2024-11-29 04:34 م

انتخابات الكونغرس ومصير المتبقي من ولاية أوباما

2014-11-02
دخلت حملة انتخابات الكونغرس (كل مجلس النواب 435 مقعداً وثلث مجلس الشيوخ 33 مقعداً) ساعاتها الأخيرة، لتنتهي الثلاثاء بتشكيلة جديدة، يتوقف وضع الإدارة خلال السنتين الباقيتين على المعادلة التي سترسو عليها.

أمر مجلس النواب محسوم لصالح الجمهوريين المسيطرين عليه منذ عام 2010. والمتوقع أن تزداد حصتهم فيه. وخصوصاً من اليمين المعروف باسم حزب الشاي.. في حين تدور المعركة على مجلس الشيوخ وكسب الأغلبية فيه. المنافسة تتمحور حول ستة مقاعد في أقله، لحسم الأمر.

تركيبة مجلس الشيوخ الراهنة هي 53 ديمقراطياً 45 جمهورياً ومستقلان يقفون غالباً مع الفريق الأول. ليس بقوة أحدهما الحصول على غالبية الثلثين اللازمة للديمقراطي من أجل ضمان تمرير أجندة الرئيس، أو للجمهوري لفرض نقيضها عليه.

المعركة تدور حول الأغلبية المطلقة، النصف زائد واحد أو أكثر لضمان منصب القيادة في المجلس، التي يتحكم صاحبها بأجندة التشريع وأولوياتها وبطرح المشاريع التي يفضّلها على التصويت.

ومن هذا الموقع، يصبح مجلس الشيوخ الذي يتمتع بصلاحيات كبيرة وفاصلة، في موقع المعين للرئيس أوباما أو المعرقل لبرامجه وسياساته، خصوصاً الداخلية التي يدور حولها خلاف عميق. الطرف الجمهوري لعب دوراً كبيراً في العرقلة من موقع الأقلية. فكيف لو امتلك الأكثرية؟

آخر استطلاعات الرأي، تؤشر إلى تعثر «الديمقراطي». يبدو وكأنه يقف على حافة خسارته لزمام المبادرة. خطابه الانتخابي هزيل في أحسن حالاته. كان غير مصوّب وغير متكامل. ركّز على المحليات الضيقة، غير الكافية إن لم تكن من ضمن توجه سياسي عام.

إضافة إلى ذلك، كان الهم الشاغل لبعض المرشحين أن يؤكد على «تمايزه» عن سياسات حزبه المثير للجدل. والخطأ الأكبر كان في حرص عدد منهم على الابتعاد عن الرئيس وترك مسافة بينهم وبينه. الأمر الذي أعطى ذخيرة للخصم الجمهوري كي يحوّل الانتخابات إلى نوع من الاستفتاء حول الرئيس وبما يؤدي إلى محاكمة حزبه نيابة عنه، وبالتالي تنفير الناخب المستقل من المرشح الديمقراطي.

علماً بأن سجل الرئيس الداخلي ليس بسيء ولو أن الوضع الاقتصادي الذي يشكل مفتاح المعركة، أفضل وفي طريق التحسن. النأي عن الرئيس أضر بهم واستحق التأنيب من جريدة بوزن نيويورك تايمز التي لها تأثير كبير في حسم موقف الكثير من الناخبين.

ثم هناك عطب آخر يتمثل «بالإحباط» في صفوف القاعدة المؤيدة للرئيس التي لم تتلمس الفارق الملموس في أوضاعها ولو أنه سعى لذلك. لكنه الرئيس ويتحمل الملامة. وهو أمر من المتوقع أن ينعكس على صورة ضعف الإقبال على الاقتراع من جانبهم لصالح مرشحي حزب الرئيس.

وهو احتمال قد يتسبب في خسارة عدد منهم لمقاعدهم ولو أن ماكينة الحزب سارعت في الأيام الأخيرة إلى دفق عشرات الملايين من الدولارات لشراء الاعلانات المتلفزة، في محاولة يقول الخبراء أنها قد تكون جاءت متأخرة. هذا عدا عن تمويل كل مرشح لمعركته من التبرعات التي يجمعها والتي يشارك فيها كبار الأثرياء في بعض الولايات.

كل هذه الفجوات أسهمت في رفع منسوب التأييد لـ «الجمهوري ولو بفارق هش يتراوح بين نقطتين وأربع في المنافسة على المقاعد العشرة المفتوحة والتي تقرر في النهاية توازنات المجلس. بيد أن لهذا الفريق أعطابه أيضاً. فهو خاض حملة سلبية عمادها نقد سياسات الرئيس وتحميله مسؤولية أوضاع هم شاركوا في التخريب على معالجاتها.

ليس في جعبتهم إلا المشاكسة لأوباما ولا في برامجهم بدائل يمكن تسويقها وكسب الجولة على أساسها. ثم هم أيضاً منقسمون، بين الخط التقليدي التاريخي للحزب وبين يمينه المحافظ الذي زاحم مرشحي الحزب في بعض الدوائر؛ خلال مرحلة المنافسة على الترشيح.

لكن قاعدة الجمهوريين أكثر تماسكاً والتزاماً بالتصويت من مثيلتها الديمقراطية.

يضاف إلى ذلك، أنها مندفعة من باب خصومتها التي تبلغ حدود العداء للرئيس اوباما والتي تراكمت بفعل الحقن التحريضي المكثف الذي نعض به خطابهم الإعلامي والسياسي والذي تراوح بين التشكيك بولاء وأميركية الرئيس وبين رميه باتهم المنفرة مثل القول أنه صاحب ميول اشتراكية وغير ذلك من الهرطقات الرخيصة. كما استغلوا تراجعاته الخارجية كورقة أسهم هو في منحها لخصومه.

لكن مع ذلك، يبقى أن الجمهوري والديمقراطي في الكونغرس يجمع بينهم قاسم مشترك عام ومؤثر: أن رصيد كليهما شبه مفلس لدى الرأي العام. تراوح بين 9 و13 في المئة فقط.

نسبة غير معروفة في تاريخ هذه المؤسسة العريقة. الغالبية الساحقة تنظر إلى الكونغرس كمؤسسة معطّلة غير منتجة وبالتالي لا تستحق حتى الذهاب إلى صندوق الاقتراع. ولذا من المتوقع أن يأتي الإقبال بصورة بائسة، ما عدا جمهور الحزبيين المنضبطين. ومن هنا مخاوف الديمقراطي.

وبالذات الرئيس أوباما الذي نزل أخيراً إلى ساحة الحملة لعله يقوى إن لم يكن على بقاء أغلبية ثمانية أصوات في مجلس الشيوخ بيد حزبه فعلى الأقل تقليل الخسارة وإبقاء العدد فوق الخمسين ولو بمقعد واحد. بخلاف ذلك، تصبح رئاسته ولغاية آخر 2016 بطة عرجاء كما يقال في واشنطن، في مثل هذه الحالة.
المصدر: صحيفة "البيان" الاماراتية