2024-11-28 05:44 م

لماذا ينجح اليمين المتطرف في كسب الشباب الأوروبي؟

2015-12-17
الجبهة الوطنية في فرنسا والحزب الحر في النمسا هما فقط مثالان للأحزاب اليمينية في الاتحاد الأوروبي التي تشهد حاليا انتعاشا، وهي محبوبة بوجه خاص في صفوف الشباب. وحتى لو أن الجبهة الوطنية لم تفز بأي من المناطق في الجولة الثانية من انتخابات المناطق، فإن نحو 35 في المائة من الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 34 عاما صوتوا في الجولة الأولى لصالح حزب مارين لوبن. وفي الانتخابات البرلمانية بفيينا انتزع الحزب الحر في النمسا في أكتوبر الماضي 24 في المائة من مجموع أصوات من تقل أعمارهم عن 34 عاما.
نمو الأحزاب اليمينية من حيث عدد الناخبين الشباب يُسجل أيضا في هولندا والدنمارك وبولندا. وأحد الأسباب خلف هذا التوجه يكمن في الحنين إلى الهوية القومية داخل الاتحاد الأوروبي. الأحزاب اليمينية "أثارت بقوة موضوع الهوية، والشباب يبحثون باستمرار عن الهوية"، كما كتب يان فليب النائب الأوروبي من حزب الخضر في صحيفة "دي فيلت" الألمانية.
حملة انتخابية بفيديو الهيب هوب
في النمسا تلتحق مجموعة معينة من الشباب بصفوف الحزب الحر، وهم من الرجال والكثير منهم لا يتوفرون على تكوين جيد. ومن أجل مخاطبتهم يظهر زعيم الحزب هاينتس كريستيان شتراخه في هندام شبابي. فهو لا يرتدي بدلة، بل سروال الجينز ويضع نظارة شمسية. ولخوض الانتخابات في فيينا تم إنتاج فيديو مع مغني الراب MC Blue. الفيديو قد يبدو غريبا وساذجا، غير أن غرتراود ديندورفير، مديرة مركز الديمقراطية بفيينا تعتبر أن ذلك ينسجم مع وصفة النجاح للحزب الحر بالنمسا في أوساط الشباب، وتقول إن هذا الأخير يدير حملة انتخابية عنيفة، والبرنامج الحزبي لا يلعب دورا كبيرا، وهو يبعث برسائل بسيطة وواضحة.
رسالة "نحن وهم"
تتمثل إحدى الرسائل المحورية في النقيض بين "نحن" و "هم"، وتلقى القبول الشعبي في البلدان التي يدور فيها حاليا جدل حول اللاجئين، وبينها النمسا التي يعبرها الآلاف في اتجاه ألمانيا أو يبقون فيها. والكثير من الشباب الذين لا يتوفرون على تكوين جيد يخشون أن يستولي اللاجئون على الوظائف البسيطة، ولذلك هم يتوجهون للحزب الحر الذي يعرف كيف يصطادهم.
وتقول ديندورفير، مديرة مركز الديمقراطية بفيينا إن "كوادر الحزب يذهبون إلى المراقص ليستقطبوا هناك جمهورهم، ويروجون لشعارات بسيطة. إنهم يعملون على إيجاد أجواء تمييزية بين "نحن" و"هم"، لتقتصر الصور العدائية على الأجانب ومن يسمون "بالمتطفلين". ويستغل سياسيون آخرون بنجاح هذا التكتيك، إذ أن رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان أقام سياجا في وجه اللاجئين، ودعا المواطنين إلى استفتاء يسأل هل يجب طرد اللاجئين أو حجزهم أو الحكم عليهم بأعمال شاقة عندما يدخلون البلاد بصفة غير شرعية.
الشباب الألمان أقل عرضة للاستقطاب
وحتى في ألمانيا باتت الأجواء أكثر عدوانية تجاه اللاجئين الذين يتدفقون على البلاد، حيث تعرضت بعض دور الإيواء للحرق. لكن الحزب القومي الديمقراطي الألماني (NPD) لا يسجل زيادة في الأعضاء على غرار الأحزاب اليمينية المتطرفة في بلدان أخرى. فهذا الحزب ليس ممثلا إلا في واحد من بين البرلمانات الـ16 في الولايات الألمانية. ويعتقد خبير العلوم السياسية رودولف فان هولن أن الشباب في ألمانيا لا يميلون إلى الحزب اليميني المتطرف في ألمانيا لأن الدولة تكشف بنجاح عن فظائع الحكومة اليمينية خلال الحقبة النازية، موضحا أن مفتاح المناعة يكمن في الوقاية المبكرة.
مخاطر تواجه الديمقراطية
من جهتها، تعتبر ديندورفير، مديرة مركز الديمقراطية بفيينا أنه يجب على المجتمع التحرك في الأماكن التي تسجل فيها الأحزاب القومية نجاحا متزايدا بين الشباب، ولا يحق ترك المجال مفتوحا لأحزاب مثل الحزب الحر في النمسا وأقرانه في بلدان أخرى. وعوض ذلك وجب على السياسيين الالتفات إلى الشباب الذين يعتقدون أن الأحزاب الديمقراطية لا تملك شيئا تقدمه لهم. وتشير ديندورفير إلى أنه في حال توسع الفجوة بين الناخبين الشباب الساخطين والأحزاب الديمقراطية، فإن ذلك ستكون له انعكاسات سلبية على أوروبا. وتضيف أنه "يجب أخذ هذه الظاهرة بجدية كبيرة، لأنه مع تنامي معاداة الأجانب والأحكام المسبقة، يكبر الابتعاد عن السياسة ومع ذلك المخاطر أمام الديمقراطية والمجتمع المنفتح الليبرالي.
المصدر: DW