2024-11-25 07:47 م

مهمة لا يمكن إيقافها: لماذا تدير الـ CIA سياسة أمريكا الخارجية؟

2015-05-22
يوشي دريازن & شين نايلور – فورين بوليسي (التقرير)

بدءًا من غارات الطائرات بدون طيار، وصولًا إلى السجن والتعذيب، كانت وكالة المخابرات المركزية CIA هي من تحرك خيوط السياسة الخارجية الأمريكية منذ هجمات 9/11؛ وإذا كان التاريخ دليلًا من الممكن الاستعانة به، فإن هذه الوكالة هي التي ستقرر مجريات الأمور في الشرق الأوسط لسنوات قادمة.

كان دنيس بلير يحك جلده باحثًا عن معركة. وفي مايو 2009، كان أميرال البحرية الأمريكية المتقاعد هذا يشغل منصب مدير الاستخبارات الوطنية (DNI). ومن الناحية النظرية، يعطي هذا المنصب لبلير إمكانية الإشراف على وكالة المخابرات المركزية، وكوكبة واشنطن من وكالات التجسس الـ 16 الأخرى. أما في الواقع، فقد كان هذا المدير عاجزًا حتى على تعيين كبير الجواسيس الأمريكيين في دولة ما. وعلى مدى عقود، كانت هذه المهام تمنح تقليديًا لرئيس محطة وكالة المخابرات المركزية (CIA) في جميع العواصم، من لندن إلى بيروت.

ولكن، بلير رأى أن من حقه الحصول على هذه المهمة؛ ولذلك تجاوز البيت الأبيض، وأرسل أمرًا مكتوبًا يقول إن مدير الاستخبارات الوطنية هو من سيكون مسؤولًا من الآن فصاعدًا على تحديد معظم كبار الجواسيس الأمريكيين في الدول الأخرى. وما هو أهم من ذلك، هو أن هذا القرار أشار إلى إمكانية أن يكون الجواسيس تابعين لأي من وكالات مجتمع الاستخبارات. ورغم قول بلير إن المعينين سيستمرون في أن يكونوا دائمًا تقريبًا من وكالة المخابرات المركزية؛ إلا أن هذا القرار لم يرق لمدير الوكالة آنذاك، ليون بانيتا، الذي رد بإرسال برقية لجميع محطات وكالة الاستخبارات المركزية في الخارج، يقول لهم فيها بأن يتجاهلوا مذكرة بلير تمامًا.

وقد أطلقت وسائل الإعلام اسم “حرب عصابات” على هذه المعركة؛ إلا أن هذه الحرب لم تكن متناظرة بالتأكيد، وما حدث هو أن مكتب بلير العاجز وضع جانبًا ببساطة من قبل CIA العازمة على تأمين قبضتها على السلطة.

وبعد بضعة أشهر، عندما كان العام الأول للرئيس باراك أوباما في منصبه يقترب من نهايته، رأى بلير أن لديه فرصة أخرى لإعادة التأكيد على حقوق مكتبه، وفقًا لما كتبه الصحفي مارك مازيتي في كتابه “طريق السكين”، الذي يوفر وصفًا تفصيليًا لتلك الفترة. لقد ورث أوباما عددًا من برامج العمليات السرية للغاية من الرئيس السابق جورج دبليو بوش، وأراد الرئيس الجديد القيام باستعراض كامل لكل واحدة من هذه العمليات. وشملت تلك البرامج مسائل من قبيل جهود وكالة الاستخبارات المركزية لعرقلة برنامج إيران النووي، واستخدام الوكالة لطائرات بدون طيار لقتل متشددين داخل باكستان. ومرة أخرى، ظهرت الشقوق في سلطة بلير؛ حيث إن مدير الاستخبارات الوطنية كان محوريًا بالنسبة لاستخبارات الرئيس وغيره من القادة الحكوميين رفيعي المستوى، وسمح له بالتدخل في المسائل المتعلقة بالميزانية، ولكنه لم يمنح أي قيادة أيًا من البعثات السرية في الخارج.

