تونس/ روعة قاسم
ينتظر جل المراقبين في المنطقة المغربية والمهتمون بالقضية الصحراوية الزيارة المرتقبة للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لوضع النقاط على الحروف فيما يتعلق بمآل هذه القضية التي تنتظر الحل منذ انسحاب القوات الإسبانية المحتلة من الصحراء الغربية سنة 1975 وسيطرة المغرب عليها من خلال ما عرف بـ"المسيرة الخضراء"، على الرغم من أن الرباط بحسب البوليساريو لم تطالب الإسبان بالانسحاب من هذه الأرض ولم تسع إلى تحريرها من الاستعمار. فهذه القضية مفتوحة على جميع الاحتمالات، بما في ذلك عودة القتال بين المغرب التي تسيطر على الجزء الأكبر من الصحراء وجبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (البوليساريو) التي تتخذ من الجزائر مستقرا لها وتسيطر أيضا على قرابة ربع مساحة الصحراء الغربية وأعلنت دولتها تحت مسمى "الجمهورية العربية الصحراوية" التي تعترف بها دول عديدة على غرار الجزائر وجنوب إفريقيا ونيجيريا وهي أيضا عضو في الاتحاد الإفريقي.
ويؤكد الناشط الحقوقي والسياسي التونسي ماجد البرهومي، الذي زار مؤخرا مخيمات اللاجئين الصحراويين في تندوف الجزائرية والأراضي الصحراوية الخاضعة لسيطرة جبهة البوليساريو، أن رئيس الجبهة محمد عبد العزيز أكد في خطابه الأخير بمناسبة احتفال الصحراويين بعيد وحدتهم الأربعين أن خيار عودة القتال يبقى قائما إذا لم تسارع الأمم المتحدة إلى إجراء استفتاء تقرير المصير الذي سيقرر من خلاله الصحراويون إما الانضمام إلى المغرب أو تشكيل دولة مستقلة أو التمتع بحكم ذاتي في ظل الدولة المغربية. كما أكد عبد العزيز في لقاء جمعه بوفد إعلامي عربي، بحسب محدثنا، على انه يأسف لعدم اهتمام العرب بهذه القضية وعدم مدِّهم يد العون لرفع المعاناة عن إخوانهم الصحراويين ووقوف بعضهم مع الطرف القوي على حساب الطرف المستضعف الذي يبدو بحاجة ملحة إلى دعم أشقائه العرب.
حزب مدني علماني
البرهومي في حديث لموقع "العهد الإخباري" يشدد على أن جبهة البوليساريو ملتزمة بنزع سلاحها والتحول إلى حزب مدني والابتعاد عن العمل المسلح في حال اختار الصحراويون في استفتاء تقرير المصير الذي سترعاه الأمم المتحدة بالانضمام إلى المغرب. فالجبهة فصيل علماني لم تتمكن الجماعات الدينية التكفيرية المتشددة من اختراقه رغم وقوعها في منطقة تعج بهذه الجماعات باعتبار أن أماكن تواجدها متاخمة للصحراء الكبرى الإفريقية وهي مرتع للتنظيمات التكفيرية وعصابات التهريب.
البوليساريو
ويعتبر أن الصحراويين في مخيمات اللجوء في تندوف الجزائرية هم "جماعة بشرية حداثية غير متطرفة في معتقدها الديني تولي المرأة مكانة هامة ويصعب اختراقها من قبل الجماعات التكفيرية". كما أنهم متعلمون وأصحاب شهادات عليا ويدرس أغلبهم في جامعات إسبانيَّة أو جزائريَّة أو في بعض جامعات بلدان أمريكا اللاتينية على غرار كوبا وفنزويلا وغيرها، وقد راهن المشرفون على المخيمات أيضا على الصحة ما جعلها نظيفة ومحصنة من الأمراض والأوبئة رغم ضعف الإمكانيات.
الإسراع في الاستفتاء
ويخلص الناشط الحقوقي والسياسي التونسي إلى ضرورة الدفع باتجاه حل هذه القضية التي تعيق البناء المغاربي والاندماج بين بلدان المغرب العربي من خلال حث الأطراف الفاعلة على الإسراع بإجراء الاستفتاء ليقرر الصحراويون ما يريدونه، وهو الأمر المتفق عليه من قبل المغرب وجبهة البوليساريو. ويمكن لبلدان العالمين العربي والإسلامي، برأيه، أن تلعب دورا هاما في هذا الإطار ولا تترك الملف للقوى الدولية التي لا هم لها سوى استنزاف ثروات هذه الأرض الغنية بالفوسفات والمعادن وربما اليورانيوم.
ورغم ثقته بوطنية الصحراويين وتمسكهم بالقيم والمبادئ وبانتمائهم العربي والإسلامي وعدم مساومتهم في قضاياهم القومية، إلا أن البرهومي يخشى من أن يدخل الكيان الصهيوني على الخط كما حصل في أزواد شمال مالي، حيث استغل غياب العرب والمسلمين التام عن قضية الطوارق الماليين لينفذ إلى بعض التنظيمات الأزوادية ويربط حبال الوصل معها طمعا في ثروات المنطقة من اليورانيوم على وجه الخصوص. لذلك فمن باب أولى برأيه أن يسارع العرب والمسلمون قبل غيرهم إلى حل قضية الصحراء ورفع المعاناة عن اللاجئين في المخيمات والحفاظ على هذا الجزء من العالم الإسلامي محصنا نصيرا لقضاياه.
المصدر: موقع العهد الاخباري