2024-11-29 11:55 م

هاجس الرئاسة يحكم المشهد التونسي!!

2014-11-01
باسم ماهر
خرج التونسيون من مرحلة الانتخابات والنتائج، ودخلوا في مرحلة مخاض إنتاج الحكومة الجديدة، ومحاولة رسم ملامحها، في انتظار معرفة الأب الراعي.
بهذا يمكن باختصار اختزال المشهد السياسي في تونس، التي باتت الانتخابات الرئاسية أبرز المؤشرات فيها لتكوين الأحلاف في كل من السلطة أو المعارضة. ففي هذا الزخم الكبير من التشتت، باتت بعض الأحزاب التي لم تنجح في الانتخابات التشريعية تفكر في الانقضاض على الرئاسة بمنطق ترشيح شخصية وحيدة لـ«القوى الديموقراطية».
كانت تلك صيحة خوف أطلقها رئيس المجلس التأسيسي المنتهية ولايته رئيس «حزب التكتل من أجل الحريات» المرشح للانتخابات الرئاسية مصطفى بن جعفر، لمواجهة الباجي قائد السبسي مرشح حركة «نداء تونس»، الذي يحمل آمالاً واسعة وكبيرة للفوز بهذا المنصب.
تلك الصيحة كان لها صدى لدى أحزاب أخرى سجلت انكساراً كبيراً في الانتخابات التشريعية كـ«الحزب الجمهوري» و«التحالف الديموقراطي» و«التيار الديموقراطي» و«المؤتمر من أجل الجمهورية»، التي اجتمعت أمس في أحد نزل العاصمة للتفاهم حول مقترح «المرشح الواحد» في مواجهة السبسي، في انتظار أن تحسم حركة «النهضة» موقفها في اختيار مرشحها التوافقي للمعترك الرئاسي، والتي من المنتظر أن تحسمها اليوم في انعقاد مجلس شورى الحركة.
الحركة الإسلامية باتت اليوم مثل عروس طلب ودها خطيبان، ففي الوقت الذي تقف فيه ككتلة نيابية ثانية في البرلمان الجديد ولها الثلث المعطل، فإن عدم اختيارها لرئيس منها و«جنوحها» لاختيار أحد المرشحين من خارج الحركة، جعلها في موقع مريح، على ما يؤكد قادتها في كل تصريحاتهم.
الموقع الموجودة فيه «النهضة» ومع ما تملكه من وزن انتخابي كبير، أثار شهية مرشحي الأحزاب «الديموقراطية» الذين فشلوا في الاستحقاق البرلماني، والقلقون من استئثار «نداء تونس» بالسلطة التنفيذية والتشريعية، وهو ما شكل الحجة التي يستند إليها لجر «النهضة» نحو دعم أحد المرشحين، وأبرزهم مصطفى بن جعفر والمنصف المرزوقي زعيما ضلعي الترويكا الحاكمة، اللذين تحالفا مع الحركة إبان انتخابات المجلس التأسيسي في العام 2011، بالإضافة إلى النجيب الشابي زعيم «الحزب الجمهوري»، الذي رفض أمس، أن يكون في موقع «الرئيس التوافقي».
الخطيب الثاني لـ«النهضة» يبقى «نداء تونس»، الذي عبّر على لسان أحد قيادييه، خميس قسيلة أن تشكيل حكومة حزبية تشارك فيها «النهضة»، يجب أن يمر عبر دعم الحركة الاسلامية لمرشحها للانتخابات الرئاسية الباجي قائد السبسي أو «عدم مساندة أي مرشح» للرئاسية.
وبرغم ذلك، أبدت «النهضة» في تصريحات قيادييها عدم تمسكها بالسبسي كمرشح توافقي، وحافظت على خطابها القائل إن كل الاحتمالات مفتوحة إلى أن يحسم «شورى الحركة» قراره غداً الأحد أو بعد غد الإثنين.
وبرغم هذا التفاوت، فالمؤشرات الأولى التي تأتي من داخل الحركة الإسلامية تبين أن هناك اختلافاً بين فريقين، بحسب تسريبات من داخل الحركة لـ«السفير». الفريق الأول يرى إمكانية التحالف مع «نداء تونس» ومشاركتها الحكم، وحجتهم في ذلك أن على الحركة أن تسعى للبقاء في الحكم في مقابل عدد مهم من الوزارات من الممكن أن يكون من بينها وزارة أو وزارتان سياديتان، أما الفريق الآخر فيدفع إلى عدم التحالف والبقاء في المعارضة ودعم مرشح آخر للرئاسة، وذلك لعدم استئثار «نداء تونس» بالسلطتين التشريعية والتنفيذية.
إلى ذلك، فإن مرشح «الاتحاد الوطني الحر» ورئيسه الملياردير الكبير سليم الرياحي ذهب إلى أن مرشح «النهضة» التوافقي قد مر عليه الزمن، مضيفاً على لسان نائبه محسن حسن أن له حظوظاً وافرة في الانتخابات الرئاسية وأن حزبه منفتح على أي تحالفات مع «النهضة» أو مع «نداء تونس» في المرحلة المقبلة.
كلام يحمل الكثير من الثقة في النفس، خصوصاً أن «الاتحاد الحر» حصل على 16 مقعداً في البرلمان الجديد.
من جهتها، فإن «الجبهة الشعبية» قالت إنها لن تدخل في أي تحالفات لاختيار المرشح الوحيد للانتخابات الرئاسية، وصيحة بن جعفر لاختيار رئيس واحد للتيارات الديموقراطية لا تعنيها، وتمسكت بمرشحها للانتخابات الرئاسية حمة الهمامي.
وسط كل هذا المخاض العسير، عقدت أمس، جلسة للحوار الوطني الذي ترعاه أربع منظمات كبيرة من المجتمع المدني وهي «الاتحاد العام التونسي للشغل» و«عمادة المحامين» و«المنظمة الوطنية لحقوق الانسان» و«اتحاد الأعراف»، الذي كان حسم في المسار الانتخابي في تونس، والذي أقر أمس بإجماع الأحزاب بأن رئيس الجمهورية المنتخب هو الذي يكلف رئيس الوزراء الجديد تشكيل الحكومة، ما يعني أن الحكومة الجديدة لن ترى النور إلا في العام المقبل، خصوصاً أن الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية ستجرى يوم 28 كانون الأول المقبل.
عن صحيفة "السفير" اللبنانية