وقد كانت فكرة أن وكالة الاستخبارات المركزية لديها خط مباشر مفتوح مع البيت الأبيض فيما يتعلق ببرامجها السرية أمرًا مثيرًا لقلق بلير. وبالنسبة له، كان هذا الخط بمثابة طريقة مغرية لاتخاذ خيارات سهلة من قبل واضعي السياسات غير المتأكدين من كيفية التفاوض حول قضايا معقدة مثل قضية إيران. وأراد بلير أن تكون كل برامج الوكالة قابلة للنقاش بالكامل قبل اتخاذ القرارات النهائية حول ما إذا كانت ستستمر، يتم الحد منها، أو حتى ما إذا كان سيتم التخلي عنها. وأما بانيتا، فقد كان رأيه مخالفًا، وكانت حجته أن محاولات فرض المبادئ والإجراءات الرسمية من شأنها أن تقوض فعالية برامج الوكالة.

وفي خريف عام 2009، وقعت الإدارة رسميًا على كل جهود وكالة المخابرات المركزية السرية؛ مما مهد الطريق لحصول الوكالة على موارد أكثر من أي وقت مضى. وفي عام 2013، على سبيل المثال، طلبت الوكالة تمويلًا بمقدار 14.7 مليار دولار، بعد أن كان تمويلها في عام 1994 لا يتجاوز الـ 4.8 مليارات دولار، وفقًا لصحيفة واشنطن بوست والوثائق المسربة من قبل عميل المخابرات السابق، إدوارد سنودن.

وفي نفس الخريف، عندما طلب بانيتا من البيت الأبيض توسيع حرب وكالته السرية ضد القاعدة وحلفائها بشكل ملحوظ، اعتقد رئيس وكالة المخابرات المركزية أنه في أحسن الأحوال قد يحصل على خمسة من الأشياء العشرة التي كان قد طالب بها، وفقًا لما كتبه دانيال كاليدمان في كتابه “قتل أو اعتقال”. ولكن بدلًا من ذلك، حصل بانيتا على كل ما طلبه، بما في ذلك المال لشراء المزيد من الطائرات بدون طيار المسلحة، وإذن صريح باستخدامها فوق مساحات واسعة من باكستان. وقال أوباما صراحةً لمساعديه: “وكالة المخابرات المركزية تحصل على ما تريد”. وبعد ذلك بسبعة أشهر، أجبر بلير على التخلي عن منصبه.

ومنذ إنشائها في عام 1947، تطورت وكالة المخابرات المركزية بشكل مطرد من وكالة مكرسة للتجسس على الحكومات الأجنبية، إلى وكالة أولويتها الحالية هي تتبع وقتل مسلحين أفراد في عدد متزايد من الدول. ويعكس تزايد نطاق عمل الوكالة، وعمق تأثيرها في معركة مكافحة الإرهاب، تنامي مهارتها في صيد أعداء أمريكا من باكستان إلى اليمن. وما هو أكثر إثارة للدهشة، كان براعة وكالة الاستخبارات المركزية في الإبحار عبر الفضائح العامة، وتفوقها بدهاء على الـ DNI والمعارضين لها في البيت الأبيض، والكونغرس، ووزارة الدفاع، وبقية أجهزة الاستخبارات. ومن خلال المكائد، تمكنت الوكالة من إضعاف أو القضاء على القوات المنافسة، وتعزيز ثقلها وسلطتها.

وللتأكيد، كان لتمتع وكالة الاستخبارات المركزية بسلطة وحكم شبه ذاتي تداعيات عالمية. وقد كانت هذه الوكالة هي منشأ الكثير من الأمور التي ربط العالم أمريكا بها منذ هجمات 9/11، بما في ذلك هجمات الطائرات بدون طيار في منطقة الشرق الأوسط، وشبكة السجون السرية في جميع أنحاء العالم، والتعذيب الذي وقع داخل جدران هذه السجون. ونظرًا لهيمنتها أيضًا، يبدو أن لوكالة الاستخبارات المركزية دورًا كبيرًا في تحديد كيفية تصرف الولايات المتحدة ونظرها لما يحدث في الخارج. ومع تواجد الوكالة في طليعة حرب أمريكية جديدة تلوح في أفق الشرق الأوسط، فإن تفوق هذه الوكالة على المحك مرة