نادية سعد الدين
عمان - تحفل مواقع "التواصل الاجتماعي" بحملات شبابية داعمة للشعب الفلسطيني، في معركته النضالية ضد الاحتلال الإسرائيلي، الذي هدد، مؤخراً، بقطع شبكة "الإنترنت" عن الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلين، بعدما أضحى رهين محبسه الافتراضي أمام المجتمع الدولي.
وقد دخلت "السوشيال ميديا"، مؤخراً، بقوة في ميدان مقاومة الاحتلال، من خلال حملات محلية فلسطينية يأخذ بعضها طابع العنفوان والتحدي المقاوم، مثل "ما يهمنا"، و"ماذا يعني"، و"معاً لإنهاء الاحتلال"، وأخرى تتضح بمحفزات التضامن والتكافل المجتمعي، مثل حملة "ساهم في بناء بيت شهيد".
واستطاعت تلك الحملات، التي نشطت مؤخراً، نقل معاناة الشعب الفلسطيني من غطرسة الاحتلال وعدوانيته، وكشف وجهه الحقيقي القبيح أمام العالم، بالإضافة إلى التشبيك العلائقي مع الفضاءات المفتوحة، عبر فيسبوك وتوتير وغيرها، مما سمح بحشد التأييد والتضامن العربي والدولي، بأشكال مختلفة.
ولا يعد سقف المهمة الزمني محدوداً؛ فمنذ اندلاع الحراك المنتفض ضد عدوان الاحتلال، مطلع شهر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، تدأب مجموعة من الشباب المقدسي "العشريني"، على التمركز في ساحة مقابلة للمسجد الأقصى المبارك، لممارسة الأنشطة النضالية على مرأى قوات الاحتلال المدججة بالسلاح.
ويقود هؤلاء الشبان، ومنهم طلبة مدارس وجامعة، حملة "ما يهمنا" الواسعة الانتشار على وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك عندما هدد الاحتلال بمنع المقدسيّين من التوجه للأقصى والصلاة فيه، ومن ثم توسعت لتأخذ شكلاً نضالياً داعماً للهبّة الشعبية العارمة ضد الاحتلال.
ومنذ الصباح الباكر، يتناوب الشبان المقدسيون يومياً، بحسب مهامهم، في التقاطر إلى ساحة "ما يهمنا" المعهودة، وافتراش الأرض لإقامة الصلاة وتنظيم الأنشطة الشبابية والطلابية وإلقاء المحاضرات الحاثة على النضال والدفاع عن الأقصى والوطن والأرض المحتلين.
بينما تقف قوات الاحتلال مستكينة، حيناً، وعدائية في أحايين كثيرة، عبر قمع التحرك وإطلاق الرصاص الحيّ والقنابل المسّيلة للدموع من أجل تفريق التجمع بلا عودة، غير أن حساباتها تكون خاطئة في اليوم التالي الذي تصطف فيه المجموعة مع أعداد أكبر بكثير إلى نفس المكان أو بالقرب منه.
يقول الناشط أحمد أبو رحمة إن "وسائل الإعلام الاجتماعي، لعبت دوراً بارزاً في إظهار جزء من الجرائم الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، كما تمكنت من حشد المزيد من المنتفضين ضد الاحتلال".
وأضاف، لـ"الغد" من فلسطين المحتلة، إن "تلك الوسائل تروج لثقافة المقاومة ضدّ الاحتلال، ما يدفع الكثير من الشبان الفلسطينيين نحو المشاركة في الانتفاضة، بينما تتعمد سلطات الاحتلال إلى ملاحقة نشطاء التواصل الاجتماعي".
وأوضح بأن "حملات الدعم الفلسطينية تطورت مع الوقت، فأصبحت، اليوم، تخاطب العالم بلغاتهم، لاسيما الانجليزية والفرنسية، من خلال صفحات خاصة لدعم الانتفاضة، أو من خلال مواقع التواصل الاجتماعي".
وزاد إن "تلك الحملات استطاعت، عبر إيراد المعلومات ونشر الصور والفيديوهات، نقل حقيقة ما يجري في الأراضي المحتلة من عدوان إسرائيلي متصاعد ضد الشعب الفلسطيني، إلى فضاءات العالم المختلفة، من خلال كشف جرائم الاعدامات الميدانية والاستيطان وهدم المنازل وتشريد المواطنين والاعتداء عليهم".
وأشار إلى أن "تلك الحملات استطاعت كسب تأييد الكثيرين من المتضامين العرب والأجانب، فيما تتعامل مباشرة مع مؤسسات إعلامية في الخارج، بحيث تتمكن من خلالها نشر كل المعلومات والحقائق الخاصة بالأراضي المحتلة".
وأفاد بأن "سلطات الاحتلال هددت المسؤولين في السلطة بقطع "الإنترنت" ما لم تتراجع تلك الحملات عن مرادها، نتيجة تأثيرها المتعاظم في نقل الرسالة بشكل صحيح إلى الرأي العام العالمي".
وبمجرد النقر على صفحات "القدس لنا" و"فلسطين للجميع" و"خليل الرحمن" وغيرها الكثير، عبر محركات البحث المختلفة، يظهر سيلُ من المعلومات والحقائق والصور عن ما يجري في الأراضي المحتلة بشكل يومي.
بينما تسهم حملات أخرى في تحفيز التكاتف المجتمعيّ، مثل حملة "ساهم في بناء بيت شهيد"، التي تسعى إلى جمع التبرعات "المحلية" اللازمة لتشييد منازل عائلات الشهداء الذين يسقطون بنيران قوات الاحتلال، والتي تقوم بهدم بيوت عائلاتهم وتشريد مواطنيها.
وقال الناشط أبو رحمة إن "القائمين على تلك الحملات يقومون بالتعاون والتنسيق مع القوى الوطنية والإسلامية في تنظيم التظاهرات وزيارة أهالي الشهداء والتضامن معهم، من أجل دعم الانتفاضة، الآخذة بالتوسع شعبياً". ولا تعد معركة "السوشيال ميديا" سهلة، حيث تنشط المحاولات الإسرائيلية المستميتة عبر وسائل الإعلام الاجتماعي لقلب وتغيير الحقائق لصالحها وإظهار الفلسطينيين "كإرهابيين"، رغم إقرارها أن تلك الوسائل تشكل خطراً استراتيجياً مضاداً. وكان الخبير في الإعلام الإسرائيلي توفيق أبو شومر قال إن "سلطات الاحتلال استشعرت الخطر الفلسطيني القادم من وسائل الإعلام الاجتماعي التي لم تعد بالنسبة إليها وسيلة تواصل فقط، وإنما تحولت لوسائل تأثير وتغيير الرأي العالمي بالدرجة الأولى".
وقال، في تصريح مؤخراً، إن "سلطات الاحتلال تسعى إلى التأثير العكسيّ، عبر بث مقاطع فيديو وصور، تهدف إلى كسر الروح المعنوية للشبان الفلسطينيين، كما فعلت في فيديو المحققين مع الطفل المناصرة".
ودعا "الجهات الرسمية الفلسطينية إلى توفير الدعم المالي لقنوات التواصل الاجتماعي حتى يتمكن القائمون عليها من استخدامها لتتسع دائرة فضح الاحتلال".
ولفت إلى "رفض إدارة قناة "يوتيوب" مطلباً إسرائيلياً لإزالة مقاطع من موقع (Al-Msjed Al-Aqsa) على صفحة "اليوتيوب"، بدعوى أنها "تحريضية"، ما يدلل على حجم التخوف الإسرائيلي من وسائل الإعلام الاجتماعي".
عن "الغد" الاردنية