2024-11-29 11:37 م

لغز الغارات المصرية على ليبيا: تأكيد.. ثم نفي!

2014-10-16
مصطفى بسيوني
ما زال موضوع التدخل العسكري المصري في ليبيا لغزاً، عكسته تسريبات من مسؤولين مصريين بتنفيذ غارات على مواقع للجماعات الاسلامية في هذا البلد، ومن ثم نفي رئاسي لهذه المعلومات.
وجاءت التسريبات بشأن الغارات على لسان مسؤولين مصريين كشفا لوكالة «اسوشييتد برس» عن ان الغارات الجوية المصرية استهدفت مواقع اسلاميين في بنغازي، كجزء من حملة تقودها مصر ضد الجماعات المتشددة، وتشمل تقديم التدريب للجيش الليبي.
وبحسب المسؤولين المصريين فإن هذه العملية قد جاءت بناء على طلب من الحكومة الليبية التي تتخذ من طبرق مقراً لها، بعد سيطرة الاسلاميين على طرابلس، والتي تحظى باعتراف دولي.
وأشار المسؤولان المصريان، اللذان تحفظا عن ذكر اسميهما، الى ان العملية هذه تشمل استخدام السفن الحربية المصرية كمركز قيادة قبالة سواحل طبرق، وبأنها قد تمتد لما بين ثلاثة وستة اشهر.
وفي رد فعل رسمي سريع على تلك التقارير، نفت رئاسة الجمهورية المصرية، في بيان اصدرته مساء أمس، أي مشاركة لقوات مصرية في قصف مواقع ليبية.
بدوره، قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية بدر عبد العاطي لـ«السفير» أن «ما نشر غير صحيح إطلاقاً»، مشدداً على ان «مصر لم تقم بأي عمليات في الأراضي الليبية».
من جهته، قال الخبير العسكري اللواء نبيل فؤاد، في حديث إلى «السفير»، إن «الموقف المصري المعلن لم يطرأ عليه أي تغيير، ويمكن ايجازه بأن القيادة المصرية ترفض القيام بأي عمليات في ليبيا، ولكن بإمكانها تقديم مساعدات بشكل غير مباشر، مثل تدريب قوات ليبية على الأراضي المصرية وتقديم خدمات لوجستية».
وأضاف فؤاد «لا أعتقد أن مصر ستدخل في هذا المستنقع، كما أنها ليست المرة الأولى التي تظهر تلك المزاعم، ففي آب الماضي نقلت (صحيفة «نيويورك تايمز») عن مصادر البنتاغون تأكيدها مشاركة مصر والإمارات في قصف على ليبيا، ثم أعلن اللواء (الليبي المتقاعد خليفة) حفتر أن قواته هي من قامت بتلك الغارات... وحتى الآن لا يوجد ما يدعو مصر لتغيير موقفها».
بدوره، اكد مدير «منتدى الحوار الاستراتيجي» الخبير العسكري عادل سليمان على نفس الموقف، قائلاً لـ«السفير» إنه «من حيث المبدأ لا يمكن استبعاد أي احتمال، خاصة أن الأمور تتطور بوتيرة سريعة، ولكن كل ما يقال عن مشاركة مصر في طلعات جوية أو عمليات داخل ليبيا يأتي من دون توثيق ومن دون تأكيد رسمي».
وأضاف «طالما لا يوجد إعلان رسمي من الجانب المصري فلا يمكن اعتبار هذا الحديث جدياً، خاصة ان مصادره مجهولة. والأمر المؤكد أن مصر على تعهدها بدعم السلطة الشرعية في ليبيا وتقديم المساعدات اللازمة لها لكي تستطيع بناء الدولة ولكن من دون القيام بتدخل عسكري في الأراضي الليبية».
الملاحظ أن تجدد الحديث حول مشاركة مقاتلات مصرية في قصف على مواقع ليبية جاء بعد ايام على زيارة قام بها رئيس الحكومة الليبي للقاهرة، والتقى خلالها برئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي وكبار المسؤولين في الدولة.
كما شهدت الفترة هذه إعلان «مجلس شباب الإسلام» في مدينة درنة مبايعتها لتنظيم «داعش»، علماً بأن هذه المدينة لا تبعد عن الحدود المصرية سوى 65 كيلومتراً بما يمثل تهديدا مباشرا للأمن المصري.
كما يتزامن الحديث عن تدخل مصري عسكري في ليبيا مع إعلان قوات اللواء حفتر القيام بعملية واسعة أطلق عليها «عملية الكرامة» ضد الجماعات المسلحة في بنغازي.
وبالأمس، شن الجيش النظامي الليبي والقوات الموالية لحفتر هجوما جديدا في محاولة لاستعادة مدينة بنغازي، التي سقطت في ايدي ميليشيات «انصار الشريعة» المتشددة، وكان من ابرز نتائجها حتى الآن سيطرة الجيش الليبي على مقر «كتيبة 17 فبراير» الإسلامية، بعد قتال سقط خلاله 12 قتيلاً.
وقال المتحدث الرسمي باسم رئاسة الاركان العامة للجيش العقيد أحمد بوزيد المسماري إن «وحدات من الكتيبة 21 التابعة للقوات الخاصة والصاعقة إضافة إلى الكتيبة 204 دبابات وعددا من المواطنين المتطوعين مع الجيش في مواجهة الارهاب تمكنوا بعد اشتباكات دامت أكثر من 8 ساعات من السيطرة على كتيبة 17 فبراير الإسلامية»، لكن قياديا في الكتيبة نفى سيطرة الجيش على مقر الكتيبة التي تعد أولى الكتائب من الثوار السابقين التي تشكلت لمواجهة نظام معمر القذافي، فيما شهد مقر الكتيبة 21 التابعة للقوات الخاصة هجمات من إسلاميين استخدموا فيها أنواعا مختلفة من الأسلحة.
وسبق ذلك، غارات شنتها مقاتلات تابعة للجيش الليبي على مقر كتيبة «الشهيد راف الله السحاتي» الاسلامية في مزرعة القذافي السابقة في منطقة الهواري جنوبي بنغازي.
وقال حفتر، في بيان بثته قنوات ليبية موالية له، إن «تحرير بنغازي واستقرارها هما المرحلة الاستراتيجية الأهم في معركة الجيش ضد الارهاب لأنها ستفتح الباب أمام تحرير كافة ربوع الوطن من الارهابيين العابثين باستقراره وأمنه ووحدته». وأضاف ان «الساعات والأيام المقبلة ستكون صعبة على الليبيين... ولكن لا بد من ذلك لكي نعيد الامن والامان».
وللمرة الاولى، اكد حفتر انه «سيعلن انتهاء خدمته العسكرية عقب خوضه معركة تحرير بنغازي» بعدما كان يعتمد الغموض حول نواياه الحقيقية، الا انه لم يوضح ما اذا كان يسعى الى دخول المعترك السياسي.
المصدر: صحيفة "السفير" اللبنانية