2024-11-28 08:37 م

الأسد: المنطقة "الآمنة".. حلم أردوغان الأخير .. والرصاصة الأخيرة في صدره ..

2015-11-30
بقلم: سامر عبد الكريم منصور
في مقابلاته الثلاث الأخيرة، مع «فالور اكتويل» الفرنسية و«راي» الإيطالية و«فينيكس» الصينية، كان الرئيس الأسد يؤكد دائما على الحقيقة المستندة إلى وقائع السنوات الخمس من عمر المأساة السورية: لا يمكن لأي دولة أن تحارب الإرهاب بدون فكّ الإرتباط مع الدول الداعمة للإرهاب؛ قطر والسعودية وتركيا التي اعتبرها أخطر دولة داعمة للإرهاب، لأنها تقدم كل أنواع الدعم لكل أطياف الإرهابيين. حين سألت «المنار»، في آب 2015، عن الرد السوري على العدوان الإسرائيلي، قال الأسد بأنّ القضاء على الإرهابيين؛ أداة العدوان الأكثر خطرا على الدولة السورية، هو الردّ المباشر على العدوان الصهيوني، أما عن المنطقة "الآمنة"، فقال بأنها حلم أردوغان الأخير، والرصاصة الأخيرة في صدر مشروعه الإخواني. »»» الطائرة الحربية الروسية التي أسقطتها تركيا يوم الثلاثاء 24 تشرين الثاني 2015، أسقطت معها كلمة "شركائنا" الأتراك، من كل التصريحات الروسية. الرئيس الروسي، قال بأنها « طعنة في الظهر من المتعاونين مع الإرهابيين»، ستكون لها «عواقب وخيمة» على العلاقات الروسية التركية، وأن القيادة التركية متورطة بمساعدة "داعش" في تهريب النفط من سوريا، وهي شريكة بالتالي في كل عملياته الإرهابية ومنها تفجير الطائرة الروسية في سيناء وأحداث باريس الأخيرة. اعتبر الرئيس الروسي بأن المشكلة الحقيقية ليست في حادثة إسقاط الطائرة، بل في دعم القيادة التركية الحالية، خلال السنوات الماضية، لـ «التيار الإسلامي المتطرف» داخل تركيا. وزير الخارجية الروسي قال بأن المنطقة التي كانت تستهدفها الطائرة التي تمّ اسقاطها، تضمّ آلاف المسلحين الذين خرجوا من روسيا ويهددون أمننا، معتبرا أن تركيا مهتمة بالمنطقة الآمنة للمحافظة على هؤلاء الإرهابيين وعلى البنية التحتية التي جهزتهم بها، وقال أيضاً: بأن الإرهابيين يستخدمون الأراضي التركية لتحضير عملياتهم في سوريا وفي مناطق أخرى في العالم، وأنه "علينا أن نشدد اليوم على تنامي المخاطر الإرهابية في أراضي تركيا، وذلك بغض النظر عما حدث هذا اليوم". »»» الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان»، قال بأنه يتابع التصريحات الروسية "بأسى وأسف"، وأنه حاول مرارا الإتصال مع الرئيس الروسي دون أي يلق رداً, وأنه عرض على بوتين أن يلتقيه في باريس خلال قمة المناخ نهاية الشهر الحالي، لكنه لم يعطه الموافقة حتى الآن. أما عن اسقاط الطائرة فقال أردوغان بأنه لم يكن يعلم بأنّ الطائرة روسية، لكنه شدد بأن بلاده ستواصل التعامل بنفس الطريقة مع أي جهة تنتهك الأجواء التركية، أما أوغلو فقال بأن قواته المسلحة لم تتمكن من تحديد هوية الطائرة، فتمّ التعامل معها كعنصر عدواني، أي استهدافها واسقاطها. عن شراء النفط من "داعش" قال أردوغان بأنه ليس "عديم الكرامة" ليشتري النفط من منظمة إرهابية، وبأنه سيستقيل من منصبه في حال أثبتت روسيا ذلك، مع أن الرئيس الروسي كان قد أثبت لقادة العشرين بالمعلومات والصور الفضائية تجارة داعش النفطية مع تركيا، حيث "تمتد قوافل السيارات والناقلات لعشرات الكيلومترات على مدّ البصر، تتجه من سوريا إلى تركيا، وتشاهد من على ارتفاع 4-5 آلاف متر”!.. بعد أن رفض أن يعتذر، معتبرا أن من خرق مجاله الجوي عليه الإعتذار، عاد أردوغان إلى مونولوج المنطقة الآمنة، حين اعتبر بأنه يحتاج إلى غطاء دولي لحماية "المعارضة السورية المعتدلة". »»» البيت