2024-11-28 05:58 م

بعد 21 عاما على توقيعها: معاهدة "وادي عربة" تفشل في تحقيق السلام بين الاردن واسرائيل

2015-10-26
محمود الطراونة
عمان- فيما يرى سياسيون أن معاهدة وادي عربة، لم تنجح في تحقيق السلام بين الأردن وإسرائيل، بعد 21 عاما على توقيعها، تعتبر اجراءات وانتهاكات اسرائيل تجاه الفلسطينيين والمقدسات الاسلامية والمسيحية، بين الفينة والأخرى تهديدا آخر لهذه المعاهدة.
وتعتبر الذكرى السنوية الحادية والعشرين لتوقيع المعاهدة، التي تصادف اليوم، مناسبة مهمة لتوجيه انتقادات شعبية واسعة للاتفاقية، ترى "انها "لم تقدم شيئا مفيدا
 للمملكة". 
وبعد هذه الأعوام الطويلة على المعاهدة، تتصاعد الأصوات الشعبية، ولا سيما المعارضة، مطالبة بإلغائها، فيما ترى شخصيات سياسية ووزارية "أن الإلغاء قد يشكل خطرا على المملكة، ولا يصب في مصلحتها".
ويقول مسؤول حكومي سابق أن العلاقة بين الأردن وإسرائيل "تعززت على نحو كبير مؤخرا، بسبب صعود الجماعات الإسلامية المسلحة في المنطقة"، فيما يراقب الاردن عن كثب الاعتداءات الإسرائيلية على الحرم القدسي، ولا يتوقف عن إدانة إسرائيل لانتهاكاتها المتكررة للمقدسات، ذلك ان معاهدة السلام منحت المملكة حق الإشراف على المقدسات الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس. 
ويرى مقاومو التطبيع أن محاولات بناء علاقات طبيعية بين الشعب الأردني والإسرائيليين "باءت بالفشل وأن هناك إجماعا شعبيا على ضرورة
 إلغائها".
من جانبه، قال الوزير السابق تيسير الصمادي ان الظروف التي وقعت فيها الاتفاقية قبل واحد وعشرين عاما مختلفة تماما، "فالأردن كان يطمح لأن يكون السلام عربيا شاملا، لكن الاتفاقية بقيت مبتورة مجتزأة".
وأردف، ان "المطالبات الشعبية مبررة، لكن الاتفاقية لها علاقة بالاستقرار أكثر من المصالح، وإلغاؤها لا يخدم الأردن ولا القضية الفلسطينية".
ولفت الى ان الاردن لم يسع للاتفاقية، بل جاءت بعد اتفاقيتي "اوسلو وكامب ديفيد" ودون تنسيق مع الأردن، "وكان على الأردن ان يحافظ على حدوده وعلاقاته مع دول الجوار".
واشار الى ان "العالم اعتاد على إسرائيل بالتصرفات الأحادية"، بيد ان الاتفاقية ساعدت الاردن في الحفاظ على الحدود وحماية المقدسات وجاءت بعد إبرام اتفاقية اوسلو.
ولفت الى ان الاردن لم يكن مبادرا ولا سباقا للمعاهدة، "ولكن صاحب القرار وجد ان الظروف تستوجب توقيعها فتم ذلك".
من جهته، قال استاذ القانون الدستوري الدكتور رياض الصرايرة، انه بالرغم من مرور واحد وعشرين عاما على توقيع اتفاقية وادي عربة بين الأردن وإسرائيل، فان تلك الاتفاقية لم تحقق أي مكاسب للجانب الاردني، بل على العكس "كانت ثقلا كبيرا عليه من عدة نواحٍ، أهمها الغضب الشعبي الدائم من تلك الاتفاقية، التي طالتها مطالبات متكررة بإلغائها".
واشار الصرايرة الى أن "معاهدة السلام لم تصنع سلاما، وإنما كبّلت الأردن بشروطها"، ولم تحقق النتائج المرجوة، بل على العكس "كانت نقطة توتر دائم بين الشعب والحكومات لأن السياسة الاسرائيلية استمرت باضطهاد الشعب الفلسطيني والتنكر 
لقضيته".
واضاف ان ما تقوم به اسرائيل بحق الشعب الفلسطيني خلق مناخا متوترا في الأردن، وجعل من مطلب إلغاء المعاهدة مطلبا دائما للاحتجاجات الشعبية، مؤكدا "أن للمعاهدة تأثيرا سلبيا على الحريات الديمقراطية والاصلاح السياسي في الاردن".
وأكد انه وبالرغم من مرور كل هذا الوقت على المعاهدة "ما تزال اسرائيل هي العدو، وما تزال الحكومات تجد نفسها في الوضع الحرج لحماية المعاهدة والمحافظة عليها في ظل الرفض الشعبي العام لها".
وقال نقيب الاطباء الأسبق زهير ابو فارس انه ورغم اننا في داخلنا "نرفض اتفاقيات وادي عربة واوسلو وكامب ديفيد، الا ان علينا ان نقيّمها في ظروف استثنائية مثلما وقعت فيها".
واشار الى ان توقيع اتفاقية وادي عربة جاء في ظرف استثنائي عربي ودولي، وكان ميزان القوى مختلا وليس في صالح الاردن، خاصة بعد حرب الخليج، ومؤتمر مدريد، وتفاقم الاوضاع العربية، "وحتى لا تخرج الامور من سياقها الطبيعي كان لا بد من وجود هذه
 الاتفاقية". ولكنه قال ان "اسرائيل لا تلتزم بالاتفاقيات بدليل ان المصالح الاردنية مهددة ونحن شهود على هذه الانتهاكات التي تقوم بها اسرائيل من تهويد المدينة المقدسة وزيادة عمليات الاستيطان"، ما يتطلب وقفة اردنية، معارضة وموالاة، ومن العرب والأصدقاء في العالم "لردع اسرائيل عن الاستمرار بأساليبها تجاه القدس والفلسطينيين".
سياسي مخضرم قال لـ"الغد" ان العلاقة التاريخية المتميزة بين الشعبين الأردني والفلسطيني، تتطلب استحقاقات من نوع خاص، في سبيل وحدة موقف الشعبين "في مواجهة الاحتلال الذي يستهدف الأردن ايضا"، مضيفا كم من حرب شنتها قوات العدوّ الصهيوني على الشعب الفلسطيني منذ العام 1994، وذهب ضحيتها آلاف الشهداء والجرحى، وكم من المعتقلين هدمت منازلهم واقتلعت مزروعاتهم.
ولفت الى ان "العدو الصهيوني بحاجة الى استراتيجية من نوع مختلف للتعامل معه، فهو لا يفهم إلا 
لغة المقاومة".
المصدر: صحيفة "الغد" الأردنية