الذين يجدون صعوبة حالياً بالوصول إلى القدس لتقديم طلبات التوظيف في الأوقاف.
وعن هدف الأردن، يرى الكسواني أن الأخير يحاول إثبات سيادته على المسجد عبر توزيع الحراس في كل الأماكن، حتى تلك التي لا يصلها المسلمون أو المستوطنون أو السياح، كأبواب المصلى القبلي الداخلية من جهة الجنوب وأبواب المصليات المغلقة. ويضيف: «نحن أيضا نريد إثبات وجود الأوقاف داخل الأقصى، لذلك نوزّع الحراس في كل مكان».
من جهة أخرى، يجد الحراس متعة كبيرة في عملهم داخل الأقصى كونه يجمع بين العمل والعبادة وحماية المقدسات. بالإضافة إلى ذلك، فإن العمل داخل المسجد بوظيفة حارس ليست تلك الوظيفة الشاقة، في حين أن مردودها المالي جيد بالمقارنة مع مستوى المعيشة. ويصل راتب الحارس شهرياً إلى 1300 دولار، تدفع الأردن لكل واحد ما يقارب 1000 دولار، والباقي تدفعه السلطة تحت مظلة مكرمة الرئيس، التي يدفعها لكل موظفي القدس في القطاعات الحكومية الفلسطينية، والأوقاف الأردنية، وحتى موظفي "وكالة غوث وتشغيل اللاجئين ــ الأونروا"، برغم أن السلطة لا تتدخل في شؤون دائرة الأوقاف أو التوظيف فيها.
عن "الاخبار" اللبنانية