الأبيض عبر عن تأييده لحقّ تركيا في الدفاع عن سيادتها، تماما كما يؤيد حقّ تركيا في خرق سيادة الدولة السورية، وتوجيه الإرهاب الدولي نحو الأراضي السورية. حلف الأطلسي تضامن مع تركيا قبل أن يدعو إلى "الهدوء وعدم التصعيد". ميركل قالت بأنه من حقّ أي دولة الدفاع عن أراضيها، وطلبت عدم تصعيد الموقف، ولكن السيدة ميركل التي باتت رقبتها السياسية تحت قدم أردوغان السياسية، عبر أزمة اللاجئين، لم تمدنا بحكمتها فيما يتعلق بالدول التي تعتدي على سيادة الدول الأخرى. أوباما وخلال مؤتمر صحفي مع الرئيس الفرنسي في يوم "الطعنة في الظهر"، وبعد أن قال عن داعش (ما لم يقله الفرزدق في جرير): "إنها مجموعة إرهابية همجية وإيديولوجيتها المميتة تمثل تهديدا لنا.. لا يجوز التسامح معها بل يجب القضاء عليها"، طلب من أردوغان تهدئة الوضع مع روسيا، بعد أن أكد في قمة العشرين على استمرار دعمه لأردوغان في تحصين الحدود بين سوريا وتركيا التي تسمح لداعش بالحركة!!!. هولاند المسكون "بغزوة باريس المباركة"، أعتبر أن الأولوية هي لمكافحة داعش واغلاق الحدود بين تركيا وسوريا التي يعبر منها الإرهابيين إلى أوربا. الرئيس الفرنسي وبعد أن زوده أردوغان بمعلومات عن حادثة اسقاط الطائرة، طار إلى موسكو، ليعلن عن استعداده العمل مع روسيا لمواجهة "داعش" وتسوية الأزمة السورية، بينما كان وزير خارجيته يرهن تعاون بلاده مع جميع القوى السورية بما فيها الجيش السوري ضد تنظيم داعش، بعملية انتقال سياسي ذات مصداقية!!. أما "الإئتلاف"، فكان يغرّد خارج الإسطبل، حين وجد في عملية اسقاط الطائرة، حركة جادة لإقامة "المنطقة الآمنة" في الشمال السوري. »»» لكل قاتل متسلسل بصمته الخاصة، توقيعه الخاص على صدر ضحاياه. بصمة أردوغان الدائمة هي "المنطقة الآمنة". أردوغان كان واضحا في رفض انضمامه لتحالف واشنطن ضد "داعش" بدون تحقيق مطالبه الأربعة: "منطقة حظر جوي، وإقامة منطقة آمنة، وتدريب المعارضة وتزويدها بالسلاح، وشن عمليات ضد النظام السوري". حين قام اردوغان بتوجيه أزمة اللاجئين إلى أوربا، وتفجير الطائرة الروسية في سيناء، وقتل الفرنسيين في شوارع باريس، وأسقاط الطائرة الحربية الروسية فوق الأراضي السورية. أراد أن يقول بصراحة إرهابية، أنه لا حلّ بدون منطقة آمنة. في تشرين الأول الماضي طلب من "الجميع" تأييد مقترحه، وإلا سيبادر (لوحده) في تنفيذ منطقته الآمنة. رئيس الوزراء التركي داود أوغلو، قال بعمق إرهابي، أن المنطقة الآمنة ستمنع تدفق المجموعات الإرهابية، وتشكل ملاذا آمنا للسوريين، ومكاناً لتسليح "المعارضة المعتدلة" وتدريبها. في الوقت الذي كان فيه ائتلاف اسطنبول، ينهي دراسة اقتصادية تقول بأن المنطقة الآمنة ستحقق دخلا شهريا يفوق 100 مليون دولار، وستخلق فرص عمل للعاطلين عن العمل، مما يخفف عبء اللجوء عن دول العالم. »»» لم يستطع أردوغان مرة أخرى، جرّ "المجتمع الدولي" نحو حلمه. بعد فشله بدفع الروس بعيداً عن منطقته الآمنة، وجد أردوغان نفسه وحيدا، يتلقى تصريحات "التأييد" ودعوات "التهدئة"، وهو يرى أن المنطقة التي كان يحلم باحتلالها، باتت منطقة حظر جوي روسي، ويسمع أيضا استغاثات إرهابييه من ضربات الجيش السوري والطيران الروسي السوري. فأحد الردود على العدوان التركي، هو القضاء على أداته الإرهابية، بموازاة كرة «العواقب الوخيمة» الروسية المتدحرجة. لم يبق لدى أردوغان غير أن ينتظر قمة المناخ في باريس، لعلّه يحظى بفرصة الإعتذار من موسكو، وفرصة قبول الإنضباط كما الفرنسي، خلف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.