2024-11-27 12:48 م

عين ٌ على سعر صرف الليرة السورية .. من يوقف التدهور ؟؟

2015-02-28
كتب الدكتور محمد بكر *
الدولار, وارتفاع سعر صرفه مقابل الليرة السورية , هو حديث الساعة هذه الأيام, والهاجس الأوحد والمقيت على لسان المواطن والتاجر والصناعي السوري , لجهة مايرخيه ذلك من ظلالٍ غير محمودة النتائج على السوق السورية , وما يفرزه من تداعيات وآثار ذات مفاعيل كارثية على الحياة المعيشية للمواطن , وفي هذا السياق تحضر بزخم جملة من التشكيكات يثيرها الشارع بإلحاح, لمعرفة أي دور فاعل من المفترض أن يلعبه مصرف سورية المركزي , ولماذا لم تؤت الإجراءات التي اتخذها المصرف خلال الفترة القصيرة الماضية ثمارها لجهة الحد من انفلات السوق السوداء , وكبح جماح الارتفاع الحاصل في سعر صرف الدولار على الرغم من تدخل المصرف في السوق طيلة الشهرالجاري, لكن المفاجئ أن هذا التدخل لم يفلح في ضبط سعر الصرف وصار يبدو للمواطن والمراقب الخارجي البسيط بأنه تدخل سلبي , فلماذا لم تفلح إجراءات مصرف سورية المركزي هذه المرة في تحقيق المأمول وهو الذي نجح خلال العام الماضي عندما انتهج نفس الأسلوب وطريقة المعالجة واستطاع خلالها أن يضبط سعر الصرف عند حد ثابت وصل حينها إل 170 ل. س للدولار الواحد, وثبت عند هذه القيمة مدة لم تقل عن الثمانية أشهر , سؤال نضعه في جعبة المعنيين والمسؤولين عن هذا الموضوع . عند الحديث عن أسعار الصرف لابد أن نوضح للقارئ أهم العوامل التي تحدد سعر صرف العملة بشكل عام : - أسعار الفائدة: فرفع سعر الفائدة في بلد ما يؤدي لجذب رؤؤس الأموال نحو هذا البلد وبالتالي زيادة الطلب على عملة هذا البلد مما يؤدي لارتفاع سعر الصرف . - الميزة النسبية للمنتج: فعندما ينتج بلد ما منتج يتمتع بميزة نسبية (أي ذو جودة عالية وتكلفة أقل) يزداد الطلب عليه وبعملة هذا البلد . - سمعة الدولة المصنعة: وهنا يحدث تنافس بين الدول المصنعة لنفس السلعة ..فالدولة الأكثر شهرة في تصنيع هذه السلعة هي التي تجد طلب كبير على منتجاتها الأمر الذي يجلب الحضور القوي لعملة تلك الدولة. وهنا نقول : صحيح أن الحرب على سورية قد أخرجت قطاعات بأكملها من المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي كالقطاع السياحي وأثرت بشكل كبير على عجلة الإنتاج في القطاعات المادية كالزراعة والصناعة إلا أن ذلك ليس بالسبب المبرر لما باتت عليه أسعار صرف الليرة السورية بدليل القدرة في وقت سابق وفي ذروة الحرب على التحكم الفاعل بسعر الصرف لفترات جيدة, إضافة إلى ذلك وانطلاقاً من أن مبدأ تخفيض سعر صرف الليرة يساهم بشكل رئيس في تحفيز الصادرات السورية ودعم المصدر السوري , لكن ليس إلى تلك المستويات القياسية التي وصل إليها سعر صرف الدولار أمام الليرة , فالانخفاض الكبير في سعر صرف العملة المحلية يساهم بشكل كبير بتصدير التضخم إلى أسواقنا الأمر الذي يرخي بلهيبه أولا ً وأخيرا ً على المستهلك . غير مرة أعلن فيها حاكم مصرف سورية المركزي عن أن مخزون الدولة السورية من القطع الأجنبي هو بنسب جيدة , وهو الذي أطلق البشائر السارة مؤخراً لجهة أن سعر صرف الدولار في طريقه إلى الهبوط خلال الفترة القادمة معللاً ذلك بالإجراءات المتخذة من جهة وعودة دوران عجلة الإنتاج من جهة أخرى الأمر الذي يعزز الصناعة المحلية وتالياً تقليل المستوردات , وعليه فإننا نؤكد علىضرورة الاستمرار في سياسة التدخل الإيجابي في السوق بالكميات والوقت المناسبين بما يحقق سعر صرف متوازن ومضبوط , تُلجم عنده نزعة وشهية المضاربين الذين يجب أن تتخذ بحقهم الإجراءات المشددة , إضافة لضرورة اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتعزيز تنافسية الصناعة المحلية وإنتاج سلع تتمتع بميزة نسبية وتنافسية تعزز من صمود الليرة السورية .
* كاتب وباحث في الشؤون الاقتصادية والسياسية - مقيم في سورية