2024-11-24 07:24 م

الارهاب وضرورة التصدي له ,,,

2015-05-04
بقلم: محمد علي القايدي
الإرهاب ظاهرة قديمة قدم هذا الكون ، لم تكن في يوم ما وليدة أحداث طارئة أوظروف عابرة كما يروج لها الاعلام ومن يقف وراءه ، من أصحاب النفوذ والمصالح أفرادا كانوا أو جماعات أو مؤسسات حكومية أو غير ذلك لتحقيق غايات خسيسة أي أن هذه الظاهرة غير مرتبطة بعصر أو مصر أو بعهد من العهود أو امّة من الأمم أو دولة من الدول .والإرهاب يمكن أن يولد ويفرّخ في أي وقت من الأوقات وفي أي ظرف من الظروف شريطة توفر الحاضن السياسي والمدد المالي والتجييش الاعلامي ... فعبر التاريخ ضلّ الارهاب مقترنا بعنف مفرط يمارسه أفراد مجرّدون من القيم الانسانيّة أو جماعات خارج القانون مدعومة من جهات يسوؤها استقرار الأوضاع أو تمارسه أنظمة سلطويّة قمعيّة استبداديّة لبثّ الرعب في قلوب رعاياها قصد بسط هيمنتها على مجتمع ما وإلزام أفراده بالرضوخ إلى قوانين سلطانيّة عليّة تنظم الحياة الاجتماعيّة فيما بين مكونات أي مجتمع حتّى لا يختلّ الأمن ولا تعمّ الفوضى ويسود محلّها الأمن والوئام والطمأنينة والسلام . بني الإرهاب على تخويف الخصم وبث الرّعب في نفوس من يراد تخويفه عبر إلحاق الأذى المادي والمعنوي به لتركيعه وابتزازه وبسط السيطرة المطلقة عليه ويتجلّى الإرهاب في ما يخلّفه من آثار وما يلحقه من دمار وما ينجر عنه من مآسي فهو يدمّر الأنفس ويصيبها بالإحباط وينسف كلّ شيء في طريقه فلا تسلم المباني سواء كانت ممتلكات عامة أو خاصة ولا المرافق الاجتماعيّة ولا يسلم زرع ولا ضرع فيدبّ الخوف في النفوس ويسكن الرعب القلوب وتتشنّج الأعصاب وتتوتّر ويسود شعورّ عام بالقلق والاحتقان وتضعف الثقة في السلطة الحاكمة فينعكس ذلك سلبا على كل مناحي الحياة فتتأثر الحركة الاقتصادية وتصاب بالشلل التام . هناك من الجماعات التي تضع خيار العنف الثّوري وسيلة لإخضاع الخصم وهو شكل من أشكال الإرهاب المسلّح الدّموي المدمّر ، للتخلّص من نظام ديكتاتوري مستبد فتبدأ بشنّ هجمات على مراكز السيادة والأمن والجيش وتقوم بعمليات نوعيّة تتمثّل في زرع عبوات ناسفة في الأماكن والطرقات التي تسلكها عادة عربات الجيش والأمن أو تقوم بتفجير سيّارات مفخّخة بعد ركنها أمام مبان حكوميّة أو في أسواق شعبيّة قصد إلحاق المزيد من الخسائر في الأرواح والممتلكات . قد يصاب الحاكم والمحكوم بالهزيمة والإرباك بعيد الضربة الاولى الموجعة ، وهذا ما تراهن عليه الجماعات الإرهابيّة لتواصل اعتداءاتها قصد تقويض النظام العام في الداخل ونشر الفوضى لتلتحم الجماهير بمن يرفعون السلاح لإسقاط النظام وهذا هدفها الأساسي وسببها الذي قامت من اجله . أمّا إذا ما تماسك النظام واستوعب الصدمة وسارع إلى وضع خطّة استراتيجيّة دقيقة ووجد تأييدا شعبيا داخليّا وخارجيّا يرفض هذا النوع من العنف الهمجي الدموي فبإمكانه تحقيق انتصارات ساحقة ضدّ الارهابيين وقطع هذه الآفة الخطيرة والغريبة عن مجتمعاتنا المسالمة التي تنبذ الارهاب وخاصة الارهاب الذي يلبس جبّة الاسلام والإسلام منه براء ويرفع راية الجهاد وتكفير الآخر والذي تميزت عناصره بقطع الرؤوس وتدمير المساجد والحسينيات ، كما فعلته و تفعله " داعش" و"جبهة النصرة" و" أنصار الشريعة " ، في كلّ من العراق وسوريا الجريحتين ، مع العلم وهذا لا يخفى على أحد أن " داعش" و" القاعدة " وغيرهما هي صناعة أمريكيّة غربيّة صهيونيّة بامتياز وبتمويل ويا للأسف خليجي عربي . هؤلاء الذين يرفعون رايات الجهاد لمقاومة الاستبداد قبلتهم الحقيقيّة هي فلسطين المحتلّة . فهؤلاء لا يمتّون بصلة إلى الإسلام الصحيح ، دين التسامح والتوادد والتراحم دين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والبغي . فالجماعات أو الأفراد الذين يمارسون الإرهاب الأعمى في أبشع صوره ، إرهاب لا يفرّق بين المدني والعسكري والصغير والكبير إرهاب ليس له ما يبرره ، غاية فاعليه هو تشويه صورة الاسلام والمسلمين أمام العالم . لكن تبقى الجهة التي تضطلع بمعالجة هذا الملف هي الجهات الأمنيّة ممثلة في رجال الأمن والحرس والجيش الذين يعدّون حماة الوطن والدّيار وهذا دورهم وليس منّة منهم ويتقاضون عليه أجرا . وما نسمعه من سجال حول قانون الارهاب المزمع إحالته على مجلس النواب والذي لقي معارضة قويّة وصريحة من جميع القوى الحيّة ومن مجتمع ما بعد الثورة يرون فيه انتكاسة وعودة إلى الوراء مخيفة وحنين إلى الماضي المظلم ، لأنه يؤسّس لعودة القمع والاستبداد عبر " حكم دولة البوليس ". مع العلم أنّ أمن المواطن مقدّم على أمن الجندي والبوليس ، هذا لا يعني أن نتجاهل مشاغلهم وأن نغضّ الطرف عن الأخطار المحدقة بهم وأن نتناسى ما يبذلونه من تضحيات لتوفير الأمن والحماية لنا كمدنيين وعلينا واجب الاعتراف بالجميل لهم وإسنادهم معنويّا ، فلا بأس أن نقدّر تضحياتهم ونثمّن وقوفهم كسدّ منيع ضدّ الارهاب والجريمة المنظمة ونستمع إلى مشاغلهم ومعاناتهم ونتفهم وضعياتهم الحرجة التي تتطلب صبرا ورباطة جأش ، حتّى تطمئنّ قلوب الجميع . دون أن ننسى كوننا جميعا نطمح إلى إقامة نظام ديمقراطي حقيقيّ مبنيّ على احترام بعضنا للبعض واحترامنا لقوانين البلاد ودستورها ، فلا يسمح مستقبلا بتجاوز السلطات من أيّ كان ، لأنّه لا أحد فوق القانون.