2024-12-02 08:35 م

الوطن العربي بين المحاور وصراع المذاهب

2015-12-18
بقلم زياد اللهاليه
لقد فرضت متطلبات البداوة والجهل والتنقل والترحال والفقر والتحول المفاجئ الى المدنية والحضارة ومتطلباتها الاقتصادية والسياسية والمدنية الحديثة , الى تحالفات إستراتيجية للخليج العربي مع المستعمر انكلترا ومن ثم الوريث القطب الأوحد الولايات المتحدة للحماية وتوفير متطلبات الحداثة وما نتج عنها من استنزاف لمقدرات وثروات المنطقة والعائق أمام تطور وازدهار واستغلال الثروات الطبيعية في تنمية المنطقة العربية ومعاداة الحقوق المشروعة للعرب عبر الدعم اللا محدود للكيان الإسرائيلي ،ومحاولة المملكة السعودية المحافظة على مكانتها ورمزيتها الدينية لتزعم العالم السني وإمكانياتها المالية الضخمة التي تستطيع توظيفها في التحالفات والصراعات من اجل الحفاظ على مكانتها الدينية والسياسية في وجه أي أطماع توسعية او مذهبية في المنطقة والعالم العربي برمته على حسابها كمتزعمة للعالم الإسلامي من هنا بقيت الحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة ومعها الخليج العربي هذه الشوفينية السعودية ظهرت تجلياتها بعد انتهاء الحرب الباردة بين القطبين وانهيار الاتحاد السوفيتي وتفكك جمهورياته وبعد انتهاء الحرب الباردة وخروج الاتحاد السوفيتي , بدأت الولايات المتحدة بالبحث عن عدو وهمي لإدخال المنطقة في دوامة الصراعات المتشذية اللا متناهية لإعادة ترتيب وتركيب فسيفساء المنطقة وفق رؤية وفلسفة جديدة تم بلورتها كمخرجات رئيسية لانهيار الاتحاد السوفييتي وبروز القطب الاوحد وهي الحروب الطائفية والمذهبية والعرقية وإبراز المذهبية السنية الشيعية لخوض حروب أهلية تحت مسميات ومبررات واهية , هذه السياسة أدت الى بروز دول إقليمية صاعدة ذات مشاريع وأهدف ومصالح إقليمية في المنطقة ولها امتدادات ونفوذ وهي إيران وتركيا فنجاح الثورة الإسلامية في إيران وتحولها الى قوى اقتصادية وعسكرية ودولة إقليمية ذات تأثير وصاحبة مشروع اقتصادي سياسي نهضوي طموح في المنطقة والعالم يحسب لها الف حساب ولا يمكن تجاهلها وتجاهل مصالحها في المنطقة والعالم وما تمثله من مرجعية دينية ومذهبية لها امتداداتها العميقة في المنطقة ورديف معادي للمشروع الامبريالي وما يمثله في المنطقة وهو المكون الإقليمي الأساسي الذي افسد مشروع الشرق الأوسط الجديد وتقسيم المقسم الى كنتونات طائفية ومذهبية واثنيه متناحرة فيما بينها فدعمت حركات التحرر وأسست محور المقاومة من فلسطين ولبنان وسوريا وكان لها الفضل في تحرير جنوب لبنان عبر دعم وتسليح وتدريب حزب الله وايضا المقاومة الفلسطينية وتطويرها وتطوير قدراتها العسكرية وتحقيق الانتصارات في قطاع غزة ,ولها نفوذ وامتداد قوي في اليمن وإفريقيا أضف الى ذلك الثقل المذهبي الإيراني في دول الخليج وخاصة البحرين والكويت والسعودية وقامت ببناء ومد جسور السلام مع العديد من الدول العربية وفق المصالح المتبادلة فيما اعتبر هذا المشروع يستهدف دول الخليج وكياناتها اولا مما أدى الى تشكيل محاور وتكتلات مذهبية للتصدي للطموح الإيراني في المنطقة , ونحن هنا لا ننكر ان لإيران مصالح وأهداف وطموح ومصالح في الخليج والوطن العربي ان كانت مصالح مذهبية او اقتصادية او تجارية ومن حق اي دولة في العالم ان تمتلك مشروع وطني قومي نهضوي وان تدافع عنه وعن مصالحها ونفوذها أينما كانت وهذه المصالح مشروعة في اطار العلاقات المتبادلة ما بين الدول كما من حق السعودية والدول العربية امتلاك مشروع وطني نهضوي علمي يستهدف تحرير الوطن والمواطن من التبعية والالتحاق بالمشروع الامبريالي وأتباعه ورفع المستوى العلمي والتقني والبحثي واستثمار العقول العربية في التطوير والنهوض بهذه الأمة التي عانت الأمرين ولكن النظام العربي الذي ارتضي عن طيب خاطر الالتحاق بالمشروع الصهيوامريكي وتحول الى حديقة خلفية للامبريالية وسوق استهلاكي ومحمية تؤمن تدفق الثروات الطبيعية المجانية للاقتصاد الأوروبي ، ووقف موقف المتفرج ازاء قضاياه القومية والوطنية وخاصة القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي والحرب على العراق ولم يقدم الدعم الاقتصادي اللازم او الاستثمار في الوطن العربي لمكافحة الفقر والأمية مما دفع إيران ومحورها الى سد الفراغ ودعم حركات المقاومة والمهمشين والمحتاجين وبناء المؤسسات وإعادة الأعمار مما شكل لها حاضنة شعبية من المحيط الى الخليج , حيث كان الاجدر بالنظام العربي اعادة المبادرة والتصالح مع الشعب ودعم ومساندة قضاياه الوطنية وبلورة مشروع عربي , ذهبت الى تدمير النسيج الوطني للمجتمع العربي والعبث بمكوناته وفق موقعها ضمن المحور الأمريكي الصهيوني الرامي الى إسقاط محور المقاومة وما يمثله من عزة وصمود وكرامة واخر قلاع الصمود في وجه إسرائيل وأمريكيا وما تمثله من مشاريع الفوضى الخلاقة ومشروع الشرق الأوسط الجديد ومشروع برنارد لويس وما افرزه من نتائج وخيمة من تونس وليبيا وسوريا واليمن ومصر اما المشروع التركي الهادف إلى إعادة الأمجاد العثمانية ولديه إستراتيجية متكاملة لاستعادة الدور التركي القائد في المنطقة والشرق الأوسط , ويستند تنامي الدور التركي الى نظرية العمق الاستراتيجي التي تعتبر ان موقعها وتاريخها الإمبراطوري العثماني يجعلانها مستعدة الى التحرك الايجابي في جميع الاتجاهات وخصوصا جوارها الجغرافي للحفاظ على امنها وتحقيق مصالحها حتي في قيادة العالم الإسلامي وبناءا على ذلك دعمت دول مايسمي الربيع العربي سياسيا وعسكريا وأيدت التدخل الخارجي في الشؤون العربية وعسكرة الثورات العربية عبر ادواتها ونفوذها في المنطقة وأدواتها الإسلام السياسي من الإخوان المسلمين حيث ينتمون الى نفس المدرسة والتي يعتبر اردوغان عراب ومسوق التيار الإسلامي عربيا وغربيا ,وهناك توافق الى حدا ما عربي وخليجي مع المحور التركي على اعتبار انه محور سني يتعارض مع المحور الإيراني الشيعي المتغلغل في المنطقة اذا جاز لنا التعبير بلغة المحاور والمصالح لقد أصبح النظام العربي الرسمي مع الحليف الصهيوامريكي والمحور التركي المحسوب على المحور الامريكي يسشكل حلف سني في مواجهة المحور الايراني الروسيي ومعهم محور المقاومة وما يمثلهم من قاعدة شعبية عريضة يتخوف وبشكل جدي على موقعة ومكانته وبدء البحث عن طوق النجاة عبر التواصل والتقارب من الكيان الإسرائيلي عبر التطبيع والاتصالات المباشرة وفتح القنصليات والممثليات الدبلوماسية والتجارية المتبادلة وحتى التنسيق الميداني والعسكري على الأرض كما هو حاصل في الملف السوري من تنسيق العمليات والدعم العسكري واللوجستي للمجموعات التي تدعمها دول الخليج , أضف الى ذالك المشاريع المتبادلة والأهداف والمصالح التي بدأت تطرحها السعودية مع إسرائيل والتي وضحت الأسباب الرئيسية للحرب على اليمن حسب ما قدمه الجنرال السعودي أنور العشقي في اجتماعه مع غولد الرئيس السابق للموساد الإسرائيلي والذي قال الثروة النفطية الواعدة في اليمن وحقل اوغادير في أثيوبيا حيث أصبحت أثيوبيا قاعدة لوجستية إسرائيلية وبناء جسر مباشر ما بين اليمن وأغادير وبناء وتطوير ميناء عدن وهذا يتطلب السلام مع إسرائيل واستتاب الأمن السلمي في اليمن والعمالة اليمنية الرخيصة وإنشاء قوة عربية بمباركة أوروبية هذا المشروع العربي ذو الامتداد الإقليمي والجغرافي والاقتصادي والذي يعطي إسرائيل الحق في التغلغل والامتيازات السياسية والاقتصادية والشريك والشراكة المجانية هذا هو الواقع العربي المرير الذي يهرب من المر الى الأمر لقد تحول الصراع على الوطن العربي بين المحاور إلى تدمير كل مقدراته وثرواته ونسيجه الاجتماعي وتحول الشعب العربي إلى لاجئين وغذاء لأسماك البحار والمحيطات وتقسيم المقسم الى كنتونات مذهبية وطائفية واثنيه وإعادة الوطن العربي عقود الى الوراء , واستبيح الدم العربي باسم المذهبية والطائفية بأبشع صورة في اليمن وسوريا والعراق وما زال المسلسل الإجرامي مستمرا هذا الحلف الامبريالي الصهيوني العربي دفع روسيا إلى أقامة حلف روسي إيراني سوري ومعه حركات المقاومة وما تمثله من قاعدة شعبية واسعة النطاق لتعود روسيا من جديد الى موقعها الطبيعي قوية متينة وقطب موازي ورديف للولايات المتحدة وان روسيا لن تسمح باعادة ترتيب الشرق الاوسط وفق رؤية القطب الاوحد ولا بتكرار التجربة الليبية على الإطلاق ولن تسمح بالاستفراد بسوريا ولن تترك حلفائها للقطب الأوحد وحدهم وهي الرسالة التي أراد إيصالها بوتين ان القطبية والايدولوجيا الخاطئة لم يعد لها مكان في هذا العالم ولا يمكن ان نتحمل أكثر الظروف التي نشأت في العالم وان روسيا عادة قوية من جديد ولم تعد روسيا قبل خمس وعشرون عام وان عصر القطب الأوحد انتهى ، وان الاتحاد الروسي عاد من جديد قويا كما كان ولن يقف موقف المتفرج اتجاه الأزمات الخارجية وان روسيا مازالت قوية ولاعب أساسي لا يمكن تجاهله وتجاهل مصالحة الخارجية ومن حقه رسم خارطة العالم الجديد على أساس احترام الدول وسيادتها ومصالحها ملاحظة اذا استثنينا دولتين عربيتين امتلكتا مشروعا وطنيا قوميا تحرريا نهضويا وهما مصر جمال عبد الناصر والعراق بقيادة الرئيس صدام حسين.